بناءً على طلب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، انعقد، الأحد الماضي، مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورة غير عادية، لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية في ضوء ما بات يُعرف بـ«صفقة القرن» والتهديدات الأميركية ــ الاسرائيلية المتزايدة. الغاية الفلسطينية من جمع «العرب»، تنقسم إلى قسمين: سياسي ومادي. فبحسب مصادر دبلوماسية، أراد عباس «توحيد الصفّ العربي في مواجهة طرح الولايات المتحدة، والتحضير لمواجهة استباقية»، فضلاً عن تأمين الدعم المادي للسلطة الفلسطينية «بعد الضغوط المالية المتزايدة، وآخرها عدم دفع حكومة الاحتلال مخصصات أهالي الشهداء والأسر الفلسطينية».البيان الذي صدر في الختام، لم يكن على مستوى عنوان الدعوة. وأتى في السياق نفسه لبيانات «لزوم ما لا يلزم» التي تصدر عن جامعة الدول العربية، وتُعمّق الاستسلام العربي أمام «اسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية. تواطؤ بعض الدول العربية، المباشر وغير المباشر، مع الكيان العدو، لا يقتصر فقط على هرولتها لنسج علاقات معه، بل في المواقف «الفارغة» أيضاً. تقول المصادر الدبلوماسية إن «الهمّ الأوحد للقسم الأكبر من الدول العربية، هو ألا تكون هناك خطوات عملية للاعتراض. فهناك أسلوب اعتدناه في جامعة الدول العربية، أن البلدان لا تعترض على البيانات، ولكنها لا تعتبر نفسها ملزمة بتنفيذها».
تضمن البيان «رقم 238» ثماني نقاط، أبرزها أن «الدول العربية التي قدّمت مبادرة السلام العربية عام 2002، لا يمكنها أن تقبل أي خطة أو صفقة لا تنسجم مع المرجعيات الدولية… ولن تنجح في تحقيق السلام الدائم والشامل في الشرق الأوسط». وأشار البيان إلى ضرورة «اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية مدينة القدس الشرقية المحتلة والحفاظ على هويتها العربية ومكانتها القانونية والتاريخية… والوقوف ضد أي قرار يعترف بها عاصمة لإسرائيل»، مطالباً «المجتمع الدولي بتنفيذ القرار 2334 ضد الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي… وتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة للأونروا»، محذراً من «خطورة النهج الاسرائيلي باعتماد قوانين عنصرية… بما في ذلك القانون الذي سمح لحكومة الاحتلال بسرقة مخصصات ذوي الشهداء والأسرى الفلسطينيين من عائدات الضرائب الفلسطينية». وتوافق المجتمعون على «تخصيص 100 مليون دولار شهرياً دعماً لدولة فلسطين... واحترام شرعية منظمة التحرير الفلسطينية… ودعوة الفصائل والقوى الفلسطينية إلى سرعة إتمام المصالحة الوطنية».
اللافت في البيان، أنه لم يذكر مرة واحدة تعبير «صفقة القرن»، أو يُحمّل المسؤولية للولايات المتحدة. السبب هو «الاجتماع التحضيري الذي عُقد قبل يوم من الدورة غير العادية، وشاركت فيه دول الخليج ومصر والأردن، حيث تقرّر تجهيل الفاعل». أما خلال اجتماع الأحد، فقد كانت البحرين الأكثر «جرأة» بالتعبير صراحة عن رغبتها في «حماية» الدولة المعتدية. تنقل المصادر أن «البحرين اقترحت استبدال كلمة صفقة، بتفاهمات، مُتحججة بأنه لا زلنا لا نعلم إن كانت هنالك صفقة أم لا، ولم تظهر تفاصيلها بعد»، علماً أن التسريبات الأميركية بهذا الخصوص واضحة جداً.
خلال اللقاء التحضيري قبل القمة، جرت مناقشة البيان الفلسطيني، وأُقرت التعديلات عليه، ليصل «مُعلّباً» إلى اجتماع الأحد. إلا أن البعثة اللبنانية تمكنت من إدخال تعديل على مقدمة البيان، بإضافة ذكر مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من قرية الغجر، التي تدعي «اسرائيل» سيادتها عليها. وتقرّر بما خصّ تخصيص 100 مليون دولار شهرياً لفلسطين، أن «تدفع كل دولة مبلغاً بموجب حصتها في موازنة الجامعة. ولكن، قد لا تلتزم الكثير من الدول بذلك، بسبب أزماتها المادية، أو غياب القرار السياسي بتوفير الدعم لفلسطين»، استناداً إلى المصادر الدبلوماسية.