المختار في عصر العولمة
معنى كلمة المختار في اللغة العربية، هو الرجل المنتقى والمصطفى والمفضل على غيره. والمختارية في الأصل هي من التنظيمات العثمانية، اقتبستها دولة سلاطين بني عثمان نحو سنة 1865، عن التنظيمات الفرنسية، وأطلقت على من يتولاها اسم مختار، فكانت موفقة في اختيار الاسم، لأنه يجمع بين أطرافه اللفظ ومطابقة المعنى.

ولكن بعد 180 عاماً، ما زلنا نستعمل قوانين بني عثمان، ومنها ما هو موجود في كتاب «المجلة القضائية» حول نواطير الحقل، والتحديد والتحرير والرسوم، وقد أكل الدهر عليها وشرب، بينما المخاتير في البلدان المتحضرة لهم مكانتهم القانونية، ونأمل أن نصل إلى هذا الفصل القانوني بالذات، بعد أن سمعنا كلاماً عن إنجاز اللامركزية الإدارية في لبنان، وهذه ليست المرة الأولى، حينها سيكون للمختار دور مهم في لبنان، ونكون قد ماشينا ما هو سائد في البلدان المتقدمة، كتوقيع عقد الزواج الاختياري والطلاق من طريق المحاكم المدنية. لكن حتى اليوم، لم يجن الشعب اللبناني جراء نظامه المنحط وعدم تطويره وتحديثه سوى الحروب الطائفية والمذهبية والمناطقية، وسنظل في دائرة هذا المسلسل من الرعب ما دامت هذه الزمرة من السياسيين جاثمة كالبلاطة على صدورنا، والتي لم تتحمّل وزيراً واحداً شريفاً مثل الوزير شربل نحاس فتآمروا عليه بأمر من جماعة تيري رود لارسن وجماعة فيلتمان، ولم يخرج من بين 128 نائباً، من يسأل: لمَ أقلتم هذا الوزير الشريف من منصبه؟ وهذا ليس بالعجيب في ظل سيطرة التحالف البورجوازي التحاصصي الحاكم في لبنان منذ 1943. ولكي نرى نظاماً متطوراً في لبنان، لا بد من قانون انتخابي متطوّر على أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي وخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، وإقرار قانون الكوتا النسائية في المجلس النيابي حتى تنخفض كل أشكال التزوير والتزييف في الحياة السياسية اللبنانية، وأن نبرهن للعالم برمّته، أننا دولة سيادية وليست تابعة لأحد، لا لعرب الخليج عرب أميركا، ولا للإمبريالية التواقة مجدداً للاستعمار، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تدعي الديموقراطية والحرية، وهي التي تملك سوابق مرعبة، بقتلها مليون مواطن من الهنود الحمر في أميركا وتدمير العراق وسوريا بأموال ما يُسمى دول الاعتدال العربي، وتدمير هيروشيما وناكازاكي بالقنابل الذرية، وقتل مارتن لوثر كينغ ورئيس تشيلي سلفادور الليندي. لذا لا يمكن أن تسود الحرية والعدالة إلا إذا اقتلعنا تمثال الحرية وألقيناه في قعر الأطلسي، وأعدنا نحن كل الشرفاء والأحرار في العالم فلسطين الحبيبة المغتصبة إلى أصحابها الفلسطينيين وكل العرب.
بشارة يوسف خليفة
مختار غادير ـــــ جونيه