الزواج المدني من أزمات النظام الفاسد
احدثت تصريحات عدد من الهيئات الدينية بشأن الزواج المدني تجاذبات عدة في الوسط الاجتماعي اللبناني. التصريحات، بحد ذاتها وفي توقيتها، ليست صدفة. فالذكاء الطبقي عند النخبة الحاكمة القيمة على ديمومة النظام الطائفي غالباً ما تغتنم الفرص لتحول اي مطلب جماهيري اقتصادي ــــ اجتماعي محق لمصلحتها.
كان منحى الطبقة الحاكمة لمواجهة الضغط الشعبي الناتج عن المطالبة بتشريع الزواج المدني مشابهاً لخطط القناصة إبان الحرب العالمية الثانية، حيث كانت القناصة تتمركز بأماكن مموهة وتقضي ساعات لإقتناص الهدف الثمين. في الجهة المقابلة كان يقوم القناص المعادي بتثبيت قبعة او خوذة عسكرية على قطعة خشبية ويرفعها من احدى شرفات المباني ليطلق النار عليها القناص في الجهة المقابلة وليكتشف انه اصاب هدفاً خاطئاً وعرّض نفسه لوابل من رصاص القنص. هنا يكمن اساس المشكلة حيث تحمس وتسرع العديد من المثقفين والعلمانيين والديمقراطيين الى مهاجمة الهيئة الدينية، من خلال مهاجمة شخصياتها، بدلاً من التركيز على نقد ثقافة الطبقة الحاكمة وتحويرها لعملية الصراع الطبقي معتمدةً النظام الطائفي غطاءً لذلك، فاستدرجوا أنفسهم إلى هدفٍ خاطىء. هذا ما دفع بالمطلب المحق الى زواريب مظلمة ينحدر فيها النقاش الى مستوى يشتت الجهود النضالية ويدخلها في صدامات جانبية تشوه صورتها. في المقابل ظهر تقسيم الأدوار واضحاً حيث صرح عدد من اعلام وقادة احزاب النخبة المسيطرة برفضهم تصريحات الهيئات الدينية، فظهرت المشكلة وكأنها ازمة بين الهيئات الدينية والعلمانيين والديمقراطيين. علماً ان الأزمة كامنة في الجوهر بمنع اية عملية تساهم في حث اللبنانيين على التحالف والتناغم خارج العصبية الطائفية.
الأزمة العالقة هي بين من يطالب بالتغيير والطبقة الحاكمة التي تعاقبت على استلام السلطة، كون قضية الخروج من دوامة العنصرية الطائفية والإنتقال الى صيغة تجمع اللبنانيين حول مطالب معيشية محقة تتناقض مع فن ادارة حكام هكذا نوع من الأنظمة. هذه الأنظمة التي تتحكم بحياة الشعب الاجتماعية اليومية مما يسهل بث الدعاية العنصرية التي تفتت وحدة هذا الشعب.
على شباب لبنان أن لا ينحرفوا الى أروقة التضليل وليكن الهدف الأساسي لاي عملية تغيير جذري مرتكز الى نسف النمط الإستهلاكي الاستغلالي للاقتصاد الاجتماعي والإنتقال الى دولة مدنية قائمة على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات وضامنة لجميع الحريات المدنية بما فيها حرية الزواج المدني.. التي تندرج في سياق أزمات النظام الفاسد.
سلطان حمادة