«هل لنا أن نرى أي زعيم عربي او مسلم يرفع سبابته لمساعدة الشعب الفلسطيني في هذه المجزرة؟ قاتلكم الله.أين أردوغان، الحامي العثماني المقبل؟ أين هو؟
أين الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود المالك المشترك لقناتي «فوكس» و»سكاي نيوز»؟
أين هم ملوك وامراء العالم العربي؟ أولئك الذين هم دائماً سباقون لبذل المال من أجل قتل العرب؟
أين الملك عبد الله «خادم الحرمين الشريفين»؟

أين الجنرال السيسي «عبد الناصر الجديد»؟
إنني أتوجه بكل صدق للزعماء العرب والمسلمين بهذا السؤال. «أليس لديكم ذرّة من حياء؟ حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا».
هذه ترجمة لكلمات جاءت في تغريدة بالانجليزية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. وقد يتبادر إلى الذهن أن المغرّد فلسطيني مقهور مما يجري من موت ودمار في قطاع غزة. أو قد يكون عربياً لا يزال فيه بعض من العروبة التي أضحت سُبّة وتهمة في هذا الزمن.
لا هذا ولا ذاك، إن المغرّد ليس إلا بريطانياً، وهو النائب الاسكتلندي السابق جورج غالاوي عن حزب «احترام» في مجلس العموم البريطاني.
طبعاً نحن لا نستغرب صدور هذا الكلام من سياسي وناشط حرّ مثل السيد غالاوي، نذر نفسه دائماً لنصرة الحق وأهله وما عاناه من أجل هذه القيمة النبيلة. نذكر كيف سيّر قوافل الإغاثة إلى غزة ومن قبلها العراق أيام الحصار الظالم وأخْذ على عاتقه علاج الطفلة العراقية مريم التي فقدت بصرها.
ونذكر أيضاً كيف حورب النائب البريطاني بمحاولات تشويه سمعته حين اتّهم بتلقيه رشاوى من الرئيس الراحل صدام حسين، فيما عرف آنذاك بقضية كوبونات النفط. وكان للسيد غالاوي شرف المثول أمام الكونغرس الأميركي للرد على تلك الاتهامات في إطار التحقيق في القضية.
لكنّ السحر انقلب على الساحر، وتحولت جلسة الاستماع في الكونغرس إلى جلسة محاكمة لدولة أميركا التي غرّتها قوّتها فحوّلت جيشها إلى مغول القرن الواحد والعشرين. وبدلاً من أن يصبح غالاوي متهماً، تحوّل إلى محام يواجه واشنطن بكل ما فعلته في البلدان التي طالتها سياستها وما أكثرها.
تغريدة السيد غالاوي تثير في النفس شجوناً، ليس لأنها ذكرتنا بملوك وأمراء ورؤساء لم ننتظر منهم يوماً خيراً للأمة فذاك أمر مفروغ منه. ما كتبه غالاوي جعلنا نتساءل كيف لرجل نختلف معه في الجنسية والانتماء أن يتخذ هذا الموقف إزاء ما يجري في غزة، بينما نشهد بعض العرب وهم يشمتون بحركة حماس انطلاقاً من مواقفها إزاء الوضع في مصر والحرب في سوريا. وكأنّ غزة لا يوجد بها غير حماس ولا يوجد بها شعب أعزل محاصر مجوّع، 80% من مياهه غير صالحة للشرب بشهادة الأمم المتحدة ويفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة.
وبينما البيوت تدكّ على رؤوس أصحابها بفعل القصف الوحشي، وبينما تغصّ مستشفيات القطاع المتهالكة بجرحى يستدعي وضعهم الصحّي نقلهم إلى الخارج لتلقي العلاج، شهدنا البعض في مصر ينادي بإبقاء معبر رفح مقفلاً في وجه الفلسطينيين. معبر رفح الذي هو المتنفس الوحيد لأكبر سجن في العالم. فماذا ينتظر هؤلاء؟ أن يموت الجرحى على المعبر حتى يشفوا هم غليلهم؟
ورأينا الظاهرة نفسها من بعض السوريين الذي أبوْا إلا يذكّروا بموقف حماس من دمشق وبما جرى في مخيّم اليرموك من قتل ودمار محمّلين المسؤولية كلها للحركة، متناسين أن الظرف الراهن لا يقبل أي عتاب أو شماتة.
إذا كانت بعض قيادات حماس قد أخطأت من الناحية السياسية في تقدير الأوضاع والحسابات في كل من مصر وسوريا، فما ذنب الفلسطيني وما الداعي لأن نحمّله ما لا يحتمل؟ ألم يكْفه كل ما عاناه ويعانيه على مدى عشرات السنين من قتل ودمار وتهجير ومتاجرة بقضيته وتآمر على وجوده.
إن الوقت هو للوحدة ورصّ الصفوف لا لنكْء الجراح. ولنتعلم من الشعوب الغربية التي تتوّحد بل وتتماهى مع حكوماتها حين يكون أمامها خطر يحدق بها.
هناك دماء زكية تسيل في سبيل شرف أمة بكاملها وهناك عدوّ واحد لهذه الأمة.
لا ينبغي أن نظن أننا بمنأى عن مخالبه خصوصاً أننا جرّبنا تلك المخالب ولا نزال في كل شبر تقريباً من هذا الوطن، إما مباشرة او بالوكالة. فمتى ندرك الحكمة القائلة «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض»؟

* صحافية جزائرية ــ فرنسا