بلغة الشارع «المسيَّس» (من سياسة) و«المنزوي» (قاعد في الزاوية وليس بالواجهة) ان مدّ أنابيب الغاز من قطر إلى أوروبا عبر تركيا بدل الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر سوريا، كان من أهم أسباب الحرب في سوريا. قال لي تلك العبارة سائق «سرفيس» الحمراء.بعد ان نظرت اليه وأنا جالس الى جانبه والمقعد الخلفي فارغ، لويت رأسي بعلامة إعجاب وموافقة على ما قاله، وقلت: «كلامك فيه منطق». فشكرني بحني رأسه على جهة اليمين، وتابع قوله إن لدى روسيا قاعدة بحرية عسكرية في طرطوس (شمال سوريا)، ولها مصالح مشتركة في ميادين مختلفة مع سوريا. وعبر سوريا، تستطيع روسيا التحكم بعلاقاتها مع الدول العربية وحتى مع إسرائيل. وهي على علاقة صداقة مع الفلسطينيين. ثم ختم وهو يركّب الفيتاس بجانبه بكلمة: «ومع أطراف من المعارضة السورية فاتحة الباب».

فعدت وهززت برأسي موافقاً، ثم أضاف كلمة بدت عجيبة غريبة، واستحوذت على تفكيري للحظات، وهي: «من الطبيعي واللا طبيعي، تبقى روسيا تدعم سوريا بالحرب حتى الدمار الشامل!» يعني: «العوض بسلامتك»! حينها نظرت اليه بشيء من الاندهاش، وهو يهزّ برأسه وهو يوقف السيارة، فنزلت وحنيت رأسي من النافذة، وشكرته على حديثه «المسيَّس» المقنع. ابتسم إلى درجة الضحك، ماداً يده للسلام. وفيما كنت أمشي نحو بيتي، تذكرت سؤال السائق لي: «شو في أخبار بهالجريدة؟»، فضحكت، ثم ازداد ضحكي عندما تذكرت جوابي على سؤاله بأني: كاتب وبياع كتب! فضحك ذاك السائق وقال: «أي خود هالتحليل واكتب عنه»، وضحكنا معاً.
وعليه، يتراءى لي بأنه من مصلحة أميركا الاستراتيجية والبعيدة المدعى أن تُسلّم ولو على مضض بأمر أن تبقى سوريا لروسيا، ولا تقطع العلاقة معها، أي مع سوريا، «على الاقل» من أجل المساهمة في إعادة إعمار سوريا الضحية! وبأن تبقى أميركا على علاقة وديّة مع روسيا التي لديها الخبرة والنيّة لمواجهة أعداء النظام والشعب السوري، بحسب ما تردد الدولة ووسائل الإعلام الروسية. والتي تعتبر أن سوريا خطاً أحمر لروسيا.
ما يجعل قادة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وغيرهم يفكرون في كيفيّة مواجهة البديل، أي روسيا بدلاً من اميركا.
وهكذا، تكون أميركا قد خرجت من «ورطة» حرب ولربما حروب مكلفة وتتبعها عواقب! وتستمر في سياسة التغيير نحو تحقيق العدالة الاجتماعية العالمية، بدءاً بإقامة دولة فلسطين الى جانب دولة إسرائيل. والتي سيكون لها وقع الصدمة التاريخية لجميع الشعوب المحبة للسلام وللحضارة وللإنسان وللبيئة ولفلسطين.
ختاماً، لا بد من تسليط الأضواء على السموم البيئية والنفسية والاجتماعية التي ستتسبب بها أية حرب في هذا الزمن «المتوحش» (عن سابق تصوّر وتصميم) وبخاصة في لبنان المنكوب!!