تُصادف هذه الأيّام «الذكرى السنويّة» الأولى لإعلان اتّفاق الإطار الشهير الذي على أساسه، مبدئيّاً، بدأت المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي والهادِفة لترسيم الحدود البحريّة مع فلسطين المحتلّة. في الوقت نفسه، تشهد هذه الأيّام، ومنذ 14 أيلول تحديداً، ضجّةً إعلاميّةً وسياسيّةً كردّ فعلٍ على توقيع عقدٍ بين شركة إينيرجيان اليونانيّة (Energean) المُطوّرة لحقلَي كريش وتنين وشركة الخدمات النفطيّة الأميركيّة هاليبرتون (Halliburton) تقوم بموجبه هاليبرتون بكلّ أعمال خدمات الحفر والتجهيز لثلاثة حتّى خمسة آبار تنوي شركة إينيرجيان حفرها و/أو تجهيزها للإنتاج في المنطقة القريبة من الخطّ الّلبناني 29. وكعادتنا في لبنان في هذا الملفّ، كغيره من الملفّات، نتّبع سياسة ردّ الفعل قليلة الفائدة في حين نتلكّأ عن المبادرة والفعل. يضيق المجال في ما يلي للحديث عن تاريخ ملفّ الحدود البحريّة مع فلسطين المُحتلّة منذ عشرين عاماً، وعن مُسلسل الأخطاء والخطايا التي شهدها الملفّ وتجمع بين مزيج من سوء الإدارة والتقصير والتنازلات والجهل، وقد امتدّت منذ بدء العمل على تحديد منطقتنا الاقتصاديّة الخالصة جنوباً وحتّى يومنا هذا مروراً بمفصلَين أساسيّين: 2007 و2011. التالي هو مُلخّص لأنشطة التنقيب والتقييم والتطوير «الإسرائيليّة» في المياه اللبنانيّة و/أو الفلسطينيّة موضوع اللغط الإعلامي الدائر في هذه الأيّام في لبنان. هذا المُلخصّ يسلّط الضوء على المعطيات التقنيّة المتعلّقة بالموضع والتي إن أثبتت شيئاً فهو تقاعُس الممسكين بالملفّ وسوء الإدارة الرهيب والذي قد ضيّع على لبنان فرصاً كثيرةً لاستعادة المبادرة في ما خصّ هذا الملفّ بما يحفظ ثرواتنا الوطنيّة. المقال أيضاً يتناول المُعطى التقني من الجهة اللبنانيّة ويناقش الإمكانيّة العمليّة لتدارك أخطاء الماضي، إن أمكن تدارُكها أصلاً.
رسم توضيحي رقم 1 - نظرة عامة على: خطوط التفاوض بين لبنان والعدو لترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة، حقل الغاز اللبناني المحتمل «العابر للخطوط»، حقل كريش بشطريه الرئيسي والشمالي والبلوك رقم 72 المعروض للتلزيم من قِبَل العدوّ.

أنشطة العدو حول الخطّ اللبناني 29 خلال السنوات التسع الماضية
بدايةً لا بُدّ من تحديد بعض المصطلحات الضروريّة لفهم ما يحدث. يمرّ حقل النفط أو الغاز، بشكلٍ عام، بخمس مراحل متتالية: التنقيب (Exploration)، التقويم (Appraisal)، التطوير (Development)، الإنتاج (Production) والتفكيك (Decommissining). مُصطلح «التنقيب» يتعلّق بعمليّة البحث عن النفط والغاز في حقولٍ أو مناطق جديدةٍ أو في طبقاتٍ أرضيّةٍ جديدةٍ لم يصلها الحفر في الآبار السابقة في نفس الحقل. مِثالٌ على ذلك بئر الاستكشاف الأوّل KM-01 في حقل كريش الرئيسي والذي حُفِر في آذار 2013 وتمّ حينذاك استكشاف كمّيات تجاريّة كبيرة من الغاز في هذا الحقل. مِثالٌ ثانٍ على ذلك بئر الاستكشافKN-01 في شمال كريش والذي تمّ حفره في آذار/ نيسان 2019.
وعمليّات التنقيب قد تُسفر عن اكتشافات تجاريّة كما في المثالَين أعلاه أو قد تفشل في اكتشاف كمّيات تجاريّة، كما كان الحال في البئر الذائع الصيت الذي حفرته شركة توتال الفرنسيّة في البلوك اللبناني رقم 4. مرحلة التنقيب إذاً تهدف للإجابة عن سؤالٍ مهمٍّ: هل هناك نفط و/ أو غاز بكمّيات تجاريّة؟ إذا أثبت الحفر وجود كمّيات كهذه، تبدأ عادةً مرحلةُ أخرى تسمّى مرحلة «التقييم» حيث يُصار إلى حفر آبار إضافيّة لتحديد الكمّيات الموجودة لدرجة مقبولة من الدقّة تسمح ببداية وضع خطّة التطوير (Field Development Plan) التي تتضمّن دراساتٍ معمّقةٍ عن سيناريوات التطوير، ليُختار من بينها السيناريو الذي يُعظّم القيمة التجاريّة للحقل ويُعمل على وضع كلّ المكوّنات التفصيليّة لهذا السيناريو. بعد وضعها، تُعرض الخُطّة للموافقة من قِبَل الجهات المختصّة (إدارات الشركات والهيئات والوزارات المختصّة مثلاً). بعد حصول الموافقات المطلوبة وتأمين التمويل اللازم، تبدأ عمليّة «تطوير الحقل» التي تشمل حفر آبار الإنتاج ومدّ الأنابيب وتجهيز بُنى الإنتاج. حينها، يصبح الحقل جاهزاً للإنتاج وتبدأ مرحلة «الإنتاج». يمتدّ الإنتاج عادةً لعدّة سنوات إلى أن يبدأ الحقل بالنضوب، ويُصبح مردود الإنتاج أقلّ من الكلفة التشغيليّة ليُصار حينذاك إلى إيقاف الإنتاج و«تفكيك» الحقل. حقل كريش بشطرَيه الرئيسي والشمالي والواقع حوالى 75 كلم من مدينة حيفا الفلسطينيّة المحتلّة هو الحقل الوحيد الذي شهِد ويشهَدُ أنشطةَ تنقيبٍ وتطويرٍ مُعلنة في المياه اللبنانيّة والفلسطينيّة شمال وجنوب الخطّ اللبناني 29. في الوقت الذي كان فيه لبنان غارِقاً في موجاتٍ من المناكفات السياسيّة الداخليّة وفي الوقت الذي انغمست فيه المنطقة بحربٍ غير مسبوقة، كان العدو الإسرائيلي يمضي بخطواتٍ مُتسارعةٍ للتنقيبِ وتطوير حقول الغاز في المياه العميقة. تمّ حفرُ بئرِ الاستكشاف الأوّل KM-01 في حقل كريش الرئيسي (راجع الرسم التوضيحي رقم 2) في المياه الفلسطينيّة في آذار 2013 وتمّ حينذاك اكتشاف كمّياتٍ تجاريّةٍ كبيرةٍ من الغاز بدأ على إثرها العمل على تطوير الحقل من قِبَل شركة انرجيان اليونانيّة عن طريق ربط حقلَي كريش وتنين (الواقع حوالى 30 كلم جنوب غرب كريش - راجع الرسم التوضيحي رقم 1) عبر سفينة إنتاج وتخزين وتفريغ (FPSO).
لحُسن الحظّ، الشركات المطوّرة لحقول الغاز في المياه الفلسطينيّة المحتلّة مُدرجةٌ في البورصات العالميّة، وبالتالي يتعلّق سعر أسهُمها بوضعها الاقتصادي الحقيقي والذي يحدّده وضع احتياطاتها النفطيّة ونجاح مشاريع التطوير والإنتاج من بين عوامل أُخرى. هذا يؤدّي بالضرورة إلى درجة كبيرة من الشفافيّة وبالتالي نشر المعلومات المتعلّقة بهذه الأنشِطة. وعلى ما يبدو، نشر تلك المعلومات ليس عليه محظورات كبيرة من جانب حكومة العدو ومؤسّساته العسكريّة والأمنيّة. بنتيجة ذلك، نستطيع أن نُسلسل المُعطى التقني بشكلٍ مفصّلٍ ودقيقٍ بناء على معلوماتٍ مُتاحةٍ للعامّة. من ضمن العامّة، صنّاع القرار في لبنان والممسكون بمفاصل الملفّ موضوع هذا المقال.
توقيع المرسوم 6433 المُعدّل وإيداع الخطّ اللبناني 29 الأمم المتّحدة قد لا يسمح لنا باستثمار ثرواتنا ولكنّه الخطوة الأولى لتعطيل خطط العدو عبر توازن ردع في الثروات أثبت مفعوله في البرّ


تِبعاً لنتائج بئر الاستكشاف الأوّل KM-01 في حقل كريش الرئيسي وبئر الاستكشاف الناجح في حقل تنين، بدأت شركة إينيرجيان بوضع خطط تطوير الحقلَين عن طريق ربطهما عبر سفينة إنتاج (FPSO) بطاقةِ معالجةٍ كبيرة تسمحُ للإنتاج من الحقلين على أن يبدأ الإنتاج من حقل كريش يتبعه بعد فترة طويلة نسبيّاً، الإنتاج من حقل تنين. في 11 كانون الثاني 2017 أعلنت شركة إينيرجيان جهوزيّة خطّة التطوير والتي نُشِرت بتفاصيلها مع استثناءات قليلة. في 20 حزيران من السنة ذاتها أعلنت شركة إينيرجيان عرض خُطّة التطوير للموافقة من قِبل «مفوّض البترول الإسرائيلي» (Israeli Petroleum Commissioner). بعد ذلك بشهرين ونيّف (30 آب 2017) حصلت شركة إينيرجيان على موافقة حكومة العدو على خطّة الإنتاج وباشرت بعدها شركة إينيرجيان بالبدء بتنفيذ الخُطّة المذكورة. على أثر ذلك، أعلنت شركة إينيرجيان في 29 كانون الثاني 2018 تعاقُدِها مع شركة Stena Drilling المتخصّصة بالحفر في المياه العميقة والشديدة العمق لحفر وتجهيز آبار الإنتاج في حقل كريش والذي ـــ بمُناسبة الضجّة المُثارة اليوم ـــ قامت شركة هاليبرتون الأميركيّة بأعمال الخدمات فيه. حُفِرت آبار الإنتاج في حقل كريش الرئيسي ضمن نفس عقد حفر بئر الاستكشاف KN-01 في حقل شمال كريش المذكور أدناه.
توقّعت الدراسات منذ اكتشاف حقل كريش الرئيسي وجود الغاز بكمّيات تجاريّة شمال حقل كريش الواقع بالكامل شمال الخطّ الّلبناني 29. في 25 حزيران 2018 أعلنت شركة إينيرجيان موافقة مجلس إدارتها على حفر بئر استكشاف شمال كريش. وهكذا كان دون أيّما إبطاء، فقد حُفِر بئر الاستكشاف KN-01 (راجع الرسم التوضيحي رقم 2) في آذار/ نيسان 2019 وتمّ تقييمه في تشرين الأوّل من السنة ذاتها وأثبتت التوقّعات وجود احتياطات كبيرة من الغاز شمال كريش. بناءً على نتائج بئر الاستكشاف KN-01، عدّلت شركة إينيرجيان خطّة الإنتاج لتُضيف شمال كريش إلى الخُطّة وانتهت من الخّطة الجديدة في 7 نيسان 2020 وعرضتها للموافقة وحصلت عليها من وزارة الطاقة «الإسرائيليّة» في شهر آب 2020 وأُعلِن المضيّ قُدُماً بخطّة التنفيذ في 14 كانون الثاني 2021.

رسم توضيحي رقم 2 – تفاصيل تقنيّة عن حقل كريش بشطريه الرئيسي والشمالي. ويبدو على الرسم آبار الإنتاج الثلاثة (KM-01, KM02, KM03) في الجزء الرئيسي من حقل كريش وبئر الاستكشاف الأوّل في شمال كريش KN-01.

كلّ المذكور أعلاه من نشاطات التنقيب والتطوير من جانب العدو في شطرَي كريش الرئيسي والشمالي، وكانت نتائج دراسة المركز الهيدروغرافي البريطاني (UKHO) والتي تبعتها دراسة العقيد الركن مازن بصبوص بين يدَي صنّاع القرار، تلك الدراسات التي تؤكّد حقّ لبنان بالمنطقة شمال الخطّ اللبناني 29. تلك الدراسات والتي أكّدتها دراسات الجيش اللبناني استهلكت الكثير من غضّ النظر والتهميش المشبوهَين، ومن الأخذ والردّ والنوم في أدراج المسؤولين الّلبنانيين، إلى أن فجّر الوفد اللبناني المفاوض قنبلته في وجه وفد العدو والراعي الأميركي النزيه.

ماذا يحدث الآن؟
العقد الذي أُعلن في 14 إيلول والذي أثار زوبعةً في فنجان في لبنان هو ليس بين «إسرائيل» والشركة الأميركيّة هاليبرتون. العقد هو بين شركة إينيرجيان المُطوّرة لحقل كريش وشركة هاليبرتون. والعقد ليس عقد تنقيب. هاليبرتون هي شركة خدمات نفطية مسؤولة عن خدمات الحفر وتجهيز الآبار ليس أكثر. التنقيب تقوم به شركة إينيرجيان، وما هاليبرتون في هذا للسياق سوى متعاقد ينفّذ الخطط الموضوعة من شركة إينيرجيان. العقد يشمل حفر وإعداد ثلاثة إلى خمسة آبار: ثلاثة آبار أكيدة وبئران مُحتملان. واحدٌ من بين الآبار الثلاثة الأكيدة يقع في حقل كريش الرئيسي (KM-04) ويستهدف طبقة نفطيّة سائلة (oil rim) تحت طبقة الغاز دلّت عليها فحوصات البئر KM-03 (راجع الرسوم التوضيحي رقم2). والبئر الثاني ليس بجديد، هو تحويل لبئر الاستكشاف شمال كريش (KN-01) الواقع شمال ‫الخطّ الّلبناني ٢٩‬ لبئر إنتاج (re-entry, sidetracking and completion). فالخبر هنا، خبر التلزيم، لا يحمل مُعطى جديداً (غير الإصرار على تجاهلنا) في حقل كريش بشطريه وفي المنطقة بين حقلَي كريش وتنين. ففي ٢٨ تمّوز أعلنت إينيرجيان الاتّفاق مع شركة Stena Drilling البريطانيّة التي تملك سفناً متخصّصة بالحفر في المياه العميقة لحفر نفس الآبار التي ستنفّذ أشغالها هاليبرتون. البئر الأكيد الثالث يقع جنوب حقل كريش بين حقلَي كريش وتنين. إذا، من حيث المبدأ، وفي ما خصّ حقل كريش، ليس هناك تنقيب بالمعنى التقني، هناك تقييم وتجهيز للإنتاج، والخبر لا يحمل أيّ مفاجآت، إنّما يذكّرنا بتقصيرنا في تثبيت حقوقنا والدفاع عن ثرواتنا.‬‬

خُلاصة
تِبعاً لخُطط شركة إينيرجيان، سيبدأ الإنتاج من حقل كريش الرئيسي في النصف الأوّل من السنة القادمة، وسيتبعه حقل شمال كريش في سنة 2023. العدو ماضٍ بخططه ومفاوضات ترسيم الحدود غير المباشرة معطّلة. ماذا نحن فاعلون؟ لا يبدو أنّ عمليّات الحفر في الجانب اللبناني ستبدأ في المدى القريب. فاتّفاقيّة التنقيب والإنتاج التي عقدها لبنان مع الكونسورتيوم توتال - إيني - نوفاتيك في 29 كانون الثاني 2018 تنصّ على وجوب حفر بئرين على الأقلّ خلال ثلاث سنوات من تاريخ التوقيع: واحد في البلوك رقم 4 (والذي كان جافّاً لسوء الحظّ) وآخر في البلوك رقم 9. بناءً على ذلك، كان من المُفترض انتهاء الحفر في البئر الأوّل في البلوك رقم 9 خلال السنة الجارية. على أنّ جائحة كورونا معطوفة على انفجار المرفأ أعطيا توتال هامشاً إضافياً للتأخير فانتقل الموعد الرسمي لأيلول 2022. لا خُطط إذاً لحفر البئر على كلّ الحالات في المدى المنظور وهو، إن حُفِر، سوف يبتعد لكيلومترات كثيرة شمال الخطّ البائد 23 كما سبق وصرّحت توتال وأكدّ الجانب اللبناني. هذا يعني أنّ البئر لن يُحفر في حقل الغاز اللبناني المُحتمل العابر للخطوط والواقع في جنوب البلوك رقم 9 (راجع الرسم التوضيحي رقم 1). بالتالي، الحفر، وإن حصل، لن يساعد في استثمار ثرواتنا الأكثر احتمالاً والأكثر عُرضة للانتهاك لسبب بسيط: وجود جزء كبير منها في المنطقة التي ينازعُنا عليها العدوّ.
ماذا عسانا فاعلين؟ فطريق الدفاع عن الحقوق هي طريق ذات الشوكة وما كانت يوماً مُمهّدة. في المقابل، الثروات المخبوءة والتي ينازعنا عليها العدو هي ليست لجيلٍ بعينه يتصرّف بها، هي ملكٌ لأجيال قادِمة. ما هي خيارات لبنان الآن، وماذا في جعبة «صُنّاع القرار»؟ لم يُوقَّع المرسوم 6433 المُعدّل بعد ولم تُودَع نقاط الخطّ اللبناني 29 الأمم المتّحدة ولا يبدو ذلك في الأفق القريب. يبدو أنّ تبادل كرة النار في ما خصّ الصلاحيّات هو غُبارٌ يُخفي وراءه النيّة بعدم المضيّ قُدُماً في هذا الطريق. إذا كان المسؤولون في هذا البلد من رئيس الجمهوريّة إلى مجلسَي النوّاب والوزراء والقوى الوطنيّة الفاعلة عاجزون لأسباب نجهلها عن القيام بهذه الخطوة، فحريُّ بهم مصارحة الرأي العام. فالكلام ما عاد يكفي والشكوى للأمم المتّحدة ما نفعت يوماً مع وجود مستند قانوني، فكيف بغيابه. توقيع المرسوم 6433 المُعدّل وإيداع الخطّ الّلبناني 29 الأمم المتّحدة قد لا يسمح لنا باستثمار ثرواتنا، ولكنّه سيكون الخطوة الأولى لتعطيل خطط العدو ومنعه من استثمار الثروات التي يغتصبُها عبر توازن ردع في الثروات أثبت مفعوله في البرّ. لكنّ ذلك دونه ما دونه من تحدّيات. فالعدو سيدافع عن مكتسباته بالنواجذ وعلينا أن نكون بكامل الاستعداد لمعركة الدفاع عن حقوقنا ودفع الأثمان في سبيل ذلك. وحتّى لدُعاة الحلّ الوسط بيت الخطّين هوف والخطّ اللبناني 29 والذي يعطي تأثيراً جزئياً لصخرة تخليت، يُعطي توقيع المرسوم 6433 المُعدّل وإيداع الخطّ اللبناني 29 الأمم المتّحدة طرحهم أوراق قوّة. وأمّا في ما خصّ خطط الحفر في البلوك رقم 9، كيف يستطيع لبنان تسييل علاقاته مع الفرنسيين لتقريب موعد الحفر في البلوك رقم 9 أو لتأكيد موعد الحفر على أقلّ تقدير، والأهمّ من ذلك، تغيير موقع الحفر ليستهدف الحقل الّلبناني العابر للخطوط في جنوب البلوك رقم 9 دون سواه ولو كان الحفر شمال الخطّ رقم 1، المنطقة التي لا ينازعنا عليها أحد. أمّا المنطقة التي ينازعنا عليها العدو فمن البساطة التفكير بوجود أيّ شركة ترضى الحفر فيه في الوقت الراهن فأمرها معلّق إلى أقرب الأجلين: الوصول إلى اتّفاق على ترسيم الحدود مع العدو أو رحيله عن كلّ أرضنا ومياهنا العربيّة وهذا آتٍ لا محالة.
* باحث وأستاذ في الجامعة الأميركيّة في بيروت