صمتُ المواجعِ
صمتُ المواجعِ في الأحشاءِ أضنانا
أبي حبيبي متى الأحزانُ تنسانا
فكم نحنّ إلى يمناكَ تحضننا
وكم نتوقُ يُسراكَ تنهانا
نشتاقُ كيفَ ولا نشتاقُ يا أبت
وفي غيابكَ جمرُ الشوق أبكانا
يا مَن رحلتَ، وكلّ الناس راحلة
إلاّ صداكَ ففي أرجاءِ دنيانا
هُمُ الكبارُ وإن ماتوا فباقيةٌ

فينا مآثرهمْ للمجدِ عنوانا
لنا الخلودِ بحقلِ العلمِ ما خلدت
إلى اليباب وغطّى الموج شطاَنا
أبي رحَلتَ فضاقَ البيتُ يخنقنا
وراحَ ينزفُ وردُ الدارِ ألوانا
كلُّ العصافيرِ ما عادت لتطربنا
وقد أضاعَتْ على فُرقاكَ ألحانا
والدّفء أخلى زوايانا وهاجرها
وصارَ الوجاقُ بصدرِ البيت بردانا
حتى السواقي التي أحبَبْتَ نضَبَت
أمسى الغديرُ لبعض الماءِ عطشانا
فمَنْ يواسي ربوعَ الشوفِ غربتها
ومَن يفيضُ على بيروتَ تحنانا
وكيفَ بعدَكَ نمضي في مسيرتنا
وكيف نبقى بوجهِ الخوف شجعانا
إلهام تبكي رفيقَ العمر غادرها
سلامُ تتلوى على ذكراك قرآنا
مروى تداري حريق الشوق كاتمة
أنين قلبٍ رماهُ البعد نيرانا
ماذا أقول بما قد صابَ نابغة
يجفُّ دمعٌ فتبكي الدّمَ أحيانا
وهيثم كشبلٍ أبى الأحزان روّضها
حاشا تلامسُ فرخَ النسرِ أحزانا
أنظر إليّ أقولُ الشعر فادية
وأنثر الحرفَ في مرثاك مرجانا
يا مَن بنيتَ صروحَ العلمِ عالية
صرحُ الدراسةِ ما أعلاهُ بنيانا
مضيتَ تصنعُ أجيالاً تثقفها
صنَعْتَ منها، وقبلَ العلمِ إنسانا
علمتنا المجدَ كلّ المجدِ أن نعطي
لولا العطاءُ فلا داراً وأوطانا
كذا سنبقى على نهجِ ونتبعُه
نهج الفؤادِ ينيرُ الدربَ إيمانا
يا مَن وهبتَ شبابَ الروحِ تضحية
قدّمتَ أزهى سنيّ العمرِ قربانا
وكنتَ، لا شكّ، خيرّ الناس أحسنَهُم
وكنت في العدلِ بين الناس ميزانا
إلى جنانِ تريحُ النفسَ يا أبت
ونَمْ قريراً فعينُ اللهِ سهرانا

(في الذكرى الاولى لرحيل
المربي فؤاد ذبيان)
فادية ذبيان أبو زكي