تحديات لبنانية مئة في المئة

ما تمرّ به البلاد اليوم هو بمثابة الغروب الذي يسبق الظلمة. البلد ليس على ما يرام، ووضعه ينهار بسرعة ويحتاج إلى مداواة. انه الوضع برمته: كل ما فيه من سياسة واقتصاد ومجتمع وأمن وتربية وتاريخ وديموغرافيا ونظام يحتاج الى تغيير. ممّ يشكو الوطن؟ انه مكتئب والاكتئاب يسبق الانتحار.

الرئيس فؤاد شهاب بنى المؤسسات عبر تبني مفهوم دولة العناية لانه اراد ان يحدث نقلة نوعية في حياة اللبنانيين. ربط السياسة الاقتصادية بمفاهيم الانماء والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية وارتكز على الدراسة التي أعدتها بعثة ايرفد (1960 ـ 1961) وبادر عهده الى تعزيز التعليم الرسمي، تعميم المؤسسات الصحية والنقل العام، انشاء المشروع الأخضر، المجلس الوطني للانماء والبحوث، التفتيش المركزي، الجامعة اللبنانية، والضمان الاجتماعي... ولم تُبنَ بعده مؤسسة تعنى بالانسان ولم يُسجّل سعي للعمل على تحقيق عدالة إجتماعية شاملة من خلال إصلاح مالي واقتصادي واجتماعي.
ففي التفصيل السريع، يتم التلاعب بسلسلة الرتب والرواتب التي يعلّق اللبنانيون عليها آمالاً لتحسين أوضاعهم، هذه العرقلة قد يكون سببها تدني الاقتراض من البنوك في حال إقرارها. من قال ان الرأسمالية التقليدية التي حاول الرئيس شهاب استبدالها بالرأسمالية الحديثة قد زالت من عقول المسؤولين؟ الحق الحق أقول لكم انها ما زالت. فأكثر من تسعين في المئة من اللبنانيين تتآكلهم ديونهم ومصائبهم المالية على الاقل.
تحسين الوضع المعيشي يا ناس، حق لكم. ألم تقرّ هذا حقوق الانسان؟ ولكن حقوقكم مسلوبة، وحتى مواطنيّتكم سرقت. فالمواطن هو في درجة ثانية وكل وزير ونائب هو في الدرجة الاولى. الموضوع وما فيه ان الكثيرين من المسؤولين لا يريدون استكمال دولة العناية التي ابتدأها العهد الشهابي.
وماذ بشأن النازحين؟ كثر هم الداخلون إلى لبنان بلا أوراق ثبوتية. ما حصل في برج حمود منذ أيام دليل على ان التدخل السريع للقوى الأمنية لمراقبة هؤلاء والسيطرة عليهم واجب مقدس. الأمن خط أحمر. وكفانا الكلام عن الأمن بالتراضي. الأمن بالقوة هو المطلوب.
أما الرئاسة، ونحن عشية الاستحقاق، فمرهون بالسعودية وأميركا وفرنسا وكل دول القارات الخمس المتقدمة والمتخلّفة. الكل يقرّر ونحن نتفرّج.
نريد تحريراً من الجوع والفقر والعوز والحاجة. نريد فكراً متحرراً. علّنا عشية عيد المقاومة نتعلّم منها الإصرار على تحقيق الأهداف وتقويم الاعوجاجات. سلامي الكبير الى سيدها وإلى متبني فكرها وإلى كل مناضل يقاتل في سبيل تحرير فكره، والسلام.
بول أبو ديب