وفي ظلّ استمرار الاحتلال في خطواته ضدّ العائلات المقدسية، وتقليص الوقت المتاح لديها، ناشد أهالي الحيّ، الحكومة الأردنية و"وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (الأونروا)، الضغط على السلطات الإسرائيلية لمنع إخلائهم من المنازل التي أسكنتهم فيها السلطات الأردنية في خمسينيات القرن الماضي بعد تهجيرهم في عام النكبة، وكان ذلك وفق اتفاق تنازَلت بموجبه العائلات الفلسطينية عن مستحقات اللاجئين ومخصّصاتهم، مقابل تسجيل الأراضي باسمها من قِبَل السلطات الأردنية. وبفعل اشتداد الضغط الفلسطيني وتصاعُد الاتهامات ضدّ الأردن خلال الأسبوع الماضي، صدّقت الحكومة الأردنية، أخيراً، على 14 اتفاقية سابقة موقّعة بين وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية وأهالي حيّ الشيخ جراح في عام 1956، كانت قد اختفت من الأرشيف الأردني، إلا أن العائلات الفلسطينية زوّدت السلطات الأردنية بالنسخ الأصلية منها، لتقوم الأخيرة بتسليمها مصادَقاً عليها إلى وزارة الخارجية الفلسطينية والأهالي ومحاميهم. كما سلّمت خارجية الأردن شهادة تبيّن أن وزارة الإنشاء والتعمير كانت قد عقدت اتفاقية مع "الأونروا" لإنشاء 28 وحدة سكنية في حيّ الشيخ جراح، وكذلك اتفاقيات فردية مع الأهالي لإقامة مساكن لهم في الحيّ، تعهّدت بموجبها بأن يتمّ تفويض وتسجيل ملكية الوحدات السكنية بأسمائهم، لكن نتيجة "حرب عام 1967، فإن عملية التفويض وتسجيل الملكية لم تتمّ"، وفقاً للتصريح.
يوماً بعد يوم، تتزايد الاتهامات للحكومة الأردنية بالتواطؤ لتهجير العائلات المقدسية
ميدانياً، يشهد حيّ الشيخ جراح مواجهات يومية بين الفلسطينيين وشرطة الاحتلال، التي تسعى بشكل حثيث إلى قمع أيّ تظاهرات أو وقفات تضامنية من سكّان الحيّ المقدسي. ولذا، تتواصل حملات الاعتقال ضدّ الشبّان الفلسطينيين من أهالي الحيّ والآخرين المتضامنين معهم. إزاء ذلك، حذّرت الفصائل الفلسطينية دولة الاحتلال من مواصلة سياساتها ضدّ المقدسيين، وخاصة في "الشيخ جراح"، فيما دعت حركة "حماس" مكوّنات الشعب الفلسطيني وفصائله إلى تبنّي استراتيجية عمل مقاوم، لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في الحيّ، وتعزيز صمود سكّانه، واصفة ما يجري هناك بـ"السلوك العدواني والعنصري الخطير".
وتخشى عشرات العائلات الفلسطينية في "الشيخ جراح" من طرد وشيك من منازلها التي تعيش فيها منذ عام 1956 لمصلحة مستوطنين، فيما تقول مؤسّسات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية إن قرارات الإخلاء تأتي ضمن مخطّط لتهويد مدينة القدس، بالإضافة إلى هدم البيوت ومصادرة الأراضي وغيرها.
وقدّمت، أمس، مؤسّسات أهلية تُمثّل سكّان الحيّ التماساً إلى محكمة الاحتلال العليا، مطالبة إياها بتجميد عملية تسجيل قسيمة أرض يدّعي يهود ملكيتهم لها غرب الحيّ، مؤكدة أن الإجراءات المتخذة تحرم الفلسطينيين حقوقهم في العقارات، من دون إعلام القاطنين فيها حتى. ولفتت إلى أنه يتمّ الترويج للإجراءات ضدّ سكّان "الشيخ جراح" على أساس قرار من حكومة الاحتلال يحمل عنوان تقليل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق تنمية في القدس الشرقية، لكنه في الحقيقة يكشف النيّات الحقيقية في نقل ملكية الأرض من أيدي الفلسطينيين إلى مستوطنين، وخاصة في ظلّ عدم نشر إجراءات التسوية للأراضي للعامة، إلى جانب التسجيل السريع والمفرط لعملية التسوية مقارنة بما حدث في باقي القسائم، بشكل يثير الشبهات حول النية في سلب الأرض بصورة سريعة.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا