اقتباسان غير دقيقين
نشرت جريدتكم في عددها الصادر بتاريخ 30 نيسان 2011 ملفاً بعنوان: «المعارضون السوريّون يتحدّثون»، وكنت أحد الذين قابلهم الأستاذ غسان سعود، وأدرج ما استخلصه من لقاءاته معهم في نص الملف.
يهمّني أن أصحّح اقتباسين نسبا لي:
الأوّل: «لكل منطقة ثوارها، الناصريون في دوما، صحيح. العشائر في درعا، صحيح. الشيوعيون في الساحل وبعض الأحياء المتاخمة لدمشق، صحيح أيضاً. إسلاميون أكثر من الآخرين وأفعل وأقوى في بانياس وبعض حمص، صحيح. أما الأصح بالنسبة إلى الخير، فهو حراك شبابي لا يمكن أبداً اختزاله بحزب أو حركة، أو صبغه براية سوداء أو حمراء».
يهمني أن أوضح أن نظرتي لتركيبة المتظاهرين هي أنهم أناس لا يمكن أبداً اختزالهم في حزب أو حركة من أي لون سياسي معروف، رغم أن اللون الناصري أو الشيوعي أو الإسلامي أو الليبرالي قد يكون ملموساً (ملموساً وليس سائداً) هنا أو هناك.
وبالتالي، ليس دقيقاً القول بأن لكل منطقة «ثوّارها»، فالشعب بأطيافه المسيسة وغير المسيسة كلها هو من يتحرك، ومن المفهوم تماماً أن عقوداً من مصادرة السياسة وحرمان المجتمع منها ستجعل الأطياف السياسية الواضحة قليلة الانتشار، وستنتج جمهوراً يتكون معظمه من شباب ليس لهم هوية فكرية أو سياسية أو حزبية متبلورة بمعنى الكلمة، رغم أنهم جميعاً قد تأثروا بعض الشيء بهذا اللون الفكري ـــــ السياسي أو ذاك، وغالباً بعدة ألوان فكرية ـــــ سياسية، امتزجت عند كل منهم وفق ثقافته وبيئته الاجتماعية.
يهمني أن أنوّه على الأخص أن القول بأن «العشائر في درعا» هي من تحرك، فيه ظلم خاص لدرعا التي وإن يكن للبنية والوعي العشائري بعض الأثر فيها، فقد هبّ أبناؤها جميعاً بصرف النظر عن أي انتماء عشائري أو عائلي للردّ على الاعتداء القبيح لأجهزة الاستخبارات على عدد من أطفال مدرسة ابتدائية وكرامة أهاليهم، وما يمثله ذلك من عدم احترام لأية قوانين أو قيم إنسانية أو اجتماعية.
الثاني: يقول الملف «يوافق الخير على احتمال اندساس عشرة في تحرك يضم ألف مواطن، لكن وجود العشرة لا يفترض أن يسمح للسلطة... الخ».
يهمني أن أؤكد أنني لا أوافق أبداً على فكرة «المندسّين»، ولا أرى فيها سوى محاولة قابلها الشعب السوري بالسخرية التي تستحقها لتشويه صورة التحرك الشعبي والتعتيم على أسبابه العميقة والحقيقية، وتبرير القمع العنيف والدموي للاحتجاجات، وهو الذي لا يمكن تبريره ولا يجوز السكوت عنه بحال من الأحوال، بالقدر الذي لا يمكن فيه إخفاء حاجة الشعب السوري إلى الحرية والكرامة وإصراره على الظفر بهما مهما غلت التضحيات.
عبد العزيز الخيّر