لإبعاد اليباس عن السنديانة الحمراء


في عام 2007، وضمن تحقيق أجرته «الأخبار» عن موضوع ورقة التفاهم التي أبرمت بين التيار الوطني الحر والحزب الشيوعي اللبناني، ولمناسبة مرور سنة على إبرامها، لاذت قيادة الحزب الشيوعي بالصمت إزاء ما قاله الناشط الإعلامي العوني ميشال أبو نجم عن أن التيار هو اليسار المسيحي بينما الحزب الشيوعي هو اليسار المسلم! أبت قيادة الحزب الشيوعي الرد على هذه الهرطقة الخدعة وعلى انطلائها على شريحة كبرى أساسية من أبناء شعبنا، وعلى ما تمخّض من رحمها من عواقب وخيمة جمّة تجسّدت بتصديق تلك الشريحة أن اليسار يمكن أن يكون مسيحياً ومسلماً! انظر لانعدام التثقيف السياسي الوطني التقدمي!
وبعد أروع تظاهرة شعبية عام 2011 انطلقت من ساحة ساسين في الأشرفية إلى وزارة الداخلية في الصنائع ضمن تظاهرات إسقاط النظام الطائفي في لبنان، قال القيادي الكتائبي سجعان القزي عقب التظاهرة: العلمانيون اجتاحوا الأشرفية! لم ترد الدائرة الإعلامية المركزية في الحزب على هذه المقولة الفيدرالية التقسيمية، كما لم تحرك الدائرة الإعلامية المركزية في الحزب ساكناً إزاء جريمة القرن في بيصور التي وقعت منذ ثلاثة أشهر وتجلّت بقطع العضو التناسلي لشاب من طائفة معينة لزواجه من شابة من طائفة مغايرة، وكأن حزبنا كان يجب أن يقف موقف المتفرج أمام عدم نيل الجناة قصاصهم، وكأنه كان يجب ألا يقيم التظاهرات بهدف «تنذكر وما تنعاد». ولم تضع قيادة الحزب الشيوعي نصب عينيها الرد على جرائم الإخوان والسلفيين والمجموعات التكفيرية المرتبطة بتنظيم القاعدة بحق فنانين وشعراء ورجال دين، وبحق رأس تمثال أبي العلاء المعري وتمثال السيدة العذراء وبحق البيئة التي اغتصبوها وقطعوا منها شجرة بلوط في ريف حلب بذريعة أن الناس يتباركون منها ويصلّون لها. لم ترد القيادة الحزبية بحجة أن الصراع في سوريا ولبنان صراع سنّي _ شيعي! وكأنه ليس صراعاً بين محور مقاوم للمشروع الأميركي ومحور مذعن له!
وكيف لا يصاب الشاب الشيوعي بالإحباط والقيادة المركزية الحزبية لم تتحلّ بالحماسة الشديدة للتمدّد الحزبي الفعلي في كسروان وجبيل والمتن، وهي مناطق اضطر الحزب إلى تركها في بداية الحرب الأهلية؟ فكسروان مثلاً هي مسقط رأس مؤسس الحزب فؤاد الشمالي وشاعر الحزب الياس أبو شبكة والشيوعي الياس البواري ملك الحركة النقابية، فكيف لا يصاب الشباب الشيوعي بالإحباط والقياديين في الحزب أو بعضهم هجّروا الروح الثورية من نفوسهم، أو أن تلك الروح هجرتهم لأنها لم تعتد أن يكبح جماحها أحد؟
ريمون ميشال هنود