كرة القدم
لدى إليزابيث (13 عاماً) موعد خاص كل يوم اثنين مع أصدقائها في ملعب كرة قدم صغير بمدينة وولنغونغ الواقعة على بعد ساعة و20 دقيقة جنوب سيدني. بابتسامتها الجميلة التي تخفي الكثير من الشقاء، تستمتع الفتاة القادمة من بورماو، التي تحمل اسماً انكليزياً غير اسمها الحقيقي الذي يصعب على الأوستراليين نطقه، بلعب كرة القدم في فريق مكون من المهاجرين من بورما والسودان.
تلعب الفتاة الصغيرة، التي هاجرت إلى أوستراليا قبل ثلاثة أعوام، للفريق الأصفر الذي يخوض منافسات لعبة «الفوتسال» للموسم الثاني على التوالي بتشكيلة مليئة بالفتيات والفتيان الصغار.
في الموسم الماضي حلَّ الفريق ـــــ وهو الوحيد المكون من المهاجرين ـــــ ثامناً ضمن أحد عشر فريقاً بعدما لعب بطولة من مرحلتين، مدة كل مباراة فيها 50 دقيقة. هذا الموسم يبدو الفريق أكثر تصميماً على الدخول ضمن الصفوة مع تحقيقه ثلاثة انتصارات في مبارياته الست الأولى.
لكن الأهم من ذلك، أن للعبة هنا مذاقاً خاصاً، فهي إضافة إلى التسلية وسيلة لدمج المهاجرين في المجتمع. تستقبل أوستراليا سنوياً ما يزيد على 100 ألف مهاجر من مختلف قارات العالم، والمحظوظ منهم من لا يواجه الترحيل إلى بلده الذي جاء منه. الجدل لا يتوقف بين رجال السياسة ومنظمات المجتمع المدني حول ضوابط الهجرة، لكن المهاجر لا يعير هذا الجدل اهتماماً طمعاً بمكان في «أرض الفرص والأحلام».
منظمة (سكارف) التي تعنى بشؤون مساعدة الأسر اللاجئة وجدت ضالّتها في هذه البطولة. تقول الشابة آمي ويليامسون وهي متطوعة في المنظمة وإحدى لاعبات الفريق: «نؤمن بأن النشاط الرياضي يساعد الأطفال الصغار واليافعين على تطوير مهاراتهم ليكونوا جزءاً فاعلاً في المجتمع. هم في أمان الآن، لكنهم بحاجة إلى إيجاد طريقهم للاستقرار»، وتضيف إن تعلّم الأطفال مهارة تنظيم أنفسهم داخل الملعب يساعدهم على تعلم تنظيم أمورهم خارجه.
«اللعبة تبني روح القيادة، الصداقة والثقة لدى الأطفال الصغار، وخصوصاً لدى مواجهتهم فرقاً أكبر منهم سناً وأكثر خبرة» يقول المتطوع في سكارف، كريس ستريتون.
من بعيد، يجلس والد أحد الأطفال في السيارة ليراقب ابنه كيف يتقاذف الكرة مع زملائه. تبدو على وجهه علامات الفرح. الوالد على عكس الصغار لا يتحدث الإنكليزية لأن قطار تعلمها ربما فاته. الصغار بدورهم يتحدثون بلغتهم الأم عندما يجتمعون بعضهم مع بعض. هم أيضاً يبدون سعداء بالمهارة التي يظهرونها بين الفينة والأخرى في تبادل الكرة وإحراز الأهداف.
لإليزابيث حلم ليس صعب المنال، لكن من غير الواضح إن كانت رحلتها التي بدأتها قبل سنوات قليلة ستعوّضها فقدان الوطن.
وولنغونغ ــ علي ربيع