انتهت المفاوضات النووية في فيينا بين إيران ودول خمسة زائداً واحداً من دون التوصل إلى الاتفاق المنشود والمتوقع. ومُددت المفاوضات لسبعة أشهر جديدة، وفي هذا الإطار تستأنف المفاوضات في السابع عشر من كانون الأول الجاري في جنيف. لو عدنا إلى الوراء وبحثنا في تاريخ المفاوضات لوجدنا أن أحد أهم الأخطاء التي ارتكبتها إيران في هذه المفاوضات هي قبول التفاوض مع الثلاثي الأوروبي (ألمانيا وفرنسا وانكلترا).

هذه المفاوضات الناتجة أساساً من الضغوط السياسية الغربية ضد الملف النووي الإيراني جرى التمهيد لها بداية في ألوية الوكالة الدولية للطافة النووية، وسوّق لقبول التفاوض مع الدول الأوروبية الثلاث وفي مرحلة لاحقة مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا، ربما لم تكن ايران تملك حينها حرية اختيار الطرف الآخر على طاولة المفاوضات، ولكن بات واضحاً الآن أن المشكلة الكبرى في المفاوضات النووية هي الآراء المختلفة التي تصدر عن الدول الأعضاء في مجموعة 5+1.
1 ــ روسيا والصين تتبنّيان مواقف مغايرة لمواقف الدول الغربية الأربع، وهي تسعى دائماً لحل الأزمة.
2 ــ بعد الأزمة الأوكرانية توسع الخلاف بين أميركا وروسيا في ما يخصّ إيران والشرق الأوسط.
3 ــ شهدت المفاوضات الأخيرة التي أقيمت في مسقط وفيينا تبايناً في المواقف الأميركية والفرنسية رغم أن البعض يعتقد أن هذا التباعد ما هو إلا توزيع للأدوار، وفي الحقيقة لا يوجد اختلاف حقيقي بين البلدين.
ومن جهة أخرى، لا ننسى الضغوط الخارجية التي تعرقل سير المفاوضات وأهمها الضغوط الإسرائيلية (واللوبي الاسرائيلي في أميركا)، والحزب الجمهوري الأميركي.
لماذا ايران عملياً أمام
ثلاثة مواقف متباينة داخل هذه المجموعة؟



وفي ظل هذه الظروف تمكنت إيران من مواجهة كل هذه العقبات المؤثرة في المفاوضات بحنكة دبلوماسية.
هناك سؤال فرض نفسه منذ الوهلة الأولى في المفاوضات النووية، ما الهدف من تأسيس مجموعة ما بات يعرف بدول خمسة زائداً واحداً؟ ألم يكن الهدف أن تتخلى هذه الدول عن خلافاتها الداخلية وتتفاوض مع إيران بصوت واحد؟ إذاً لماذا ايران عملياً أمام ثلاثة أصوات مختلفة، وبصريح العبارة أمام ثلاثة مواقف متباينة داخل هذه المجموعة؟
تباين الآراء هذا ساهم بعدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين إيران ودول خمسة زائداً واحداً على مرحلتين في جنيف (2013) وكذلك فيينا (تشرين الثاني 2014)، وفي المرحلتين لعب الوفد الفرنسي دوراً مهماً في منع التوصل إلى اتفاق نهائي.
سير المفاوضات على هذا النحو أثار اعتراض الوفد الايراني المفاوض حتى أنه كان على وشك الخروج من المفاوضات في مسقط وفيينا، إلا أن تراجع الغرب عن مواقفه والتدخل الأميركي دفع الايراني للتريث والتراجع عن موقفه في الانسحاب من المفاوضات. وفي نهاية الجولة الأخيرة التي أقيمت في فيينا والتي أسفرت عن تمديد المفاوضات لسبعة أشهر جديدة أعلن وزير الخارجية ظريف أن ايران من الآن فصاعداً سوف تتفاوض مع مجموعة خمسة زائداً واحداً ولن تدخل في متاهة التفاوض مع كل عضو منها على حدة. محمد جواد ظريف عبر عن استيائه من إمكانية كل دولة من الدول الأعضاء في خمسة زائداً واحداً من استخدام حق النقد الفيتو في أي مرحلة من مراحل المفاوضات، الأمر الذي لن يسمح بإحراز أي تقدم خصوصاً مع وجود اختلافات عميقة في ما بين هذه الدول وطالب بإيجاد حل جذري لهذا الموضوع.
إيران إذاً سوف تتبنى في المفاوضات المقبلة في جنيف سياسة التفاوض مع مجموعة دول خمسة زائد واحد كصوت واحد، بحيث لا يحق لأي دولة أن ترفع صوتها في مواجهة الدول الخمس المتبقية وتُفشل المفاوضات تحت أية ذريعة وإلا فما معنى تأسيس مجموعة خمسة زائداً واحداً أساساً؟
وانطلاقاً من هذا نعتقد أن الخلافات بين دول 5+1 إذا ما استمرت في الأشهر السبعة المقبلة، فإن مجموعة خمسة زائداً واحداً سوف تنقسم إلى مجموعتين، الأمر الذي سيحدث خللاً كبيراً في مجال العقوبات المفروضة على إيران والجمهورية الاسلامية سوف تجد نفسها أمام طرق متعددة وحلول أكثر لمواجهة هذه العقوبات.
* صحافي ايراني