فداء عيتاني يتحدث عن السنّة
رداً على مقال فداء عيتاني «تيه السنّة: مراوحة لأعوام مقبلة» المنشور في «الأخبار» العدد ١٤٢٨:
أهمية لبنان تأتي من الدور الذي يمكنه أن يؤديه، إما حامياً لحدود إسرائيل ومحطة للتآمر على سوريا في حال معاداتها لإسرائيل والولايات المتحدة، وإما حربة في خاصرة إسرائيل ومحطة آمنة بالنسبة إلى سوريا، لا يكون التآمر منه على الجارة الوحيدة. إذاً، كيانية لبنان كانت وما زالت غائية ولم تكن يوماً قائمة بذاتها.
السيد فداء عيتاني يتحدث عن لبنان كياناً قائماً بذاته، تشكّل منذ الأزل وما زالت أزليته قائمة. لقد نسي أن جميع الكيانات العربية قد شكلها الاستعمار بناءً على مصالحه ومن أجل دور، على هذه الكيانات القيام به. والشعوب الموجودة في لبنان تكوّن وعيها عبر التجارب التاريخية التي مرت بها. فما يتحدث فيه عن السنّة كان في يوم من الأيام هو نفسه وعي الشيعة. ليس السنّة وحدهم من رفض الانفصال عن سوريا، بل الشيعة أيضاً رفضوا أيضاً الانفصال عن سوريا. فالشيعة في لبنان، رغم المعاناة التي كانوا يعانونها، لم ينفصلوا عن السنّة إلا في ستينيات القرن الماضي، لأسباب ليس لنا الخوض فيها. فالمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى كان يضم الشيعة والسنة في الوقت نفسه.
المسلمون في لبنان كانوا يرون هويتهم في امتدادهم التاريخي عبر القرون. لكن إمكانية تكوّن وعي مغاير يستدعي الكثير من العوامل، لم تتحقق للسنّة، حتى يقبلوا بالتخلي عن وعيهم التاريخي لمصلحة وعي مستعار لا يعبّر عن إسلامهم ولا عن عروبتهم. أما الشيعة، فما إن لاحت الثورة الإيرانية بشعاراتها المتجاوزة للحدود حتى تلقفها شيعة لبنان، لا لنقص في حبهم للبنان، بل لأن مصلحة لبنان، وطناً وشعباً، لا تتحقق إلا باعتباره جزءاً من نسيج منطقته التي تتجاوز البلاد العربية إلى تركيا وإيران. هذا هو الوعي الشيعي والسني في آن. ولا وعي سياسياً خارج هذا الوعي.
إن ما يطلبه الكاتب من السنّة في لبنان هو تخلف لا يدانيه أي تخلف. الإيجابية الكبرى التي يملكها سنّة لبنان أنهم لا يملكون الوعي المذهبي المتخلف. فإذا فكرنا في مصلحة بلدنا وأمتنا، فنحن بحاجة إلى وعي يتجاوز الوعي القومي حتى يضم جميع الإقليم بما فيه إيران وتركيا. فهل ندعو السنّة إلى أن يكونوا طائفة حتى يتمكن السياسي السنّي من أن يفكر مذهبياً. بئس الطلب والمطلوب.
حسن ملاط