التحرير ولكن!
منذ أحد عشر عاماً والجنوب ينعم نوعاً ما بأمنٍ واستقرار خاصّين به. ارتاح أهل الجنوب والقرى المتاخمة للشريط الحدودي من بطش جنود الاحتلال وتعدّي عملائهم. انزاح الكابوس عن كاهلهم بفضل رجالٍ آمنوا بوطنهم وقضيتهم ودينهم، رجال أبوا إلّا أن يحموا ديارهم وأرضهم وكرامتهم بأرواحهم الطاهرة الزكيّة...
منذ أحد عشر عاماً، وقبله ثمانية عشر عاماً، كان الجنوب وأهله يسعون ويناضلون من أجل عزّتهم وكرامتهم... الرجال ذاتهم، والعائلات ذاتها، هم مَن خطّطوا وتسلّحوا ونفّذوا عملية التحرير. لقد كانوا امتداداً لفكر التحرّر من رجس الاحتلال والتخلّص منه. كانوا امتداداً لرؤية الاستقلال وروح السيادة منذ أن وضع العدو الإسرائيلي قدمه النتنة على أرض الجنوب. كانوا الرجال ذاتهم الذين رسم وجوههم وشكّلها مهدي عامل وحسين مروّة اللذان نحتا معاً عدم الخضوع والاستسلام والتبعية في عقول الرجال الذين كانوا منذ انطلاقة العمل المقاوم، هم ذاتهم اليوم...
منذ أحد عشر عاماً وفكرة التحرير ملازمة لنا، حملناها وفرحنا بها لأنها إنجاز كان الكثيرون يعتبرونه مستحيلاً. نعم، لقد تحرّرنا... تحرّرنا ماديّاً، أي إنّ جنود الاحتلال وآلياته اندحروا. أمّا معنويّاً، فلا نزال تحت أفكار العدو ورغباته ونزواته. هل ننسى ما فعله بنا وبوطننا عام 2006 من دمار وتنكيل وموت؟ لم يتحرّك أحدٌ سوى هؤلاء الرجال الذين ذكرناهم سابقاً، هؤلاء الرجال الذين وقفوا دروعاً في وجه هذه الاعتداءات والانتهاكات، إلى أن انتهت. لكنّنا لا نزال نحمل تبعيّتها إلى اليوم.
منذ أحد عشر عاماً استطاع الشعب اللبناني أن يتحرّر من العدو الصهيوني، ولكن... أمّا وقد تحرّر، فما الذي يمنعه اليوم من أن يتحرّر من ذاته ويثور؟ ما الذي يمنعه من أن يتحرّر من تسلّط زعماء الطوائف عليه؟ ما الذي يمنعه من أن يتحرّر من الفساد في مؤسساته؟ ما الذي يمنعه من أن يتحرّر من التبعيّة للأنظمة الخارجيّة؟ ما الذي يمنعه من أن يتحرّر من كابوس الوضع الاقتصادي؟ ما الذي يمنعه من أن يتحرّر من كابوس الوضع السياسي؟
منذ أحد عشر عاماً والعقدة لا تزال في المنشار، على أمل أن نتخلّص من العقدة لنصبح المنشار الصحيح الذي يفصّل حياته بعيداً عن كل الأعداء الصهيونيين وغير الصهيونيين.
خليل إبراهيم المتبولي