غزة | بعد تعهدات الوسطاء، وطمأنةٍ حملها المبعوث الدولي لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، في زيارة لقطاع غزة الجمعة الماضي، شهد اليومان الماضيان هدوءاً على غير المتوقع. تعهدات الوسطاء بنت على «رغبة إسرائيلية في استمرار الهدوء» مقابل إدخال أموال المنحة التي سيحضرها المندوب القطري، محمد العمادي، المتوقع وصوله اليوم (الإثنين)، بالتوازي مع مباحثات فنية بين شركة الكهرباء في القطاع وفريق فني قطري سيصل مع العمادي.التعهدات وصفها مصدر في حركة «حماس»، تحدث إلى «الأخبار»، بأنها «جدية»، وكان ملادينوف قد نقلها إلى رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، خلال لقاء مباشر لأكثر من ساعة في منزل هنية في غزة. يقول المصدر إن «حماس» تعهدت بمنع التصعيد بدءاً من الجمعة حتى نهاية الأسبوع الجاري، شريطة تنفيذ التعهدات بصورة عاجلة وإدخال الأموال للعائلات الفقيرة. في المقابل، حمل ميلادينوف، بعدما التقى مستويات أمنية وسياسية مكلفة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جملة من الرسائل، من ضمنها الرغبة في استمرار الهدوء، وأنه لا معارضة لإدخال الأموال، وأيضاً إجراء «تفاهمات فنية» لإمداد غزة بالكهرباء. هذه التفاهمات أطرافها، القطريون، وملادينوف، وشركة الكهرباء في غزة، والعدو، لكن إسرائيل أبلغت ملادينوف موافقتها على مشروع الكهرباء شرط أن يموّله القطريون.
وعلمت «الأخبار» أن الوفد القطري الفني سيبدأ المشاورات الفنية مع جهات الاختصاص داخل غزة، ثم سينطلق لإجراء مباحثات مشتركة مع ملادينوف والإسرائيليين نهاية الأسبوع، كي يتم الاتفاق على مخطط زمني لإنشاء المشروع الذي يتوقع أن يدخل الخدمة خلال ثلاثة أشهر. وبينما وصل، مساء أمس، نائب العمادي، خالد الحردان، إلى غزة، عبر حاجز «بيت حانون ــــ إيرز»، يتوقع أن يصل العمادي غداً ومعه الأموال، في حين أن الحردان سيركز على إتمام التجهيزات الفنية لصرف الأموال والتدقيق في الأسماء المستحقة.
وعلى رغم رفض «حماس» استمرار إغلاق العدو بحر غزة أمام الصيادين منذ الخميس الماضي، وما أعقبه من تجديد الإغلاق مساء أمس كما أعلنت لجان الصيادين في القطاع، قررت الحركة الانتظار تلبية لطلب ملادينوف التمهل قليلاً، وبناءً على وعده بأن البحر سيفتح خلال أيام، بعد أن يكون الإحراج الكبير الذي يتعرض له نتنياهو بسبب البالونات الحارقة التي زادت وتيرتها الأسبوع الماضي قد انتهى. لكن المبعوث الأممي حذّر أيضاً من أن استمرار البالونات قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع، وتراجع إسرائيل عن جميع بنود التفاهمات.
على المقلب الإسرائيلي، دعا مسؤولون في الأمن نتنياهو إلى تهدئة الوضع الأمني المتوتر في غزة، وتطبيق التفاهمات من أجل إزالة احتمال «صدام عسكري». لكن موقع «واللا» العبري استبعد أن تؤدي هذه الدعوات، التي جاءت بعد إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع وغارات إسرائيلية، وإثر استمرار «مسيرات العودة»، إلى عقد مداولات جدية حول هذا الموضوع، على رغم انعقاد «المجلس الوزاري المصغر» (الكابنيت). كذلك، اتهم المحلل العسكري في «واللا»، أمير بوحبوط، الذي يستمدّ معلوماته من ضباط في الجيش، الحكومة بأنها تنأى بنفسها عن «غلاف غزة»، ولا تجري حواراً مباشراً مع السكان هناك. وقال: «(الحكومة) لا تعترف بالحقيقة... إلى حين يتم ذلك، سيبقى الجيش السفير والدرع الواقي السياسي الذي ينقل رسائل تهدئة إلى رؤساء البلدات والسلطات في غلاف غزة».