لم يكتفِ النظام البحريني باستضافة «ورشة بيع فلسطين»، بل تعمّد رأسه، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، التشديد على مظاهر التطبيع مع العدو عبر دعوة الصحافيين الإسرائيليين حصراً إلى حفلة عشاء رسمية. دعوة أعقبها تتويج وزير خارجيته، خالد بن أحمد آل خليفة، مؤتمر «السلام من أجل الازدهار»، بمقابلة مع قناة «كان» الإسرائيلية، رأى فيها المحاور، باراك رابيد، حدثاً لم يسبق له مثيل، معلناً عنه بالقول: «أول مقابلة لوزير خارجية عربي، في دولة ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مع وسيلة إعلام إسرائيلية». لم يجد ابن أحمد حرجاً في وصف المخطط الذي يستهدف تصفية حقوق الشعب الفلسطيني، تحت عنوان «ورشة البحرين الاقتصادية»، بـ«الفرصة التي ينبغي عدم تفويتها»، متنطّعاً ــــ في مخاطبته الجمهور الإسرائيلي ــــ بالحديث عن إمكان «تحقيق إنجازات» على مستوى إنهاء الصراع. ورأى أن هذا الأمر «كان يجب أن يحدث منذ مدة طويلة. التحدث مع الأشخاص الذين تختلف معهم هو خطوة تقود إلى تخفيف كل توتر، ودائماً أردنا حل النزاع العربي ــــ الإسرائيلي أو الفلسطيني ــــ الإسرائيلي. مع ذلك، كان هناك دائماً فقدان للتواصل. دائماً تحدثنا مع كل الأشخاص في العالم، باستثناء الحديث مباشرة مع الجمهور الإسرائيلي، وعبر قنواته التلفزيونية أو الإعلام والصحف الخاصة به».
دعا حمد بن عيسى الصحافيين الإسرائيليين إلى عشاء رسمي في ضيافته


وعن الرسالة التي أراد توجيهها، قال الوزير: «لديكم اتفاق سلام مع مصر والأردن، وتفاهمات مع الفلسطينيين... لكن ذلك ليس الحدّ الذي تستطيعون الوصول إليه في منطقتكم. إسرائيل دولة في الشرق الأوسط، وهي جزء من التراث التاريخي للمنطقة كلها، ولذلك الشعب اليهودي لديه مكان بيننا». ومن باب الضريبة الكلامية التي لم يعد لها صدى، رأى الوزير أنه «يجب إنهاء النزاع مع إسرائيل وفق مبدأ حلّ الدولتين»، لكن اللافت أنه رأى أن «ورشة المنامة» من شأنها أن تُحدث «تغييراً حقيقياً»، لأن «هناك فرصة مواتية ينبغي عدم تفويتها، وعلى الفلسطينيين وإسرائيل استغلالها». وهنا، استذكر ابن أحمد زيارة الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، للقدس المحتلة، واتفاق «كامب ديفيد»، اللذين «أحدثا تغييراً جذرياً في المنطقة... ولذلك لا بد من استغلال ما يجري في المنامة». وعلى رغم كل الكلام المتقدم، الذي يُعدّ تزكية لـ«صفقة القرن»، وتشجيعاً على القبول بها، وإعلاناً رسمياً عن هتك كل حُجُب الحياء في العلاقة مع التطبيع، إلا أن الوزير البحريني تجنّب الإدلاء بموقف صريح من الخطة الأميركية، قائلاً: «لنرَ الخطة. لا أستطيع الحديث عن أمر لم أره ولم أتعرف عليه، فهم يعملون عليها، لكننا نثق بالولايات المتحدة. رئيسها والسيد (جاريد) كوشنر سينجحان بالوصول إلى اتفاق، لكن الأمر لا يحتاج إلى الولايات المتحدة فقط، بل إلى جهات (أخرى) في المنطقة عليها العمل معاً».
كذلك، أجرى الوزير نفسه مقابلة أخرى مع موقع «تايمز أوف إسرائيل»، رأى فيها أن «مؤتمر المنامة» يمكن أن «يغيّر اللعبة»، مثل «كامب ديفيد». ومع أنه لم يعلق على إمكان تطبيع العلاقات في المستقبل القريب، فإنه أكد من دون لبس «حق إسرائيل في الوجود كدولة مع حدود آمنة... إسرائيل دولة في المنطقة، وهي باقية طبعاً». وربطاً بتلك المواقف وغيرها، نقلت «إذاعة صوت إسرائيل» باللغة العبرية، عن مصادر بحرينية، أنه إن حدث تقدم سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن «الإمارة الخليجية ستكون الدولة الأولى التي تنشئ علاقات مع إسرائيل».