قضايا المشرق | لم يربط التاريخ بين العقبة الأردنية والبصرة العراقية بشيء، رغم أن كلتيهما تمسكت بتلابيب الجزيرة العربية كلاً من ناحيتها، باستثناء أن العقبة حلت محل البصرة في الصادرات والواردات العراقية طوال فترة الحروب العراقية. ولكن خط أنبوب النفط العراقي الأردني قد يكتب تاريخاً جديداً من الربط، ويدشن تحولاً استراتيجياً في التحالفات في المنطقة، ويدفع الأردن تدريجاً باتجاه المحور الإيراني ــ العراقي ــ السوري على حساب التحالفات الخليجية التقليدية للأردن. ويشكل الخط إنجازاً ضخماً في الوقت المناسب لدولتين تعانيان مصاعب إدارية وسياسية ووطنية. ويقول الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير محمد المومني لـ«الأخبار» إنّ الإرادة السياسية في الدولتين التقت مع المصلحة الاقتصادية لتنفيذ هذا المشروع الضخم. ويشدد المومني على أن المشروع ماضٍ كما هو مخطط له، دون أن يكون عرضة للتأثر بأية عوامل. ويشير المومني إلى لقاء جمع قبل أيام رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور مع رئيس مجلس الأعمال العراقي، حيث تطرق اللقاء إلى دور رجال الأعمال الأردنيين والعراقيين في مشروع أنبوب النفط. وقد أبرم الأردن والعراق، بتاريخ 24 نيسان 2013، اتفاقية إطارية لتنفيذ مشروع لنقل النفط العراقي الخام عبر أراضي الأردن إلى مرفأ التصدير في مدينة العقبة على ساحل البحر الأحمر لغرض التصدير مع تمديد خط للوقود الغازي (غاز طبيعي) مواز لأنبوب النفط، بكلفة اجمالية تبلغ نحو 18 مليار دولار، وبطول 1700 كيلومتر. ويقول مصدر حكومي أردني لـ«الأخبار» إنّ المشروع سيقوي العلاقة مع العراق ويضفي عليها بعداً استراتيجياً. ورغم أن ذات المصدر استبعد أن يؤثر ذلك على علاقات الأردن الخليجية إلا أنّ من الواضح أن تعزيز علاقات الأردن مع العراق سيخفف بشكل كبير من اعتماد الأردن على النفط الخليجي.ومن المتوقع إنجاز التصاميم والدراسات الفنية للأنبوب خلال الربع الأخير من العام الحالي تتبعها مرحلة طرح عطاء وتنفيذ المشروع كاملاً قبل نهاية هذا العام، فيما يتوقع أن يبدأ العمل بالأنبوب في تموز 2014 وينتهي بحلول عام 2017. وسيمتد الخط البالغ بين البصرة والعقبة مروراً بالعاصمة عمان ومصفاة البترول الأردنية في الزرقاء، حيث سيزود المصفاة باحتياجاتها الكاملة والمقدرة بـ 150 ألف برميل يومياً، فيما تتجه باقي الكميات (850 ألف برميل) إلى ميناء العقبة لأغراض التصدير. ويقوم نظام تنفيذ المشروع يقوم على أسلوب الشراكة مع القطاع الخاص لبناء الخط وتملكه وتشغيله، ومن ثم إعادة تمليكه للحكومة. ولذا، سيطوره مستثمر واحد في أراضي الأردن والعراق، ليقوم بعد 20 عاماً بتسليم المشروع لحكومتي الأردن والعراق ليشغّله الطرفان. وتقدر «اكسفورد بزنس غروب» أن يضخ أنبوب النفط، للأردن نحو 3 مليارات دولار كرسوم عبور «transit fees». ويتوقع أن يؤدي الأنبوب دوراً مهماً في جهود الحكومة ووزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية لتنويع مصادر الطاقة لديها وتعزيزها. وفي هذا الصدد، يقول الوزير المومني إنّ الأردن يشتري النفط بالعرض والطلب، وإن أية آلية للحصول على نفط أرخص ستلجأ إليها الحكومة الأردنية. واستبعد أن يؤثر أنبوب النفط على استيراد الأردن للنفط من دول الخليج العربي، والتي تبعد نفس المسافة عن الأردن، أي بنفس الكلفة تقريباً. وعلى الأرض، اتفقت الحكومة العراقية – حسب مصدر في السفارة العراقية فضّل عدم ذكر اسمه – مع الجهات ذات العلاقة على إتمام المشروع على مرحلتين، لتخفيف الكلفة العالية للمشروع، مبيناً أن المرحلة الأولى تبدأ من محافظة البصرة إلى الحديثة - مدينة في محافظة الأنبار العراقية - بطول 680 كيلومتراً وسعة نقل 2.25 مليون برميل يومياً بوجود أربع محطات ضخ متوائمة. أما المرحلة الثانية، فهي بطول ألف كيلومتر من حديثة إلى ميناء العقبة في الأردن، وبقدرة نقل تصل إلى مليون برميل نفط يومياً وبوجود سبع محطات ضخ ويتفرع عن هذا الخط خط آخر يتصل بمصفاة الزرقاء شمال الأردن، وتُنفَّذ هذه المرحلة بطريقة الاستثمار BOT. ويأتي إطار اتفاق المبادئ لتنفيذ مشروع خط أنبوب بطاقة تصميمية تقدر بمليون برميل يومياً لنقل النفط الخام العراقي الاعتيادي مع المنشآت اللازمة لتصدير النفط العراقي عبر أراضي المملكة إلى مرافئ التصدير على ساحل البحر الأحمر/ العقبة. ويتضمن المشروع، أيضاً، تنفيذ خط بطاقة تصميمية (358 مليون قدم مكعب يومياً) لتأمين الغاز الطبيعي اللازم كوقود لتشغيل محطات الضخ على مسار الخط داخل أراضي المملكة لمتطلبات المشروع، إضافة الى تزويد مستهلكين محليين أردنيين ضمن المسار (يحددهم الطرف الأردني) بحاجتهم من الغاز الطبيعي في حال توافره وحسب الطاقة المتاحة للأنبوب، بحيث يخصص للجانب الأردني من هذه الطاقة التصميمية 100 مليون قدم مكعب يومياً.