غزة | بعد أشهر من معركة "سيف القدس" في أيار الماضي، تتواصل اعترافات دولة الاحتلال بقدرات المقاومة الفلسطينية، وآخرها تلك المرتبطة بالوصول إلى المعلومات الأمنية الخاصّة التي توفّرها منظومة الأمن الإسرائيلية للمستوطنين، في منطقة غلاف غزة. ومع أن هذه الاعترافات تأتي بعد وقت ليس بقصير من انتهاء المعركة، إلّا أن مصدراً في المقاومة الفلسطينية يعتبرها، في حديث إلى "الأخبار"، "محاولة من قِبَل الاحتلال لتبرير جرائمه ضدّ المنازل والأبراج السكنية في قطاع غزة، خلال المعركة الأخيرة". ويشير المصدر إلى أن "قدرات المقاومة في مجال السايبر سرّية، لكنّها تطوّرت بشكل كبير خلال الأعوام الماضية، وأصبحت أداة مؤثّرة في الحرب مع العدو".وفي السنوات الماضية، تمكّنت المقاومة الفلسطينية من تنفيذ عمليات اختراق نوعية ضدّ جيش الاحتلال. كما استطاعت الوصول إلى معلومات متقدّمة، كان من أبرزها تلك التي حازتها خلال حرب عام 2014، عندما حصلت على تسجيلات لعمليات نفّذها المقاومون خلف خطوط العدو، بما في ذلك عمليتا "زيكيم البحرية" شمال غزة، و"أبو مطيبق" شرق مخيم المغازي وسط القطاع. وفي السياق نفسه، أكد المصدر أن إفشال عملية "مترو حماس" خلال معركة "سيف القدس"، كان نتاج جهود استخبارية سيبرانية وميدانية، بالإضافة إلى تعاون خارجي مع المقاومة. ولا تقتصر قدرات "السايبر" لدى الفلسطينيين على تلك التي تمتلكها حركة "حماس"، بل إن الفصائل الفلسطينية الأخرى أنشأت، خلال السنوات الماضية، وحدات خاصّة في هذا المجال، بات لها تأثير واضح على دولة الاحتلال. والأكيد أن هذه القدرات لا تزال تتنامى مع مرور الوقت، خصوصاً أن فصائل المقاومة أضحت تعتبرها أساسية في مواجهة العدو، وفي إدارة المعركة معه، قبل المواجهة وأثناءها وبعدها.
تراقب المقاومة كافّة مجموعات أخبار «واتس آب» الخاصّة بمستوطنات غلاف غزة


وكانت قناة "كان" العبرية كشفت أن حركة "حماس" تخترق، عبر تطبيق "واتس آب"، مجموعات أخبار في دولة الاحتلال، تضمّ عناصر من الجيش والمنظومة الأمنية، ثمّ تعمد إلى التواصل مع الشخص الذي يعمل في الأجهزة الأمنية ويرسل الأخبار إلى تلك المجموعات، لمعرفة التفاصيل الكاملة. ولا تكتفي المقاومة بمتابعة المجموعات الإخبارية، بل تراقب كافّة مجموعات الأخبار الخاصّة بمستوطنات غلاف غزة، و"عندما يقوم ضابط الأمن بإرسال تحذير بشأن إمكانية وقوع عملية، تعرف المقاومة بالأمر، وهذا يساعدها كثيراً في تغيير الوضع، واتخاذ قرار بتنفيذ العملية أو إلغائها"، وفقاً للقناة. ونتيجة تأثير المعلومات التي تحصّلت عليها المقاومة، وضررها الكبير على الحياة اليومية في دولة الاحتلال، قرّر جيش العدو، خلال المعركة الأخيرة، استهداف منظومة "السايبر" التابعة لـ"حماس" في غزة، واغتيال قائدها، جمعة الطحلة.
كذلك، أشارت "كان" إلى أن هذه الوحدات شكّلت مصدر قلق كبير لجيش العدو، نتيجة نجاحاتها الاستخبارية، متحدّثة عن أن حركة "حماس" جنّدت، في البداية، القراصنة الذين عملوا في منطقة غزة، وحاولت الاستفادة منهم. وأوضحت أن وسائل عمل هؤلاء "الصيّادين" متنوّعة، وأسهلها جمع المعلومات من المساحة المكشوفة، و"هو ما نُطلق عليه باللغة العلمية التصفّح"، متابعة أنهم "يقومون بجمع المعلومات عن طريق تصفّح الإنترنت، حيث يستطيعون جمع معلومات عن أشخاص، ويستطيعون جمع معلومات عن منظمات". وفي الإطار نفسه، ذكر المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" العبرية، تال ليف رام، أن المنظومة الأمنية في دولة الاحتلال لاحظت، خلال الأشهر الأخيرة، أن حركة "حماس" بدأت تبذل جهداً كبيراً في إعادة تأهيل قدراتها العسكرية وتطويرها، بالاستفادة من الدروس المستخلَصة من المعركة الأخيرة، بما يشمل مجالات "السايبر" (الحرب الإلكترونية)، والزوارق غير المأهولة، والدفاع الجوّي، والصواريخ المضادّة للدبابات وغيرها.