الأمانة
تعليقاً على مقال «ماذا عن مسؤوليّة الإسلام؟» لجان عزيز («الأخبار»، 4/1/2011):
إذ نُجلّ ونقدّر الفكر البنّاء والكلمة الصادقة التي يطالعنا بها دوماً الأستاذ العزيز، إلا أنّه أصاب ظلماً ـــــ عن غير قصد ـــــ مدرسة فكرية كثيراً ما نظرت الى الإنسان الآخر على أنه إنسان جعله الله عزيزاً وحمّله أمانة الحياة، عنيت بها المدرسة الشيعية الاثني عشرية. وانطلاقاً من ذلك نقول:
أوّلاً: إنّ فكرة أبلسة الغرب لا يجوز تعميمها على كل المسلمين، على الأقل بالنسبة إلى المدرسة الفكرية الشيعية، حيث إنّ الشيعة على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم لم يقولوا يوماً بهذه الفكرة، بل رفضوا هذا منذ زمن الرسول الظلم، سواء كان آتياً من الغرب أو من غيره، حتى إنهم كانوا يحاربونه ولو كان صادراً من أبناء جلدتهم. وخير دليل ثورة الإمام الخميني ضد نظام الشاه، هذا الإمام الذي أطلق شعار «أميركا الشيطان الأكبر». ولعلّ المُطالع لخطابات الإمام يفهم أن هذا الشعار إنما المقصود به سياسات أميركا الظالمة التي جرّت الويلات على الإنسانية جمعاء، بل على كلّ مخلوقات الله.
ثانياً: صحيح أنّ الفكر المنهزم لدى بعض العرب كان سبباً للهزيمة سابقاً أمام الغدّة السرطانية إسرائيل، إلا أنه للأسف، هذه الهزيمة أصابت أوّل ما أصابت المسيحيّين قبل المسلمين، وإن كنّا نعتقد أنّ المقدّسات المسيحية، وخاصةً في فلسطين، إنما هي مقدسات إسلامية أيضاً، وأن تعبير الهزيمة الإسلامية إنما هو تعبير ظالم للمسيحية أولاً وللإسلام ثانياً وللبشرية جمعاء.
ثالثاً: إنّ في تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان خير دليل على بطلان التعميم الوارد في المقالة، من أنّ رد الفعل الإسلامي على النموذج الإسرائيلي جاء بتفجير عنفه ضد المسيحي، ولعل الأستاذ العزيز أجلّ من أن يُدل على هذه التجربة.
رابعاً: نلفت نظر الأستاذ الكريم الى أنه لا بد من التمييز بين الأكثريات الإسلامية التي تحدّث عنها، وندعوه الى التوجّه بالسؤال الى مسيحيّي العراق عن علاقتهم بشيعته، والى مسيحيّي إيران عن علاقتهم بشيعتها أيضاً، وندعوه الى التوجه بالسؤال الى العماد عون عن انطباعه بعد زيارته إيران، ومسيحيّي إيران، هل هم أناس غرباء وسط الأكثرية الإسلامية الشيعية...
خامساً: نحن نؤيد الأستاذ العزيز بشأن مسؤولية الفكر السياسي الإسلامي لا الإسلام كديانة...
سادساً: إنّ أسوأ ما يمكن أن يطعن الإسلام ويشوّه صورته هو تلك الفضائيات التكفيرية المدعومة من بعض الأنظمة العربية والمؤسسات الدينية التابعة لها.
محمّد صادق شمس الدين