ما ينبغي أن يكون الإنسان متشككاً في مصدر الإرهاب. أمر يجدر لا يطرحه مرء على نفسه، وليس لأحد أن يبهظ كاهله ليتهجى أحرف الدولة التي ذاع صيتها في أرجاء المعمورة كمنطلق وداعم وحاضن للإرهاب. الاسم: المملكة العربية السعودية. مِن أوطأ الدول وأرداها على مستوى الخروج على قيم الإسلام، وأشدها كفراً ونفاقاً. ولا ريب أنّ الآية الكريمة «والأعراب أشد كفراً ونفاقاً» تنطبق عليها تماماً! إذ لا يمكن أن تجد قتلاً ودموية وتعصباً وجاهلية وتخلفاً في بلادنا الممتدة من البحر إلى البحر إلا وتجد ولاة السعودية المفتقرين لكل مُثل.
تجدهم على قدر المهمة الموكلين بها بنشر الهلع وبثّ الفرقة والخلافات والفتن وأخيراً التوحش إلى حيث تقودهم أموالهم الرنانة. بعد كل هذا الخراب الذي حلّ بالأمة وببلدنا يأتي اليوم من يدافع عن السعودية. فأي بلاء وأي كدح وأي عهر هذا الذي نحن فيه؟ وأول المتزلفين والمتملقين والتجار، هم أشباه الرجال من اللبنانيين من الذين أضاعوا وشاح الكرامة والشرف وفقدوا الحيلة للعثور عليه. لذلك نجدهم يتعاملون مع السعودية باعتبارها بحراً من الذهب عليهم أن يغوصوا فيه ليجمعوا ما جمعه قارون، ولو تحولوا إلى عبيد وأتباع بلا ضمير يؤنب الذات على سيل المصائب والظلامات التي لحقت بالعرب والمسلمين من ورائها. فلا عيب ولا مشاحة طالما أنّ المال أصدق إنباء من أي شيء آخر. فلتشترِ السكوت وقصائد المديح وأغاني التمجيد. لم لا؟ بريطانيا الاستعمارية المتغطرسة السيئة الذكر في منطقتنا، تُمسك اليوم رأسها بين يديها مسبوهة مشدوهة ما دفع جريدة «تايمز» اللندنية لتكتب: «لنقل للسعودين بعض الحقائق. لا ينبغي أن تشتري أموال السعودية صمتنا».

العالم الغربي الذي
شارك في صنع الغول بدأ يشعر بالذعر

وعليه فيبدو أنّ بريطانيا قد ضاقت ذرعاً من مشكلة عميقة تتسربل بخفر ولكنها قد تجد هولها وفظاعتها ووطأتها على أسوارها وداخل مدنها في وقت قريب! هذا العالم الغربي الذي شارك في صنع الغول بدأ يشعر بالذعر ويلفحه الهواء الساخن الذي كوّنت مناخه بلاده الصقيعة، فهل يكتفي اللبنانيون بالتبرم وإطلاق التنهيدات ويلتفون بصمتهم وسكونهم مثل بومة صغيرة خوفاً من مصالح حوّلت هذا البلد إلى بلد مسحوق لا يعرف إلى السيادة سبيلاً! نعم أيها اللبنانيون الذين ترسل لكم السعودية عشرات الانتحاريين وتبشركم بالظلام والبؤس إن لم تنزلوا على طاعتها، طبتم عاجزين أشقياء بؤساء لأنّ الدنانير النفطية أفضل وسيلة لحشو الحلوق والإحساس برفاهية الديمقراطية. هل هذه هي نهايتنا كلبنانيين ننتظر من يرشّ علينا النقود أم نعتزم أمراً نجرّ فيه قاربنا المتهالك إلى شاطئ الأمان! نعم يجب ألا تشتري السعودية صمتكم وصمت أحد منّا بنفطها الأسود كوجهها، وإن جمّلته بأصباغ تخلع عليها نوراً مفتعلاً.
تقول للشيطان هيّا انهض ثم تسوّق نفسها على أنها مملكة الخير والإنسانية. يا للروعة! هذه الدولة إرهابية بكل المواصافات. سيل الدماء البريئة التي أريقت في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين وفلسطين نعم فلسطين، تتحملها هذه المملكة بالتخاذل والخيانة والتبعية المطلقة للاستعمار القديم والحديث، ودعمها لجماعات التطرف التي خلقتها وهيأت لها البيئة وأفلتتها كالوحوش الكاسرة تنهش بجسوم الأبرياء وتستقر مطمئنة بيم دماء الرضع الذين لم يُفطموا بعد. إذا كان من حل ترتاح بعده هذه الأمة فلا بد من توجيه سبّابات الاتهام إلى هذه المملكة وأمرائها، فما عاد يُجدي تنفس أحدنا أنفاساً ثقيلة يأساً وتبرماً وألماً، فقد استُفدت كل الوسائل مع هذه المملكة لتكف عن بلاهتها وجنونها وولعها بالتدمير والتخريب من دون جدوى. واليوم جاء الوقت لعمل شيء آخر ظل محبوساً سنين طويلة لضرورات الحكمة والعقلانية والمصلحة العامة. سقطت ورقة التوت وانتهت كذبة عمرها من عمر آل سعود. لقد بانت الحقائق وأصبح البصر حديداً، فليس ثمة خطر على الأمة والبشرية والإسلام في الوقت الراهن من إرهاب آل سعود الذين يسعون إلى تحويل العالم العربي إلى عالم موحش متخلف تنتشر فيه واحات الدماء، والمسلمين إلى قتلة متناحرين، والشيعة والسنة إلى أعداء متوحشين، والدين إلى هاوية سحيقة للتعصب فالانتحار لا إلى جسر عبور نحو الكمال والسعادة، والإنسانية إلى بحر متلاطم بالعنف واللعنات. لم يعد الإرهاب محصوراً في العدو الإسرائيلي. أصبح الإرهاب السعودي يبزّه ويفوقه من حيث الآليات والممارسات. «داعش» خير من يمثل آل سعود في فكرهم وأفعالهم. ماذا يجب أن نفعل؟ ننتظر المزيد من الكراهية والفوضى والفتن. نهرب إلى الكهوف والصوامع ونتحصن بالتقوى السلبية لأنّه ليس بمقدورنا أن نردع الشيطان. أم نعلن المواجهة المفتوحة؟ يا صاح الذي سألتني منذ أيام ما العمل؟ العمل: أن نرفع الصخرة الجاثمة على صدورنا، وأن نزيح الخوف الذي ملك علينا مشاعرنا، وأن نطلق الصرخة ونحرك المجاذيف فإن لم نقدم على شيء لن نتوصل إلى شيء. المقاومون الشرفاء المخلصون المؤمنون الأنقياء أمامهم مهمتان أساسيتان منذ اليوم. إزالة الكيان الصهيوني وإزالة الكيان الوهابي بالتوازي وبتزامن واحد. على المقاومين الأحرار من إيران فالعراق فسوريا فلبنان وفلسطين ألا يقتصروا في نداءاتهم بعد الساعة على ترداد العبارة الشهيرة : يجب أن تزول إسرائيل من الوجود!
* كاتب وأستاذ جامعي