مجزرة عائلة الحديدي سبقتها مجازر أخرى نفذتها طائرات إسرائيلية، فيما لا تزال قصص «الناجي الوحيد» تتكرر منذ نحو أسبوع مع أكثر من عائلة، عدا بعض العائلات التي قضى جميع أفرادها تحت الأنقاض. يمكن وصف ما يحدث في الشوارع وبين البيوت بأنه زلزال بأعلى مقياس. كل شيء بدا مختلفاً جداً هذه المرة، كما يقول كثيرون من سكان القطاع، مقارنة بحروب ثلاث متتالية عايشوها، يفصل بين كل منها ما يقرب من العامين، مع نحو سبع سنوات هي الفارق بين الحرب الأخيرة في 2014 والجارية.
حتى الصحافيون والمسعفون العاملون في الميدان يقولون إن المشهد قاسٍ للغاية رغم تغطيتهم حروباً ومجازر سابقة، فضلاً عمن انتشل بنفسه أفراداً من عائلته أو وجدهم ينتظرونه شهداء في ثلاجات الموتى بالمستشفيات. أبراج ومقرات حكومية دُمرت بالكامل، ومنازل هُدمت على رؤوس ساكنيها، وحتى الشوارع حُفرت وكذلك البنى التحتية من شبكات المياه والكهرباء، وعشرات من الكوادر يعملون في الشوارع بإمكانات بسيطة بعدما استهدفت مكاتبهم داخل البنايات التي سُويت بالأرض.
مُسحت أسماء عشر عائلات من السجل المدني بأكملها
يقول أبو صهيب عن أطفاله الشهداء: «هم فداء للقدس، وقد سبقتني زوجتي إلى الجنة». أما البقية فلا يجدون سوى عبارة «الله يسهل عليهم»، هي نفسها التي رددها أهالي القطاع في وداع جيرانهم وأصدقائهم وزملاء عملهم. وارتفعت حصيلة الشهداء من الأطفال إلى 53 من بين 181 شهيداً حتى كتابة هذا النص، أي بنسبة تقارب 30% من الشهداء، وهي عالية جداً حتى الآن. كما مُسحت أسماء عشر عائلات من السجل المدني بأكملها، فيما وص عدد الإصابات إلى 1225 حتى هذا اليوم، في إبادة يرتكبها الاحتلال بحق مليوني غزي، آخرها مجزرة راح ضحيتها 33 شهيداً خلال سلسلة غارات فجر أمس (الأحد) فقط، دون أن يتسع العقل أو الوقت لرواية قصص من لا يزالون تحت الركام.
يقول أحد المعزّين: «ما يُثلج القلب هو مشهد صواريخ المقاومة التي وصلت إلى عمق الكيان تل أبيب وبلدات غلاف غزة». فرحة ممزوجة بالأسى يعبر عنها الفلسطينيون المكلومون بزغاريد يطلقونها بعد كل رشقة تزين سماء المدينة، لعلها تشفي غليلهم.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا