أسعد أبو خليل عاشق المقاومة
لم أقرأ للدكتور أسعد أبو خليل في حياتي مادة تحوي أفكاراً (لا شعارات وهلوسات)... ربما لديه مواهب لا أعرفها... وهو يعشق المقاومة، لكنّني لا أعرف أين مارس المقاومة، ولا متى... هو حر في كل ذلك، وهو حر أيضاً في أن يكتب ما يشاء... لكنْ للحرية حدود أخلاقية. أيضاً هو أكاديمي، ويُفترض به أن يعلّم الآخرين الأمانة الأدبية، وأن يعلّمهم إمعان التفكير، والتفكير النقدي، لا الشتم أو تفسير أفكار الآخرين أو قراءتها بما ليس فيها...
... يوم السبت الماضي، فوجئت بأنّ الدكتور أسعد أبو خليل تناولني في مادة له نشرها في صحيفتكم، يقول فيها الآتي: «النسخة العربيّة من «يديعوت أحرونوت»، أي نشرة «المستقبل» السلفيّة الوهابيّة، نشرت مقالة لماجد كيّالي يطالب فيها بوقف كلّ أشكال المقاومة في فلسطين المحتلّة. طالب كاتبُها الشعب الفلسطيني بالهتاف ضد إسرائيل فقط بين وقت وآخر».
طبعاً يحق لأبي خليل أن يختلف مع تيار المستقبل، أو مع جريدة «المستقبل»، فهذا ليس من شأني البتة، لكن لا يحق له أن يرى أنّ هذه نسخة من جريدة إسرائيلية، فضلاً عن أنّها نشرة السلفية الوهابية. ثم ما شأن الكتاب بهذا الأمر، وهل كونه يعمل في الولايات المتحدة، ويحمل جنسيتها، ويدرّس في جامعاتها يعني حكماً أنّه يعمل عند «السي أي إيه» (على جري قاعدته ذاتها)؟ طبعاً لا، لأنّ قياسه مرفوض...
هو تعامل مع مادة كنت قد كتبتها في 3/7 وعنوانها «المقاومة بين الشعارات والإحصائيات»، أنتقد فيها طريقة عمل المقاومة المسلحة، كما مورست في التجربة الفلسطينية من الأردن إلى لبنان إلى الأراضي المحتلة، وهي تجربة مليئة بالثُّغَر، وأوصلت الفلسطينيين إلى كوارث. وقلت فيها إنّ تجربة الانتفاضة الفلسطينية الأولى هي التجربة التي كانت أكثر تماثلاً مع أوضاع الشعب الفلسطيني وقدراته... وكنت أدعو فيها إلى انتهاج المقاومة الشعبية المدنية، لأنّها لا تجعل المقاومة محصورة في مجموعات فدائية، ولكونها تُدخل كلّ الشعب في المقاومة... وفي هذه المادة لم أتطرق البتة إلى شرعية المقاومة المسلحة من عدم ذلك، والأهم أنّ العبارة التي نسبها إلي ليس لي علاقة بها على الإطلاق.
لا أدري لمَ ذهب أبو خليل إلى انتقاد كلام لم أقله، أو إلى وضع كلام آخر على لساني. وكان الأحرى به، وهو «المفكر» والأكاديمي، وصاحب المقالات والدراسات الفذة، أن يدخل معي في سجال حول ما ورد في نص المقالة، وأن يجادلني الفكرة بالفكرة... ثم إنّ أبو خليل لا يعرفني ولا يعرف شيئاً عن تاريخي في حركة «فتح» منذ انتسابي إليها، إذ كنت في إطار التيار النقدي المعارض لتوجهات القيادة. ولا يعرف أنّني عشت جزءاً من عمري في معسكرات هذه الحركة وقواعدها من الأردن إلى لبنان... عند اجتياح لبنان (1982) ذهبت إلى هناك للدفاع عن الثورة الفلسطينية ضد الغزو الإسرائيلي. ومنذ البداية كنت معارضاً لنهج التسوية، وبعدها اتفاقيات أوسلو، وكل ذلك موثّق في كتاباتي في الصحف والمجلات، منذ أواخر 1988. ورغم ذلك أنا مستعد لأن أتعلم المقاومة إذا كان لدى أبو خليل ما يعلّمنا إياه... فليتفضّل، إلا إذا كان يظن أنّ عليه التنظير، لمكانته الأكاديمية الرفيعة، وأنّ على غيره تقديم الأضاحي.
ماجد كيالي

■ ■ ■

الحدث والعيش المشترك

حول مقالة الصحافي رامي الأمين المنشورة في العدد 1459 من صحيفة الأخبار ليوم الثلاثاء 12 تموز 2011 تحت عنوان: «في الحدث... ارتفاق وتخطيط وعنصرية»
إننا إذ نتجاوز ما ورد في المقالة من مغالطات ومحاكمة نوايا وسيناريوهات خيالية مفترضة ومسيئة، وعبارات لا تنتمي إلى الأدبيات الصحافية المهنية والسليمة من مثل: «البلطجة»، و«البلدية حرة، بلّط البحر» و«المسيحي جنس نادر يتوجّب المحافظة عليه» و«رئيس البلدية يتعامل مع الشيعة على أنهم من جنس مختلف»... توّجت بعبارة «ممنوع دخول الكلاب والشيعة»، وهذه عبارات كنّا نتمنى لو احتفظ بها كاتب المقالة لنفسه، وهي تشير في النهاية إلى خلفية وثقافة لفظية بذيئة وغير أخلاقية، فإننا نشكر الأستاذ رامي الأمين على مقالته التي تضمنت حقيقة واحدة، وهي أننا نقوم فعلاً بحملة بلدية علنية للتوعية، نطلب فيها من المسيحيين عدم بيع أرضهم والتمسك بالبقاء في بلدتهم، وهذا بالإضافة إلى أنه حق مشروع ومسألة لا عيب فيها ولا خجل منها، فإنه أمر مطلوب وبإلحاح، ليس فقط من أجل مجرد بقاء الحدث بلدة لأهلها، بل وأيضاً وخصوصاً، من أجل العيش المشترك الذي يفترض أصلاً وجود شريكين اثنين يحظى كل منهما بالوجود الحر الكريم، ومن أجل الحفاظ على التعدد والتنوع الوطني، وهو ليس بأي حال موجّهاً ضد إخواننا في الوطنية، سنّة كانوا أو شيعة. غير ذلك يجعل من الحدث بلدة برسم البيع ويعرّضها لخطر التبدّل في الهوية العقارية والديموغرافية والتاريخية، مع ما يجره ذلك من تغليب لمنطق إلغاء الآخر وضرب مكوّن أساسي من مكوّنات الوطن، وعندها يصبح التغني بالميثاق الوطني وبصيغة العيش المشترك أثراً بعد عين لا قدّر الله.
إلى ذلك، ومع وافر محبتنا وتقديرنا لفخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ووزير الداخلية والبلديات مروان شربل الذي نكنّ له أصدق وأنبل مشاعر الصداقة، فإننا نتوقف عند إشارة الكاتب غير البريئة إلى وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، واضعاً المسألة برسم العماد ميشال عون وسماحة السيد حسن نصر الله، فنعيد التذكير بحقيقة أساسية وبديهية، هي أننا في الحدث تحديداً، كنا ولا نزال من أول مَن عاش واختبر إيجابيات وثيقة التفاهم، وأننا كنّا ولم نزل ننظر بإعجاب كبير وتقدير شديد إلى الأبوّة التاريخية والمميزة للعماد عون والسيد نصر الله لهذا التفاهم وما أنتجه من ترجمات وتعبيرات وطنية وسياسية واجتماعية أرست قواعد السلام الأهلي والطمأنينة والاستقرار.
رئيس بلدية الحدث ـ سبنيه ـ حارة البطم
جورج إدوار عون