وجرت المداولات في مقرّ وزارة الأمن في الكرياه في تل أبيب، وترأسها رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، ورئيس «الشاباك» ناداف أرغمان، بمشاركة قادة الأقسام العسكرية والاستخبارية، وخاصة المسؤولين في «الشاباك» عن منطقتي القدس والضفة.
في المعطيات، كشف المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوءاف ليمور، وجود خلاف بين المسؤولين الأمنيين حول ردود الفعل المتوقعة في حال تنفيذ مخطط الضم وفرض «سيادة» إسرائيل على مناطق في الضفة. ولفت إلى أن تنفيذ خطوة الضم ستكون له، بنظر الغالبية العظمى من المسؤولين الأمنيين، تداعيات على مستقبل العلاقات مع الأردن.
مع ذلك، أوضحت تقديرات الأجهزة الأمنية أن ملك الأردن عبد الله الثاني: «لن يسارع إلى إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل»، لكنهم أضافوا متغيّراً محتملاً قد يؤثّر في موقف الملك، وهو أنه «في حال واجه معارضة داخلية شديدة، فإن ذلك قد يدفعه إلى المطالبة باتخاذ خطوات متطرّفة كي لا يشكّل خطراً على حكمه». ويعني هذا التقدير أن تركيزهم سيكون على رصد الموقف السياسي والشعبي الضاغط في الأردن، ومدى تأثيره على توجّه الملك.
ترجّح المعطيات والمؤشرات التي تنقلها التقارير الإسرائيلية سيناريو تأجيل الضم
وبخصوص ردّ الفعل الفلسطيني في الضفة، يُقدّر المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن ذلك سيكون مرهوناً «بحجم وشكل الخطوات التي ستنفّذها إسرائيل». فإذا اكتفت بالتصريح، أو حتى بفرض سيادة موضعية، عندها سيكون بالإمكان احتواء مفاعيل هذا الحدث. لكن كلما اتسعت مساحة الضم، ستزداد معها احتمالات حصول معارضة واسعة، وقد تصل إلى مستوى عنيف.
وفي ما يتعلق بتصريحات المسؤولين الفلسطينيين بشأن إلغاء التنسيق الأمني، يعتقد المسؤولون الأمنيون أن السلطة الفلسطينية ستمتنع عن قطع العلاقات بالكامل مع إسرائيل، لكنها أيضاً قد تبادر إلى خطوات «ضد مصلحتها إذا واجهت معارضة داخلية، خاصة من جانب حماس، التي يتوقّع أن تحاول استغلال الأحداث كي تعزّز مكانتها في الضفة على حساب السلطة الفلسطينية». ويؤشّر هذا التقدير إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لديها صورة دقيقة حول المدى الذي يمكن أن تبلغه السلطة، لكنها تخشى من الحراك الشعبي والسياسي الداخلي الذي قد يشكّل عامل ضغط على قيادة السلطة. وانطلاقاً من هذا المفهوم، من الواضح أن تركيز الاستخبارات سيتمحور أيضاً على رصد ردّ الفعل الشعبيّ والسياسية العملية.
في المقابل، ورغم وعد بنيامين نتنياهو بتنفيذ الضم بدءاً من مطلع شهر تموز، ترجّح المعطيات والمؤشرات، التي تنقلها التقارير الإسرائيلية، سيناريو تأجيل الضم. ومن أبرز ما ورد ما نقله معلق الشؤون العسكرية في القناة الـ«13» ألون بن ديفيد: «إذا سألنا أغلب الأشخاص الذين حضروا النقاش في المؤسسة الأمنية عن سيناريوات الضم، فإن الأغلبية تقول لك إنه بحسب تقديرهم الشخصي لن يحصل أي شيء في تموز». ويضيف بن ديفيد، في السياق نفسه، أنهم يرون عدم وجود المراجعات من قبل الولايات المتحدة: «ووفق ما تبدو عليه الأمور حتى الآن، لن يكون هناك ضوء أخضر أميركي، هذا على الأقل هو التقدير في المؤسسة الأمنية». ضمن الإطار نفسه، ذكر مصدر رفيع في القدس أن واشنطن أوعزت إلى نتنياهو بوقف خطة ضم الأراضي. وفي موقف يكشف عن محاولة التفاف على بعض ما ورد في خطة ترامب، وبهدف تلبية طموحات اليمين المتطرّف، لفتت صحيفة «هآرتس» إلى أن نتنياهو نقل إلى المجتمعين رسالة مفادها أنه إذا ما عرض مشروع قانون الضم على الحكومة أو الكنيست للمصادقة عليه، فإنه لن يتضمّن خطة السلام الأميركية، موضحة أن ذلك معناه أن تأييد نتنياهو لفكرة المفاوضات الرامية إلى إقامة الدولة الفلسطينية ما هي إلا تصريحات إعلامية.
في كل الأحوال، لا تزال قضية ضم أجزاء من الضفة إلى سيادة كيان العدو موضع تجاذب حاد في الساحة الإسرائيلية، بين من يطالب بالحد الأقصى من الضم، ويرى هؤلاء أن هناك فرصة تاريخية ينبغي استغلالها في هذا الاتجاه، ومن يُصرّ على أن يبقى سقف الضم «مخطط ترامب». وفي المقابل، تصدر تحذيرات عن خبراء وجهات سياسية ومهنية، يرون أن قرار الضم لن يغيّر من الوقائع الميدانية، فالاحتلال قائم مع الضم ومن دونه، لكن أثمانه قد تكون سياسية، وبما يؤثّر على مواجهة تهديد إيران والجبهة الشمالية، التي تحتل رأس أولويات الأمن القومي في هذه المرحلة.