(1)
من أهمّ الدروس المستفادة من الحرب الدولية الهمجية الإرهابية الوهابية على سوريا، ما يأتي:
1ـ أنّ معظم المُدَلَّلِين و«المُغَنَّجِين» والمدعومين والمَسْنُودِين، وخاصّة مِمّنْ لا يمتلكون الكفاءات اللازمة ولا القِيَم الداعِمة، سواء من رجالات السلطة أو المال، كانوا أوّل من قَلَبَ ظَهْرَ المِجَنّ، ضد سوريا وشعبها وقائدها، وكانوا أوّل من غدر بسوريا وبشعبها وبقائدها، وكانوا أوّل المنضوين تحت جناح أعداء سوريا في الخارج، وكانوا أكثر المتهافتين لتقديم أوراق اعتمادهم لكل غادٍ وبادٍ ممّن أعلنوا الحرب المتنوّعة الأشكال على سوريا، وبرهنوا أنّهم كانوا أكثر النّاس سفالة ونذالة وقذارة وحقارة.
2ـ أنّ السياسة الاقتصادية الليبرالية في بلدان العالم الثالث، تقود الاقتصاد إلى طريق الليبرالية الريعيّة المنفلتة والاستهلاكيّة المنفلشة، على حساب الاقتصاد الإنتاجي الصناعي والزراعي.

(2)


كلّ مواطن عربي، من المحيط إلى الخليج، سيكون واهماً ومغفّلاً، حينما يعتقد أنّه يمكن أن تقوم للأمّة العربية قائمة، أو يمكن أنْ يكون العرب أسياد أنفسهم، أو يمكن أن يضعوا أقدامَهم على الدرجة الأولى من سُلّم الحضارة، أو يمكن أن يدخلوا العصر، حتّى من أضْيق أبوابه، أو يمكن لهم أن يخرجوا من سيطرة النزعات الظلامية التكفيرية التدميرية الدموية على عقول مئات الآلاف من أبناء المنطقة، أو يمكن لهم أن يغادروا عصور الانحطاط، بل عصور الجاهلية الأولى، أو يمكن للإرهاب القاتل أن يتوقّف يوماً... طالما أنّ عائلة آل سعود الوهابية الظلامية، تحتلّ الجزيرة العربية ومقدّساتِها الدينية وثروتها النفطية، وتضعها بالكامل في خدمة أعداء العرب وأعداء الإسلام المحمّدي وأعداء المسيحية المشرقية، بدءاً من الاستعمار البريطاني القديم، مروراً بالاستعمار الأميركي الحديث، وصولاً إلى الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي الرّاهن.
والباب الوحيد الذي لا ثاني له، للخروج من هذا الواقع العربي غير المسبوق في سوئه وانحطاطه، هو وضع النقاط على الحروف، بدون تردّد ولا مجاملة ولا تخاذل، من خلال فَضْحِ سفهاء آل سعود، كما هم على حقيقتهم، كَرَأس حربة، لجميع أعداء العرب والإسلام والمسيحية، والتّعامل معهم على هذا الأساس.
وإذا لم يقم العرب، جميع العرب، بذلك، في مواجهة العائلة السعودية الباغية، فما عليهم إلا أن ينتظروا مصيراً، كمصير عادٍ وثَمُود.

(3)


كم يدعو إلى الدّهشة تساؤل إعلامي عربي بارز كـ«سامي كليب» في مقاله في جريدة «الأخبار» اللبنانية: هل من مصلحة العرب، الدّفع باتّجاه اتّهام السعودية، بالتحالف مع إسرائيل؟
والجواب المختصر: هل هذا الاتّهام صحيح أم لا؟ وهل سياسة السعودية منذ نشوء «إسرائيل» تَشِي بذلك أم لا؟
وهل كانت السعودية، يوماً، إلا صديقاً لحلفاء «إسرائيل» وعدواً لأعدائها؟ وهل كانت السعودية في تاريخها، إلّا معاديةً لكلّ حركات التحرر الوطنية والقومية واليسارية، كـ«إسرائيل» تماماً؟
وهل التقاء «بندر» مع الإسرائيليين في العقبة، وتصريح «الوليد بن طلال» عن التحالف مع «إسرائيل» في الحرب على إيران، وعدم صدور نفي سعودي لهذا التصريح، يشير إلى التحالف مع «إسرائيل» أم إلى العداء معها؟.
وهل من مصلحة العرب، دَفْن الرأس كالنّعامة، في ما قامت وتقوم به السعودية، ضدّ قضاياهم المصيرية، وهل من مصلحة العرب تبرئتها من ذلك؟
وأخيراً: هل تكمن الخطورة في هذا الاتّهام، أم في الفِعْل نفسه، الذي قامت وتقوم به السعودية، منذ زمن طويل وحتّى الآن؟! وما هو الذي يجب أن يتوقف: الفِعل السعودي، أم اتّهام السعودية؟

(4)


لأنّ فريق العمل الثلاثي السوري الذي كان مُكَلّفاً بالتعامل مع المسألة اللبنانية، اعتمدَ غالباً، الانتهازيين والهزيلين «في لبنان»، جرى تعبيد الطريق لوصول أمثال «ميشال سليمان» إلى قيادة الجيش، ثمّ إلى رئاسة الجمهورية.
لكن أيضاً، لا يجوز لأحد أن ينسى بأنّ سوريا الأسد هي التي احتضنت ودعمت المقاومة التي حرّرت لبنان، وهي التي أوقفت الحرب الأهلية في لبنان، وهي التي منعت تقسيم لبنان وحافظت على وحدته وأعادت بناء جيشه الوطني ومؤسّساته، وهي التي دافعت عن لبنان وقدّمت آلاف الشهداء في مواجهة العدوان الإسرائيلي عام 1982.

(5)


يدعو أحمد البرقاوي إلى «احتلال المجتمع السوري، من قبل من سمّاهم جميع القوى الديموقراطية المدافعة عن الحرية، والتي أشعلت الانتفاضة السورية بالأصل، ثم يقول: في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، يكون العمل في احتلال المجتمع، أسهل من تلك المناطق التي ما زالت السلطة القديمة مسيطرة فيها. ويجب أن يتحوّل الزعتري إلى مدرسة لبناء العالَم الجديد، وكذلك الأمر في معسكرات اللجوء في تركيا وكردستان العراق ولبنان... وهذه الفوضى الحسنة من شأنها أن توفّر مناخ الحرية من السلطات لتحقيق ذلك».
فهل عرفتم الآن سِرّ تداعي وضياع الحقوق العربية، وفي طليعتها فلسطين، طالما أنّ (فلاسفتها!) من هذا النمط البرقاوي وأشباهه؟ ولمَن لا يعرف، فإنّ هذا «الفيلسوف» تهرّب من الخدمة الإلزامية في جيش التحرير الفلسطيني في سوريا، واستخدم من أجل ذلك علاقاته المتشعّبة مع المسؤولين في الدولة ممن كان (...)، وكان ضيفاً دائماً على موائدهم، ومغنّياً أحياناً، ومهرّجاً في أحيان أخرى.
* سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن