غزة | فجأة، بعد 17 عاماً على رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في ظروف لا تزال غامضة بعدما عجزت لجان التحقيق التي ألّفتها السلطة عن كشف المتسبّب في وفاته (على رغم وجود تأكيدات باستخدام مواد سامّة للتخلص منه)، أفاقت أرملة الراحل، سهى الطويل (عرفات)، لتهاجم شخصيات في السلطة، كانت قد تعرّضت - كما تقول - لهجوم منها بسبب الموقف الذي أطلقته في شأن الاتفاق الأخير بين الإمارات والعدو الإسرائيلي. ومع أن سهى كانت بعيدة عن الضوء الإعلامي، إلا أنها خرجت قبل أيام على قنوات مصرية لتهاجم مَن انتقد الاتفاق، وتتوعّد بأنها ستعود إلى رام الله لتتابع ملف زوجها.الطويل (57 عاماً)، التي كانت سكرتيرة الرئيس الراحل، قادها الحظ لتصير «السيدة الأولى» بارتباطها به سنة 1990 وتعلن اعتناقها الإسلام (هي من أصول مسيحية). لكنها منذ وفاة عرفات في عام 2004، اختفت عن الأنظار مع ابنتها زهوة التي تَخرّجت أخيراً في إحدى الجامعات الفرنسية، قبل أن تُعيّنها السلطة دبلوماسية ضمن الطاقم الفلسطيني في الأمم المتحدة، علماً بأن السنوات الأخيرة للزوجة والابنة أثناء حياة «أبو عمار» قضتاها في القاهرة وباريس، وبعد وفاته استقرّتا في تونس حيث حصلت سهى على الجنسية هناك قبل أن تُسحب منها، لتقطن أخيراً في مالطا. تقول الطويل إن عرفات رفض مشاركتها إيّاه مقرّه في المقاطعة خلال الحصار، لتلتقي به أخيراً لحظة خروجه للعلاج في باريس. وقد ظهرت على قناة «الجزيرة» إبّان مكوث زوجها في المستشفى الفرنسي، مُتحدّثة عمّن سمّتهم «مستورثين قادمين لإعلان وفاة عرفات».
كان ذلك التصريح الوحيد لها، قبل أن تلتزم الصمت إزاء الفريق الذي دفن زوجها، لتعود بعد 17 عاماً وتعلن رغبتها في التحقيق في اغتيال عرفات، بحماية عربية من الإمارات والأردن ومصر والسعودية. وطوال السنوات السابقة، توارت سهى عن الأضواء تماماً، باستثناء ما كان يثار عنها من علاقات مع عائلة الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، وتحالفاتها الاقتصادية مع زوجته ليلى الطرابلسي، وإنشائهما مدرسة بالمشاركة معها. وهي أقرّت، في لقاء تلفزيوني، بمشاركتها إيّاهما عام 2007 بناء مدرسة تبرّعت فيها بالأرض التي استأجرها عرفات لابنته، إلى جانب اقتراضها 200 ألف دولار من أجل هذا المشروع. لكن بُعيد الأحداث في تونس، أصدر الأمن هناك مذكرة قبض دولية بحقها.
تحتمي أرملة عرفات بأربع دول عربية سبق أن ضغطت على عباس


منذ ذلك الوقت، احتمت الطويل بأطراف عرب هم أنفسهم الذين مارسوا ضغطاً سياسياً عام 2015 على رئيس السلطة، محمود عباس، ليقبل مصالحة "فتحاوية" داخلية تعيد المفصول محمد دحلان إلى حركة «فتح» مجدداً. رَفَض عباس هذه العروض، معلناً أنه لن يقبل عودة «أصابع تحاول اللعب في الساحة الفلسطينية». آنذاك، تزامنت الضغوط على عباس مع نشر قيادات مقرّبة من دحلان صوراً للقائه، بصحبة القيادي في تيّاره سمير المشهراوي، أرملة عرفات. وترافق هذا مع تسريبات حول تحالفات في الخفاء بين شخصيات مناوئة لعباس، أبرزها دحلان وسلام فياض، إلى جانب إمكانية التحالف مع القيادي الأسير لدى الاحتلال مروان البرغوثي، وهو الأمر الذي كان يتكرّر كلّما أُعلنت نية إجراء انتخابات محلية، أي في 2016 و2020.
أما الآن، مع الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي، وموقف السلطة الساخط عليه، خصوصاً في ظلّ الحساسية العالية من دور دحلان في إتمامه، خرجت سهى عرفات بوصفها «السيدة الأولى... ليرضَ من يرضى والي مش عاجبه يشرب من بحر غزة»، كما قالت هي في لقائها مع الإعلامي الشهير وائل الأبراشي، معلنةً رفضها انتقاد أبو ظبي. وبعيد تصريحاتها، استدعت وزارة الخارجية شقيقها المُعيّن سفيراً فوق العادة للسلطة في قبرص بتهم عديدة، وهو ما وصفته أرملة الرئيس الراحل بأنه خطوة انتقامية، في حرب تقودها انتصار أبو عمارة، مديرة مكتب «أبو مازن». وعرفات، التي تحتمي بالدول العربية الأربع المذكورة أعلاه، لم تغفل عن أن تتحدّث عن قيمة الراتب الذي تتلقاه من السلطة، وهو عشرة آلاف يورو شهرياً، لكن هجومها قابله صمت من ديوان الرئيس لاعتقاده، كما تنقل مصادر، بأن مَن يقف خلف الهجوم هو دحلان، خاصة بعد تهديد الطويل بالاحتماء بأطراف عرب إذا لزم الأمر.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا