ينوي رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، استغلال تجمّع العشرات من قادة العالم في القدس المحتلة غداً لإحياء ذكرى «الهولوكوست»، كي يحثّهم على دعم مساعي إسرائيل لمنع «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي من التحقيق مع إسرائيليين في جرائم حرب ضدّ الفلسطينيين. مصادر مطلعة على جدول أعمال نتنياهو ولقاءاته ذكرت، في حديث إلى صحيفة «هآرتس»، أنه بينما يركّز نتنياهو بشكل علني على أنه سيثير مع ضيوفه التهديد الإقليمي الذي تمثّله إيران، فهو ينوي كذلك إثارة ما صدر عن المدعي العام في «الجنائية الدولية» من أن هناك أساساً معقولاً لمواصلة التحقيقات ضدّ إسرائيليين في ما يتعلق بجرائم حرب محتملة ارتكبوها في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية بحق فلسطينيين.
باستثناء الولايات المتحدة، لم تستجب أيّ دولة وازنة لطلبات المساندة التي صدرت عن نتنياهو

ومن المتوقع أن يطلب نتنياهو من القادة الذين سيلتقي بهم، ومن بينهم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إطلاق مواقف رسمية تدعم الادعاءات الإسرائيلية بأن لا اختصاص لـ«الجنائية الدولية» في الأراضي الفلسطينية، على اعتبار أن السلطة الفلسطينية ليست دولة ذات سيادة. وكانت إسرائيل سعت، في أعقاب صدور قرار المدعي العام للمحكمة، إلى استقطاب الدعم السياسي الدولي لموقفها الرافض للقرار، لكنّ عدداً قليلاً جداً من الدول تجاوب معها. وعلى رأس تلك الدول جاءت الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلنت معارضتها الحازمة أيّ «تحقيق غير مبرّر» ضدّ إسرائيل، معتبرةً إجراءً كهذا «متحيّزاً وغير عادل»، فيما أعربت أستراليا، في بيان صدر عن خارجيتها، عن «قلقها» من القرار. كذلك، صدر عن الحكومة المجرية موقف مشابه، إذ استجابت بودابست لطلبات نتنياهو، وأكدت أن موقف إسرائيل من عدم اختصاص «الجنائية الدولية» له ما يبرّره. وعلى رغم أن الموقف الألماني من طلب المساندة الإسرائيلية جاء «متوازناً»، بالطلب إلى المحكمة حلّ القضايا ذات الصلة «من دون تسييس»، إلا أنه عُدّ كافياً من وجهة نظر تل أبيب، ومؤيّداً لطلبات الأخيرة ولو بتحفّظ. في المقابل، جاء موقف كندا لافتاً، وكان محلّ ترحيب إسرائيلياً، بعدما كرّرت أوتوا «موقفها الثابت» في أنها لا تعترف بوجود دولة فلسطينية، وتبعاً له لا تعترف بانضمام السلطة (الفلسطينية) إلى المعاهدات الدولية، الأمر الذي يتساوق بالنتيجة مع الموقف الإسرائيلي القائل بأن لا اختصاص للمحكمة في الأراضي الفلسطينية.
باستثناء الدول المذكورة آنفاً، لم تستجب أيّ دولة وازنة لطلبات المساندة التي صدرت عن نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين. لكن هؤلاء سيحاولون استثمار زخم ذكرى «الهولوكوست» واللقاءات المباشرة التي ستتخلّلها من أجل إعادة إثارة المسألة، والدفع في اتجاه صدور مواقف رسمية من شأنها التأثير في قرارات «الجنائية الدولية» ومنع إجراءاتها، التي تُعدّ أكثر من عامل إزعاج دولي للمسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين، في ظلّ احتمال صدور طلبات لمباشرة التحقيقات الجنائية معهم.