وطن الدواليب
أصبحت عادة قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة جزءاً من المشهد اليومي للسكان في لبنان، الذين يعيشون لظى الحرب الاقتصادية والمعيشية والانفلات الأمني وسوء الإدارة السياسية. لكن هذه العادة التي تؤكد أن «القلوب مليانة» من كل شيء في هذا البلد، لا يبدو أنها تقدّم أو تؤخر، بل تنشر التلوث بين الناس وتضر بالبيئة وتعطل أشغال المواطنين وتؤخرهم عن قضاء حاجاتهم التي قد تكون مُلّحة جداً.
ربما نجحت هذه الحركة «الهمروجة» في الشمال حين اعتقل أحد أبنائها بتهمة تهريب سلاح الى سوريا والتورط بأعمال إرهابية، وحين احتج الموطنون في طرابلس وعكار على مقتل شيخين لم يرضخا لطلب الجيش بالتوقف، وحين اعتصم الأهالي من أجل تحريك ملف الموقوفين الإسلاميين. لكن لم يدرك هذا الشعب المسكين أن الدولة لا تحرّك ساكناً إلا حين تصل الموسى الى ذقنها، فحين اندلعت احتجاجات الشمال، كان الوزراء يتنافسون حول من ينقل أحد المتهمين من المحكمة العسكرية الى منزله في طرابلس الفيحاء. لكن حين يتعلق الأمر بخدمات أساسية هي من حق المواطن، مثل الكهرباء والماء، «تطنش» الدولة طلبات مواطنيها وكأنها من غير مسؤوليتها. حتى هؤلاء الذين يحتجون على بقاء شبابهم مخطوفين لدى عصابة سورية، لم يحركوا ساكناً في أعصاب الدولة، لأن مسؤوليهم رفعوا عنهم الغطاء وطلبوا منهم الانسحاب من الشارع. في أي حال، الاحتجاج في الشارع لم يعد مجدياً، في كل القضايا، بل قد يكون ضرره أكثر من فائدته، لكن هنا نستحضر أبا ذر الغفاري على الطريقة اللبنانية «عجبت ممن لم يجد كهرباء في بيته، كيف لا يخرج شاهراً دولابه المشتعل».
سليمان عياش

■ ■ ■

قبضايات الأورانج

يخرج علينا ميشال عون وصهره وبعض أركان تيار الأورانج وكأنهم الأوصياء على الدولة والأحرار في التصرف بمالها، مضيفين على أنفسهم صفات القداسة من النزاهة والوطنية (بالإذن من العميل فايز كرم)، فيما لم ينجحوا في مهامهم منذ أن وطأت أقدامهم بلاط السلطة إلا بشيء قليل. فلا علمانية التيار تحققت، بل أوغل في مسيحيته الى حد الغثيان، ولا الإصلاح تم، ربما مراعاة لبعض حلفائهم الفاسدين، حتى بات الوزير السابق شربل نحاس وجهاً من جوه العرقلة، بينما كان يمثل أفضل صورة من صور محاربة الفساد. في أي حال، كيف يتجرأ جبران باسيل على الخروج أمام طلاب لبنان الذين يدرسون على ضوء الشمعة وهم في خضم امتحاناتهم النهائية، فيما الكهرباء لا تصل الى معظم مناطق لبنان أكثر من 3 ساعات يومياً؟!
جورج محجوب