كباش كبار أم مصير وطن؟
اشتد الخناق مادياً حول عنق المرشحين للتفرغ في الجامعة اللبنانية بعد نشر أسمائهم في أيار الماضي. فالملف تخطى كونه معالجةً لمأساة اجتماعية، إذ إن أساتذة الجامعة هم الثروة الدماغية للوطن، ولا يمكن الأدمغة أن تعمل ما دامت في وضع التعاقد بالساعة.
إن الاقتصاد السليم يقوم على الصناعة. وتطوير الأخيرة لا يكون إلّا بإجراء البحوث العلمية في مختبرات جامعة الوطن، وعبر التعاون بين الجامعة والصناعيين.
عندما انطلقت الحكومة قلتم إنكم تبحثون عن الإنتاجية، وكلنا نعلم أن الإنتاجية الأكبر هي لجيل الشباب، فدعونا نستثمر طاقتنا وانتاجيتنا، ولا تجبرونا على قتلها. أطلقتم شعار «كلنا للعمل»، لكن هل من عمل دون عمال؟ كلفة ملفنا لا تتخطى ١٢ مليون دولار في السنة، أي مليون دولار في الشهر، فهل هذا المبلغ يستحق كل هذه المجزرة؟
تتكلمون عن خطط لتسليح الجيش، لكن كلنا نعلم أن السلاح لا يعار. وبالتالي فإن أحداً لن يعطينا سلاحاً لنصبح أقوى منه، بل بكل بساطة سيرمي الجميع لنا ما يريدون إتلافه من سلاح. إن تطوير سلاح الجيش لا يمكن أن يجري إلا عبر المهندسين اللبنانيين. لقد قدت في العام الماضي بحثاً حول جهاز يهدف إلى تدعيم القدرة الجسدية للمقاتل في الميدان، أجراه طالب هندسة وهو ضابط في قوى الأمن الداخلي. انتهت مرحلة بسيطة من البحث في ٦ أشهر، لكن البحث العلمي الصحيح يحتاج إلى 3 سنوات ليثمر. وبغياب التفرغ لا أعرف إن كنت سأبقى 3 سنوات في لبنان أم لا!
الملف اليوم عالق بسبب بعض المعرقلين، الذين يدكون الكلام في آذان المسؤولين لإيقاف الملف. هم يتذرعون بنصوص لم يقرأوها، أو هم يعرفون أن أحداً لم يقرأها. فقد قرأت القانون 66 ولم أجد فيه ما يلزم وجود عمداء أصيلين للتفرغ، أو ما ينتقص من صلاحيات العمداء المكلفين.
أنا لم أجد في القانون غير ما قاله رئيس الجامعة غير مرة: «الجامعة تفرّغ بحسب حاجتها». ثم لو صحت خبرية الأقدمية وأنه لا يجوز التفرغ إلا بعد سنتين من التعاقد بالساعة، فلمَ التفرغ إذاً؟ لمَ لا يتم دخول الملاك مباشرةً؟ علماً أنني شخصياً في الجامعة منذ خمس سنوات. القانون يقول: يجري التعاقد بالتفرغ لمدة سنتين كحد أقصى، وبعدها إما أن يدخل الأستاذ الملاك وإما أن يصرف».
يعترضون على ما يسمونه «حلول البركة على البعض». إنهم في الواقع لا يعترضون على مبدأ البركة وحلولها، بل على حلول بركة غيرهم، إن لم نقل بركة اخصامهم. أتوجه إلى كل هؤلاء المعرقلين وأقول: اتركوا المسؤولين يقرون هذا الملف، لأننا أصحاب حق وسيف الحق قاطع.
د. راني رزق
أستاذ متعاقد في الجامعة اللبنانية