غزة | تزامناً مع «مسيرة الأعلام» في مدينة القدس المحتلة، والتي جرى تغيير مسارها تجنُّباً لاستفزاز الفلسطينيين بعد مباحثات قادها الوسيط المصري أفضت إلى ترسيخ الخطوط الحمر للمقاومة، عاد الفلسطينيون في قطاع غزة إلى تصعيد الضغط الشعبي الخشن على طول حدود القطاع، وذلك بعد ساعات من مسيرات عمّت مدن غزة رفضاً للاستفزازات في القدس. ومنذ ظهر أمس، أطلق ناشطون فلسطينيون دفعات كبيرة من البالونات الحارقة تجاه مستوطنات الغلاف، ردّاً على «مسيرة الأعلام»، ما أدى إلى وقوع أكثر من 20 حريقاً كبيراً في تلك المستوطنات. ومع تقدّم ساعات المساء، دخلت المزيد من الأدوات الخشنة على الفعاليات، ليتمّ، مثلاً، إشعال إطارات السيارات على طول الحدود، إضافة إلى عودة عمليات الإرباك الليلي، والتي تَقرّر أن تستمرّ حتى نهاية الأسبوع على أقلّ تقدير، للضغط على حكومة الاحتلال لوقف استفزازاتها في القدس، فضلاً عن تضييقها على القطاع بعد معركة «سيف القدس». وأعلنت سلطات العدو اندلاع عشرات الحرائق في أحراج مستوطنات الغلاف نتيجة البالونات الحارقة المنطلقة من غزة، ودفَع بمزيد من فرق الإطفاء إلى المنطقة، إلى جانب تفعيل المزيد من بطّاريات «القبّة الحديدية» خشية تصعيد أكبر. كذلك، أصدرت الجبهة الداخلية التابعة لجيش الاحتلال تعليمات إلى رجال الإطفاء بمنع الاقتراب من الحدود خوفاً من تعرّضهم لعمليات إطلاق نار من قِبَل المقاومة. وذكرت «القناة الـ12» العبرية أن القيود اقتصرت على عمل هذه الوحدات فقط، فيما لم يتمّ فرض قيود مماثلة على المزارعين الذين يعملون بالقرب من الحدود.
أبلغت إسرائيل الوسيط المصري أن الردّ على البالونات سيكون بعد انتهاء «مسيرة الأعلام»

وأشارت القناة نفسها إلى أن دولة الاحتلال توعّدت حركة «حماس» بردّ قاسٍ على إطلاق البالونات، وأنها أبلغت الوسيط المصري أن الردّ سيكون بعد انتهاء «مسيرة الأعلام»، وأن الجيش يجري مشاورات في هذا الخصوص. في المقابل، علمت «الأخبار»، من مصادر «حمساوية»، أن الاتصالات بين الحركة والمصريين كانت على مدار الساعة، وأن الفصائل الفلسطينية أبلغت الجانب المصري أن أيّ ردّ إسرائيلي على إطلاق البالونات سيقابَل بردّ مكافئ من قِبَل المقاومة، وأن أدوات الضغط الشعبي لن تتوقّف طالما واصل العدو سياسته المشدّدة تجاه غزة. وكانت الاتصالات التي قادها الوسيط المصري أفضت إلى تراجع الاحتلال عن استفزازاته التي يمكن أن تؤدي إلى تفجّر الأوضاع، إذ سمح للمستوطنين الذي بلغ عددهم قرابة 3 آلاف (كانوا 20 ألفاً العام الماضي) بالوجود أمام باب العمود فقط، من دون السماح لهم باقتحام المسجد الأقصى من هناك، إضافة إلى تغيير مسار المسيرة لتَعبُر بعيداً عن الحيّ الإسلامي، وهو ما نزع فتيل الأزمة ودفع الفصائل إلى تجنُّب الردّ الناري، بحسب المصادر نفسها، التي أكدت أن المقاومة فرضت إرادتها على العدو من خلال المباحثات التي جرت أمس، وذلك بعد رسائل جدية نُقلت إلى الإسرائيليين بنيّتها الردّ على الاستفزاز. وأشارت إلى أن الفصائل وضعت خطوطاً حمراً لهذه المسيرة تتعلّق بدخول الحيّ الإسلامي واقتحام الأقصى عبر باب العمود، واصفةً ما حدث أمس بأنه انتصار لإرادة المقاومة التي نجحت في فرض معادلة «غزة - القدس».
بالتوازي مع ذلك، وفيما واصلت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تحليقها المكثّف في أجواء غزة لرصد تحرّكات المقاومة، وتحسّباً لتصاعد الأحداث وإمكان إطلاق الصواريخ، خرج الآلاف من الفلسطينيين في مسيرات حاشدة وغاضبة في كلّ من جباليا شمال القطاع ومدينة غزة ومدينة خانيونس جنوبه، تنديداً بـ»مسيرة الأعلام». وأكدت القوى الوطنية والإسلامية، خلال المسيرات، أن المقاومة في غزة أفشلت مخطّطات الاحتلال في القدس، فيما أحرق المتظاهرون في محافظة خانيونس صور رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت. وفي الضفة المحتلة، اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وجيش الاحتلال، بعدما قام الشبان برشق جنود العدو بالحجارة والزجاجات الفارغة وإشعال إطارات السيارات، ليردّ الجيش الإسرائيلي بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلّف بالمطاط، فيما لم يبلّغ عن وقوع أيّ إصابات، باستثناء عشرات الإصابات بالاختناق. وجنوب الضفة، قمع جيش الاحتلال مسيرة في بيت لحم، خرجت من منطقة باب الزقاق، مروراً بشارع القدس - الخليل، وصولاً إلى المدخل الشمالي لبيت لحم عند محيط مسجد بلال بن رباح. كما شهدت الخليل اندلاع مواجهات عند مدخل مخيم العروب شماليّ المدينة، أصيب خلالها العشرات بالاختناق من جرّاء استنشاقهم الغاز، فيما أغلق العدو مدخل المخيم بأسلاك شائكة، تحسّباً لاندلاع مواجهات تزامناً مع «مسيرة الأعلام»، بينما تعمّد جنوده إطلاق قنابل الغاز والصوت صوب نوافذ المنازل وباحاتها. وكانت الفصائل الفلسطينية، على اختلاف توجّهاتها، دعت الفلسطينيين في الداخل والقدس إلى النفير العام والاحتشاد في ساحات المسجد الأقصى والبلدة القديمة، للردّ على مسيرة المستوطنين التي تحميها شرطة الاحتلال.