تعمل إسرائيل على تظهير الموقف الرسمي للأنظمة العربية، المعلن لها وللإدارة الأميركية في الغرف المغلقة، إزاء توجّه تل أبيب لضمّ أكثر من ثلث أراضي الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي يفسّر تكاثر التصريحات الإسرائيلية والتسريبات في الإعلام العبري، عن حقيقة الموقف الرسمي للأنظمة، المساند و«المتفهّم» لموقف تل أبيب وأطماعها، على حساب فلسطين والقضية الفلسطينية.ورغم أن عواصم عربية، بينها عمّان، أعلنت رفض الضم ولوّحت بإجراءات، فإن إسرائيل تتعاطى بخفّة موازية لجدّية هذه المواقف، وهي تتفهّم أسبابها وتعوّل فقط على ما تدلي به الأنظمة بعيداً عن الإعلام. الموقف هو ذاته من تهديدات السلطة الفلسطينية التي تهدّد بالانسحاب من جزء من الاتفاقيات مع إسرائيل والولايات المتحدة، وكذلك وقف التنسيق الأمني.
على هذه الخلفية، أكّد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خطّة الضم، مرجّحاً أن لا يؤدّي ذلك إلى أي أضرار أو تردٍّ في العلاقات مع الأردن، لافتاً إلى أن اتفاقية السلام بين الجانبين تعدّ مصلحة حيوية أيضاً للمملكة الهاشمية، ويتعذّر عليها التخلّي عنها. وأعاد نتنياهو، في حديث إلى صحيفة «ماكور ريشون» العبرية، تأكيد التزامه فرض السيادة الإسرائيلية (الضم) في مطلع تموز/ يوليو المقبل، وفقاً للاتفاقيات المبرمة مع شركائه في الائتلاف الحكومي، وقال إن الأمور إذا كانت مرتبطة به هو، ففرض السيادة في الضفة حاصل هذا الصيف، و«أنوي أن أنفّذ ما اتفقنا عليه في الائتلاف، وهو الدفع إلى تطبيق السيادة بعد الانتهاء من رسم الخرائط مع الأميركيين، وهو ما لن يحدث قبل الأوّل من تموز/ يوليو المقبل». ولمّح إلى ضرورة أن لا يراهن أحد على فاعلية موقف حزب «أزرق أبيض» الذي يظهر في العلن التباساً ما تجاه الضم، وكذلك الأمر بما يتعلّق بالأميركيين، وقال: «نحن بالطبع نريد اعترافاً أميركياً بفرض السيادة، وكانت لنا مناقشات طويلة حول هذا الأمر مع شركائنا في التحالف من أزرق أبيض، إذ بعد إصراري اتفقنا على إمكان الدفع قدماً بمسار الضم في الحكومة وفي الكنيست وأن موافقتهم على ذلك ليست إلزامية، أي أن فرض السيادة لا يرتبط بهم».
الموافقة الأميركية التي شدّد عليها نتنياهو، جاء التأكيد عليها، إضافة إلى الموقف المعلن «فرض السيادة شأن إسرائيلي»، عبر توجيه الولايات المتحدة تحذيراً للأميركيين من احتمال اندلاع أعمال عنف في الضفة، ودعتهم إلى أخذ الحيطة والحذر. التحذير الصادر عن السفارة في القدس المحتلة لم يذكر الموجب له، إلا أنه كما شدّد مراقبون في تل أبيب مرتبط بخطّة الضم القريبة وتداعياتها المحتملة.
ورغم أنباء الضم والتأكيد عليه من أعلى المستويات في تل أبيب، كشفت صحيفة «معاريف» أمس أن المستوى السياسي لم يصدر بعد توجيهات خاصّة للجيش كي يباشر استعداده لمواجهة تداعيات تنفيذ الخطة، ما يعني أن التحضيرات السياسية لم تنته بعد، رغم التأكيدات الصادرة عن نتنياهو إزاء الموعد، أو أن المؤسسة السياسية لا ترى أن تهديدات السلطة وتحذيراتها، وكذلك ردة الفعل المرتقبة للفلسطينيين، توجب استعدادات خاصة للمواجهة بمستوى التخطيط المسبق للتصدّي لمواجهات.
وكانت صحيفة «إسرائيل هيوم» قد كشفت أن دولاً عربية لا تعارض إسرائيل والولايات المتحدة إن قرّرتا المضي قدماً في خطّة الضم، مشيرة إلى أن من بين هذه الدول: الأردن ومصر والسعودية ودولاً خليجية. وحسب ما أكّد المصدر، يفضّل الأردن وجود قوات إسرائيلية على الحدود الغربية للمملكة، لا قوات فلسطينية أو دولية، وهو أهم لعمّان من أي مصلحة فلسطينية.
بالموازاة، نقلت الصحيفة عن مصدر سعودي رفيع المستوى قوله إن إسرائيل حقيقة واقعة وإن الرياض والقاهرة وأبو ظبي وعمّان «لن تعرّض للخطر علاقاتها مع إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب من أجلهم». أمّا ما يرتبط بالموقف المصري، فنقلت الصحيفة عن مصدر أمني مصري قوله إن التصدّي لإيران أهم وأولى من القضية الفلسطينية.


اللقاءات الأمنية مستمرّة... بطلب فلسطيني!
أكّدت مصادر أمنية إسرائيلية أن لقاءات جمعت كبار المسؤولين في أجهزة الأمن الفلسطينية وضباطاً في الجيش الإسرائيلي، رغم إعلان السلطة وقف التنسيق الأمني. اللقاءات التي سجّلت في اليومين الماضيين، كما أكدت المصادر لموقع «واللا» العبري، جرت بناءً على طلب الجانب الفلسطيني، خشية تصعيد أمني من شأنه الإضرار بالسلطة. كما طرحت في اللقاءات سلسلة من القضايا المدنية والأمنية، منها حركة دخول وخروج العمّال الفلسطينيين، من إسرائيل وإليها، إذ إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى عمليات انتحارية فردية ينفّذها عمّال فلسطينيون على خلفية المواقف المتعلّقة بالضم.