الديمقراطية
بعد 35 جلسة صوريّة لانتخاب رئيس للجمهورية، وبعد تفريغ الرئاسة لمدة سنتين عملاً بأحكام الدستور، رحت أردّد بيني وبين نفسي: كم من الجرائم ترتكب باسمك أيها الدستور وباسمك ايتها الديمقراطية!
ورحت اطرح على نفسي سؤالاً قديماً:
لمَ لا يكون انتخاب الرئيس من الشعب؟ ما دامت الديمقراطية أصلاً تعني حكم الشعب (d'emos شعب وKratos سلطة)، وما دام العالم كلّه يتبع هذه الطريقة.
وراحت تمر ببالي بعض من الإجابات عن هذا السؤال:
قال كثيرون إن هذا مخالف للدستور. وهؤلاء أنفسهم هم الذين طعنوا الدستور بلا شفقة طعنات قاتلة!
أتذكرون، مثلاً، الدكتور عمّار حوري البسّام عندما هنأ الشعب اللبناني قبل إجراء الانتخابات الأخيرة بانتخاب جاهز للرئيس ميشال سليمان؟
أو تذكرون، مثلاً، كيف لم يتفوّه أحد من أتباع الديمقراطية بكلمة واحدة عندما صرّح الرئيس حافظ الأسد من القاهرة فقال: إنّ الشعب اللبناني يريد التجديد للرئيس إلياس الهراوي؟
ولقد تذكرت أحد المستزعمين المسيحيين عندما طرح عليه هذا السؤال فأجاب: أنا أوّل من طرح هذه الفكرة من خمس وعشرين سنة، ولكن ليس وقتها الآن. ولم يشرح لنا كيف حان الوقت من 25 سنة، وكيف حال الآن؟
إنّهم يدعون الديمقراطية، أي حكم الشعب، ونحن نرى أن الشعب بفوراته المتلاحقة من مثل "طلعت ريحتكم" و"بدنا نحاسب" وسواهما، نراه، بدلاً من أن يصوّت لهم، يصوّت منهم.
وهنا نطلب دستوراً من الدستور لنروي هذه الحكاية:
أصيب شاب بمرض عضال. وبعدما جرّب فيه طبيبه الخاص كل الأدوية التي مرّت بخاطره بلا نتيجة، جاءه أخيراً ليفحصه ويقول له: أنا آسف. وضعك خطر جداً. هل لك من وصية؟
فأجاب الشاب: نعم، أوصيك بأن تأتي لي بطبيب آخر
جوزف منصور