مسيحيو عكار

رداً على ما ورد في جريدة «الأخبار» العدد 1725 تاريخ 6/6/2012 على لسان الصحافي غسان سعود الذي تناول فيه وضع المسيحيين والقرى المسيحية في لبنان بشكل عام وفي عكار بشكل خاص، ورأى ما رأى، وبنى على ذلك آراء أراد منها أمراً مفاده أن المسيحيين في أزمة، وكأنهم جالية يطغى عليهم جوارهم المسلم، وعلى وجودهم وعلى دورهم... ولكنه لم يوفق لأنه وفي سياق الحديث اظهر هو أن عدد الناخبين المسيحيين في عكار عام 2009 جاوز السبعين الف منتخب وان ابناء المسلمين يتعلمون في المدارس المسيحية وان القرى التي عدّدها: العبدة ـ بقرزلا ـ الحاكور ـ مينارة ـ الجديدة ـ الشيخطابا وغيرها وخاصة اذا أكلمنا لنذكر القرى التي لم يذكرها، ولا أدري لماذا؟ كبينو مثلاً والقبيات وعندقت وشدرا والتليل وتل عباس الغربي، فإنها قرى تتناثر كحبات اللؤلؤ بين قرى المسلمين وتشكل لهم سوقاً ومقصداً للمطاعم والمقاهي والفنادق والحدائق، مما يظهر أن الاندماج الرائع بين المسلمين والمسيحيين هو شوكة في حلق سياسيي الانعزال والتعصب، الذين رأى فيهم الاستاذ غسان سعود محط أمل لخلاص المسيحيين. ولا أدري كيف امكنه ان يستنتج ذلك، لأن العكس تماماً هو الصحيح، فالمسيحيون العكاريون تحملوا وتكبدوا الكثير من الخسارة والألم بسبب أصحاب التوجهات الانعزالية وباتوا في حالة من الطلاق التام مع هذا الفكر المتعصب والمتعفن.
فالذي رآه الاستاذ غسان سعود من قرى مسيحية خاوية مهجورة هو من نتاج الالتحاق بالمشروع التقسيمي والتفتيتي الذي قاده اصحاب الفكر الانعزالي إبان الحرب الاهلية اللعينة التي دفعنا جميعاً اثمانها وما زلنا ندفع حتى اليوم.
إن التغييرات الديموغرافية التي أصابت القرى المسيحية خلال الحرب الاهلية تشكل حالة يحاول مسيحيو عكار ان يتخلصوا منها وان يمحوها من ذاكرتهم ومن واقعهم، ممن تركوا قراهم وتراهم يعودون، يبنون بيوتهم ويعيدون حياة حقولهم، ويقيمون مشاريعهم، وهم يدركون تماماً انهم في ذلك سيكونون في شراكة فعلية مع المسلمين لانه بذلك فقط تنهض عكار من كبوة الانعزال والطائفية والتعصب والانقسام، وينهض لبنان من لعنة السياسيين المسعورين الذين لا يتقنون إلا لغة التخويف والتجويف والترهيب والتقسيم والفتنة والتشرزم.
وأخيراً نقول: مسيحيو عكار هم من أساس عكار التاريخي والثقافي وليسوا جالية وليسوا غرباء، وهم قبل المسلمين في هذه البلاد العزيزة والغالية على قلوبنا... وهم والمسلمون معاً يقيمون نبض الحياة واستمرارها في عكار ورغماً عن انوف الكارهين.
رئيس التجمع الشعبي العكاري
النائب وجيه البعريني