تربح أميركا كاسفنجة وكأنثى

مثلما تمتص الاسفنجة بقعة ماء أو زيت أو وسخاً، تمتص المرأة رغبة الرجل وشهوته وغضبه، وكذلك تستطيع أميركا أن تفعل فتربح. وذلك لأن أميركا هي بلاد استثنائية في فرديّتها في التاريخ الحديث والمعاصر، ولو أنه ليس لها أثر يذكر في التاريخ القديم. وبالرغم من بداية تاريخها الاستكشافي الذي قام على إبادة الهنود الحمر مكمّلين ما بدأ به الإنكليز من قبلهم، فقد سنّوا بنداً قانونياً في دستورهم يعفي الهنود الحمر من دفع الضرائب. وكما هو معروف، كانت أميركا تقطف دائماً نتائج حروب الآخرين، وبخاصة الحرب العالمية الثانية. وهذا ما دفعها إلى الطمع بالسيطرة على العالم عبر خوضها حروباً عدة بدأت بحرب الكوريتين ولم تنتهِ في فيتنام ولا في حربَي أفغانستان والعراق، مروراً بحرب «الرهائن» في لبنان.
اليوم، وبعد تشجيع «حماسي» من بريطانيا، سرعان ما تراجع بعد عدم موافقة مجلس العموم البريطاني على قرار الحرب على سوريا، اتخذ الرئيس الأميركي باراك أوباما قراراً بخوض حرب محدودة على سوريا بموافقة فرنسا وبعض الدول الأوروبية والعربية على خلفية اتهام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام السلاح الكيميائي. وغداً أو بعده قد يتخذ القرار بشن الحرب على سوريا عبر ضربات محددة من حاملات الطائرات والمدفعية الصاروخية الجوية المتطورة والتي حتماً ستؤدي إلى مقتل عشرات الآلاف من المقاتلين والناس الأبرياء والأطفال! وذلك بالرغم من المعارضة «المبدئية» على شن تلك الحرب من روسيا وإيران والصين، وقداسة البابا فرنسيس ومعظم كنائس أميركا والمتظاهرين، خوفاً من توسّع تلك الحرب وبخاصة إذا ما دخلت على «خط الحرب» دول ومجموعات وأفراد من تحت الطاولة وليسوا في الحسبان!
وعليه، أقول وأكتب بالمختصر المفيد أدناه: «تربح أميركا كاسفنجة وكأنثى»، وتخسر كمدمّرة حربية و«سوبرمان» مع البدو في بلاد العرب. كما أستغرب صمت المفكر الاستراتيجي هنري كيسنجر «الأميركي» عمّا يحصل في سوريا، ولا سيما أنه هو مَن عمل على تسليم السلطة إلى الأقلية العلوية في سوريا، وشرب الكثير من «أكواب» الليموناضة على مضض مع الرئيس الراحل حافظ الأسد، الذي رعى الأقليات ومنهم المسيحيون وبلدة معلولا الأثرية والأيقونة التاريخية.
فيصل فرحات