«حبّ في زمن الردّة» لمَ لا؟
في العدد 1987 من جريدة «الأخبار»، فوجئت بـ«مقال» لـ«محمود منير» يعتبر فيه أنّي غفلت في روايتي، التي لا تمت إلى الخليج بصلة، عن تأثيرات النفط على نزعاتنا الاستهلاكية وحصر تفسير الأحداث في الجنس «على أهمية السلوك الجنسي»، بحسب منير.
كاتب هذا المقال جعلني أفكّر مليّاً في معايير النقد في زمننا الحالي وكذلك في المعايير الصحافية التي تعكس للأسف نمطاً حياتياً للبعض الذي يعتبر أنّ توجيه السهام للآخر نصر. جعلني أتساءل لماذا لم يجد في واقع «سحر»، التي كانت ممنوعة من ممارسة أي نشاط مهني إلى حين انتفاضها على زوجها، غير الجنس، ولماذا لم يجد في «هالة» التي اضطرها اليتم والفقر إلى ترك دراستها غير ذلك.
الواقع أن السلوك الجنسي لشخوص الرواية كان مرآة للصراعات المحتدمة داخلهم، انطلاقاً من اعتقادي أنّ الإنسان كتلة متجانسة لا يمكن فصل سلوكه الحياتي والعاطفي والمهني عن سلوكه الجنسي. وسقط سهواً من هذا المقال طرحي إشكالية المدينة المعنّفة من خلال المرأة المعنّفة. نعم، هي مركبات الكبت والقمع للرجل وللمرأة على حد سواء والتي تراودني تجلياتها في معظم التفسيرات لأحداث روايتي وتزيدني اقتناعاً بأنّنا نرفض أن نواجه هزائمنا ونفضّل عوضاً عن ذلك أن نلغي الآخر.
وفي الشقّ الآخر من هذا المقال، أقحم منير تأثيرات الخليج من حيث لا أدري، وسألت نفسي أيضاً لماذا؟ ما علاقة الخليج والنفط بالرواية، ولماذا يريد منير إقحام عدائه الشخصي للخليج بها؟ بكل بساطة، هناك فئة نمطية ترمي كل مشاكل الحياة على فئة أخرى من دون أن تتوقف للحظة وتراجع سلوكها أو تقوم بأي نوع من النقد الذاتي. هذه الفئة المغلقة تزرع في نفسي الحزن والأسى لأنّها في قوقعة لا تخوّلها رؤية السرد سوى من وجهة نظر واحدة. والحقيقة أنّي كنت أتمنّى لو كان هناك نقد موضوعي للرواية وأن تقارب الكتابة بالطريقة التي تليق بها عوضاً عن تقديم نظرة أحادية لا تخدم القارئ، إن كان هذا الهدف من الكتابة الصحافية، وليس إملاء لما يجب أن أقول أو لا أقول كأني في صدد كتابة «مانيفستو» وليس حكاية.
حبّ في زمن الردة؟ ربما وما العيب في ذلك، حبّ نحتاج إلى الكثير منه لكي نستقيم ونشعر بالخزي من أنفسنا قبل أن نصوّب سهاماً تفتقر إلى العقلانية.
جنا الحسن