القاهرة | بدأت مصر، خلال الأيام الماضية، حملة ضغوط مكثّفة على «حماس»، تضمّنت تجديد الهجوم الإعلامي عليها، وتوجيه اتهامات إليها بالمسؤولية عن سوء أوضاع الشعب الفلسطيني على رغم «الجهود المصرية» لتحسينها طوال السنوات الماضية، فضلاً عن إعادة تفعيل اتهامات «الأخونة» والعمل وفق أجندة جماعة «الإخوان المسلمين»، بالتزامن مع سلسلة ضغوط تشمل إجراءات اقتصادية وسياسية لإجبار الحركة على اتخاذ موقف مغاير من الإمارات خلال الأسابيع المقبلة. وعلى رغم أن الاتصالات جارية حالياً بين القاهرة ورام الله لتهدئة موقف السلطة، فإن موقف «حماس» حالياً هو الأهمّ بالنسبة إلى مصر، التي تَلقّت «أمراً» إماراتياً بالضغط على الأطراف الفلسطينيين كافة من أجل قبول الدخول في مفاوضات ستكون أبو ظبي شريكة فيها هذه المرّة إلى جانب القاهرة. وهي ضغوط توازيها أخرى مماثلة من الأردن، الذي يريد من الفلسطينيين قبول الأمر الواقع الذي فرضته الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والذي ستتّبعه دول عربية أخرى، وفق ما تكشفه مصادر مصرية مطّلعة.ويأتي هذا التحرّك المصري على رغم التحسّن النسبي خلال السنتين الأخيرتين في العلاقة مع «حماس»، والتنسيق الكبير بينهما على جميع المستويات، الأمر الذي مهّد لعودة شبه كاملة للعلاقة، مع تقديم تسهيلات إلى الغزّيين أكثر من أيّ وقت مضى، منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة قبل ستّ سنوات. لكن ضغوط أبو ظبي، المدعومة أيضاً من واشنطن وتل أبيب، دفعت إلى التوتير، خاصة في ظلّ التشابك المصري - الإماراتي في ملفات كثيرة، في مقدّمتها المجال الاقتصادي. ووفق المصادر، تتضمّن سياسة «الضغوط القصوى» على «حماس»، بطلب إماراتي، جميع الخيارات المتاحة، بما فيها تشديد الحصار على قطاع غزة بصورة أقسى مما سبق، ومحاول إقصاء الحركة من المشهد السياسي، وتقييد خروج قياداتها من القطاع ودخولها إليه خلال الأسابيع المقبلة.
كذلك، أبلغ المسؤولون الإماراتيون نظراءهم المصريين غضبهم من «الإساءات» التي تعرّض لها محمد بن زايد في الشارع الفلسطيني (كحرق صوره ودوسها خلال المسيرات)، طالبين منهم نقل تهديد فحواه أنه في «كلّ مرة يُهان فيها أيّ فرد من الأسرة الحاكمة في الإمارات علناً، ومن دون تصدٍّ من الأمن، سيكون ثمن ذلك غالياً على الجميع»، خاصة أن «ما حدث عند إعلان اتفاق التطبيع لم يكن جيداً... الإمارات لديها قدرة محدودة على التسامح وصبرها سينفد قريباً». وبحسب ما علمته «الأخبار»، فإن الأجهزة المصرية باتت على علم بنية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة أبو ظبي خلال أسابيع، وهي الخطوة التي ستراقب فيها الإمارات ردود الفعل في الشارع الفلسطيني قبل اتخاذ «إجراءات قاسية بحق حماس خاصة»، وكذلك السلطة الفلسطينية التي تقول القاهرة إنها وصلتها منها رسائل إيجابية مضمونها العدول عن المواقف الرسمية السابقة، لكن تدريجياً.
من جهتها، أبلغت مصر الإمارات، بصورة رسمية، تقديرها أنه توجد «فرصة حقيقية لاستكمال المسار الدبلوماسي»، ولا سيما مع توقع «تراجع أصوات المعارضة الفلسطينية قريباً»، في ظلّ وعود إماراتية بتحقيق المزيد من المكتسبات لجميع الأطراف وعلى المستويات كافة، سواء لـ«فتح» و«حماس»، أم في العلاقات مع إسرائيل، لكن ذلك مرهون بفوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات الأميركية المقبلة، من وجهة نظر أبو ظبي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا