أولويّات
هل تخلّصت الولايات المتحدة من أزماتها الداخلية، من ديون التريليونات والبطالة وفشل السياسات الصحية...؟ وهل تخلصت من أزماتها الخارجية في مستنقعات أفغانستان والعراق وكوريا النووية وأصبح شغلها الشاغل المحكمة الخاصة بلبنان؟ ما من دولةٍ في العالم تطرّقت وتدخّلت وهدّدت في موضوع هذه المحكمة بقدر أميركا. هل حمل الرئيس الشهيد رفيق الحريري الجنسية الأميركية أو كان متورّطاً (لا سمح اللّه) في المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة؟ أم نشْْْر فتن العدالة في لبنان بعد نشر فتن الديموقراطية في العراق هو من صلب الأمن القومي الأميركي؟ فهل يخفى على أحد أنّ أولويّات أميركا في المنطقة هي أمن إسرائيل وضرب أعدائها بشتّى الوسائل، ومن ضمنها سيف العدالة؟
يخسر الرئيس سعد الحريري دعم الولايات المتحدة والدول الغربية والعربية في حال تخليه عن المحكمة الدولية. لذلك فإنّ خروجه المؤقّت من الحكم يُعدّ فرصة ذهبية له للتملّص من التزاماته الدولية في موضوع ضرب المقاومة بواسطة المحكمة. فبينما تحوي الحكومة الجديدة مفاعيل المحكمة على المستوى اللبناني، يتسنى للحريري تحديد أولوياته للمرحلة الجديدة ويصلح ما انقطع من علاقة مع خصوم الداخل، والتخلص من أثقال الخارج وأعباء حلفائه.
يعدّ استخراج الثروات البحرية من غاز ونفط من أولويات لبنان الاقتصادية في ظل تراكم الديون، وقد امتنعت الأمم المتحدة عن المساعدة في ترسيم حدود لبنان البحرية الجنوبية إرضاءً لإسرائيل. فلنرسم هذه الحدود من جانبٍ واحد، وليتجرّأ أصحاب السيادة والاستقلال على الاعتراض على صواريخ المقاومة التي ستنهمر على منشآت إسرائيل البحرية عندما تبدأ بسرقة هذه الثروات. أليس لبحرنا سيادة؟ إنها أولوية الصواريخ التي منعت أميركا كل دول العالم من تسليح جيشنا بها.
تسقط رهانات الفوضى والفتنة عندما نحدد أولوياتنا الوطنية انطلاقاً من الوفاق الداخلي بعيداً عن عقد اتفاق خارجي وتسوياته.
الدكتور جميل محيدلي