حيرني سؤال راودني طويلا، هل لكوننا شعبا محتلا ويعاني ما يعانيه من يوميات قاسية بما تحمل معها من شهداء وأسرى لا يحق لنا الفرح والاستمتاع بالحياة كما بقية شعوب العالم أو شعوب المنطقة على أقل تقدير الذين برغم حروبهم الدموية ما زالوا يحاولون العيش بأبسط ما يمكن؟؟السؤال طويل صديقتي، وربما لسنا بصدد الإجابة عنه، أن يطلب شقيقك نضال رؤية رجل العيد ليقدم له الهدايا الموعودة لكونه قد صام وقفة عرفات، فهذا حقه، وحق خديعة عائلاتنا لنا وللأطفال، رجل العيد لن يأتي، فلا بابا نويل لدينا، ليأتي من مداخن البيوت، وبيوتنا كما تعلمين مداخنها ضيقة جدا لكوننا نسكن بيوتا متواضعة وفقيرة، ولسنا من أصحاب الفلل والأملاك والأطيان، ليكون لدينا بيوت كتلك التي تعتلي الجبال، وأعتقد أنهم لا ينظرون لنا منها، بل ربما يطمحون لما فوق قمم الجبال بعد..
صديقتي، أن تذهبي بأخيك ليأكل في العيد، هذه ليست مصيبة صدقيني، فالأسرى يضربون عن الطعام من أجل كرامتنا، وهم يستشهدون من أجل حياتنا، وكلنا على طريقهم يوم يحين موعدنا، وكوننا شعب لا يملك استراتيجية وطنية، فمطلوب منا الارتجال، كلما أتيح لأحدنا أن يفعل شيئا فليفعل، ولا نغفل الحياة، انظري لابتسامتي محمد ومحمود البلبول، هل تصدقين أنهما الأسيران المضربان عن الطعام؟..
لا نغفل الحياة لئلا نصاب بإدمان الموت، لا نغفل لكي نقاوم الاحتلال بحياتنا بإيماننا أننا مستمرون برغم كل شيء، ولن ينتهي الفلسطينيون.. هؤلاء سكان قمم الجبال مطلوب منهم أن يقدموا، أن ينزلوا ويحملوا ما عليهم من مسؤوليات، وأنا وأنت ربما مصيرنا أن نكتب، ربما هذه الكتابة حين ينتصر مالك ومحمد ومحمود، ستعجبهم سيبتسمون، ويقولون لم نكن وحدنا..
وأذكر يا صديقتي، أن مجزرة صبرا وشاتيلا خلدتها الأقلام والسينما، خلدتها صنوف الفن، أذكر دوما أربع ساعات في شاتيلا لجان جينيه، وأذكر ما كتبه شاعرنا الكبير محمود درويش عن المجزرة.. أذكرهم، وكلما ذكرت فيهم شهداء وجدران صبرا وشاتيلا والأحياء ممن بقوا من أهل المكانين، أشعر بشجن الموت، وأعرف أن المجزرة مستمرة، وأن العدو ما زال هو.. هو، وأننا نحب الحياة، بدليل أنني فلسطيني يكتب الآن ما يكتب.