تنبئ عملية بئر السبع وما سبقها من حوادث طعن فردية، بعودة هذه الهجمات بقوّة أكبر وتوسّع دائرتها
من جهته، أكد المفوض العام للشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي، عقب وصوله إلى مكان العملية، «(أنّنا) لم نشهد عملية قاتلة مثلها منذ فترة طويلة». وفي حين هاجمه مستوطنون، مُردّدين هتافات «فاشل فاشل»، قال شبتاي، إنه «في أعقاب العملية، ضاعفنا جهوزيتنا على المستوى القطري خشية تنفيذ عمليات مشابهة». وفي الوقت نفسه، دفعت سلطات الاحتلال بقوات كبيرة من الشرطة و«الشاباك» نحو قرية حورة، ودهمت منزل المنفّذ، واعتقلت عدّة فلسطينيين، من بينهم أخوا الشهيد - اللذان أشارت بعض التقارير الإسرائيلية إلى أن الأجهزة الأمنية تعتقد بأنهما ساعدا المنفّذ في تأمين أدواته -، كما أغلقت كلّ مداخل القرية. والجدير ذكره، هنا، أن الشهيد أبو القيعان متزوّج وأب لخمسة أطفال، وقضى ما مجموعه 4 سنوات داخل سجون العدو، وعائلته طردها الاحتلال من قرية عتير إلى قرية حورة عام 2013. وفي هذا السياق، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومر بارليف، إن «هذه عملية طعن قاسية وصعبة، نفذها شخص كان من الأفضل أن لا يتمّ إطلاق سراحه من السجن عام 2019»، مضيفاً: «لن نرتاح حتى نقضي على الإرهاب القومي، ونلاحق المخرّبين أينما كانوا». وفي حديث بارليف ما يطعن في التقارير الإسرائيلية التي حاولت تصوير أبو القيعان على أنه «إرهابي ينتمي لتنظيم داعش، وقد سُجن بهذه التهمة»، إذ نسب بارليف العملية إلى «الإرهاب القومي»، أي الفلسطيني المتعلّق بالصراع مع المستوطنين، وليس «الديني»، معتبراً أن أبو القيعان «مخرّب»، أي مقاوم بتعبير الصهاينة. وتأتي عملية بئر السبع بعد نحو أسبوع من إعلان مستوطنين تشكيل ميليشيات مسلّحة تحت اسم «سيريِت برئيل»، على اسم القناص الذي قُتل على حدود غزة، وهو برئيل شموئيلي، وتهدف إلى تنفيذ اعتداءات ضدّ الفلسطينيين في النقب ومواجهتهم. وقبل يومين، هاجمت هذه الميليشيا شابّاً من مدينة رهط، واعتدت عليه بالغاز والهراوات وأصابته بجروح.
وفي تعليقه على الحدث، اعتبر موقع «والا» الإسرائيلي أن التصعيد الذي حذّرت منه المنظومة الأمنية بدأ بالفعل قبيل رمضان؛ إذ شهدت فلسطين المحتلّة 8 عمليات خلال أقلّ من شهر، أوقعت 4 قتلى و13 إصابة، ومن بين المصابين 8 من عناصر شرطة العدو. وفي غالبية هذه العمليات استخدم المنفّذ أسلوب الطعن بآلات حادّة، بينما أصيب اثنان من جنود الاحتلال في عملية دهس داخل بلدة السيلة الحارثية غرب جنين. وتنبئ عملية بئر السبع وما سبقها من حوادث طعن فردية، بعودة هذه الهجمات بقوّة أكبر وتوسّع دائرتها، بخلاف بداية العام الجاري والأشهر التي سبقته، حيث تركّزت الحوادث في الضفة الغربية، واقتصرت في غالبية الأوقات على إطلاق النيران الخاطفة تجاه حواجز جيش العدو وجنوده في اقتحامات القرى والمدن الفلسطينية. وبحسب ليمور من «إسرائيل هيوم»، فإن «على الرغم من وفرة العوامل المساعدة على التصعيد، إلا أن تأثير الجهات الكابحة للانزلاق لتصعيد (الوضع الاقتصادي، وتأثير الدول العربية المعتدلة، والتعب العام في الساحة الفلسطينية من الصراعات) سيكون بارزاً وفي المقدمة». ومع ذلك، فإن «الهجوم يهدد بخلط الأوراق؛ لذا يجب أن يبذل النظام السياسي والأمني الآن جهوداً متزايدة لإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح حتى لا يكون الشهر القادم أكثر عنفًا ودموية من أي وقت مضى».