تعود جذور تحرّك شيبكو إلى سنة 1720 حين عمد البشنويون في رجستان (منطقة في شمال غربي الهند) إلى منع استغلال الغابة. ريفيّون أتوا من 84 قرية بقيادة أمريتا دافي لمواجهة جنود الماهاراجا جودبور (Maharaja of Jodhpur) دفاعاً عن أشجار الغاف الرمادي. قتل حينها 363 قروياً وقروية وأصدر الماهاراجا مرسوماً ملكياً يمنع قطع الأشجار قرب القرى البشنوية.مثل شهر آذار (مارس) من سنة 1973 بداية التحرّك شيبكو، المعروف كأول التحرّكات البيئية في تاريخنا المعاصر. لقد طارد سكان قرية ماندال عمّالاً من مصنع للوازم الرياضة جاؤوا بهدف استغلال الغابة. كما تكررت الحادثة مرّة أخرى في قرية ريني في الحدود مع التبت. إذ استغلّ العمال غياب رجال القرية وأقبلوا بفؤوسهم، إلّا أنّهم لاقوا تصدي النسوة اللاتي قطعن الطّريق المؤدّية إلى الغابة وقد جعلن من أنفسهن دروعاً بشرية مطوقة لها. من هناك ظهر تحرّك شيبكو أو تحرّك التعانق كسب الأهالي من خلاله وعداً بعدم المساس بالغابة لعشر سنوات لاحقة. ولم يكن التحرّك منظّماً بل ما ساعد على إنجاحه هو مساندة فاعلين اجتماعيين له مثل فاندانا شيفا التي سردت أحداث الاحتجاج في كتابها النسوية البيئية (Ecofeminism 1982) وسندرلال بهنغونا وبراساد بهات.
رقعة الاحتجاجات اتسعت لتشمل قرى أخرى. لقد انتشر الاحتجاج من أطراف الهيمالايا وكاشمير حتى وصل إلى منطقة أرونشال براديش. في بهنياندار، تصدت النسوة حتّى لأهاليهن من قرية مجاورة حين أرادوا قطع بعض الأشجار للسياح من أجل التدفئة وكانت السلطات قد أذنت بذلك، لكنّهن سرقن الفؤوس ولم يُعدنها إلا حين غادر الرّجال القرية.
وفي دنغاري-باتولي، باع المجلس البلدي الّذي كان يسيطر عليه الرجال حينها الغابة للحكومة من أجل مدّهم بالطروقات وأسلاك الكهرباء وبعض أعمال التجهيز الأخرى ما سيكلّف النسوة المشي خمسة كيلومترات لبلوغ الغابة. وبمساعدة مناضلات أخريات منعن قطع أشجار الغابة وطالبن بضمان حق ترشيحهن كأعضاء في المجلس البلدي.
في وقت ما، قرر قادة التحرّك بميولهم القومية ضمّ النّساء إلى تحرّكهم، بعد أن نادى المهاتما غاندي بإشراك النساء في المطالبة بالاستقلال. تزامن ذلك مع حوار جرى مع ضحايا جبال غارهوال وكان أغلبهم نسوة تتمثل أنشطتهن في قطف الثمار وتربية الأطفال قبل أن تحدث الانزلاقات الطبيعية. في عام 1982 قام أعضاء من المعهد الاجتماعي الموجود بنيو دلهي بزيارة إلى منطقة شامولي التي تقدر مساحتها بـ 9125 كيلومتراً مربّعاً لدراسة ظروف ولادة التحرّك. وما لاحظوه هو تفوُّق عدد النساء على عدد الرجال مفسرين ذلك بهجرتهم إلى المدن أو انخراطهم في الخدمة العسكرية. أما الظروف المناخية والطبيعية فإنّها تفرض على السكّان نمط عيش محدّداً، تجعلهم يعملون في الحقول لستة أشهر متواصلة من السنة ينتقلون بعدها إلى الغابة ليتغذوا على ثمارها.
أمّا في منطقة غوبشوار فقد عمدت النسوة إلى العمل كحارسات للغابة ضدّ أي استغلال لثرواتها.
سنة 1983 ألهم تحرّك شيبكو تحرّكاً آخر هو تحرّك أبيكو. إذ قام ما يقرب من 200 قروي وقروية بتطويق الغابة وحماية 12 ألف شجرة كانت مخصصة لأهداف تجارية ربحية ورفعت النسوة دعوة قضائية ضدّ مصنع أراد استخراج مادّة السيتياتيت وبالتالي محو الغابة. وأدّى ذلك إلى إغلاق المنجم.
لقد خاضت مناضلات تحرك شيبكو معركة من أجل البقاء أبرزن فيه الدور الذي لعبته المرأة في الاقتصاد الرّيفي، مبيّنات بذلك مدى وعي القرويات بالأهمية الاقتصادية والإيكولوجية للثروات الطبيعية وكذلك هشاشة النظام البيئي أمام خطر الأنشطة المؤدّية إلى التصحّر. في خضم المعركة، أجبرت النسوة السلطات على الاعتراف بهنّ كشريك اجتماعي. ما أتاح لهنّ فرصة اللّقاء والنقاش وطرح مشاكلهن ومعرفة أولويّاتهن. ومع تطوّر نشاط الحراك، عمدت النسوة المهتمّات بسياسة التشجير إلى التطرّق إلى قضايا أخرى، كالإمداد بالماء الصالح للشّراب والمطالبة بإنشاء المدارس والمستوصفات، ما جعلهنّ فاعلات أكثر، منفتحات أكثر ومقبلات على مزيد التعلّم.
على مدى سنوات، سبب اختلاف الآراء داخل الحركة انقساماً، وقد كان الجدل القائم حينها جوهرياً. فشق تابع لباهونغا الذي كان عالم بيئة ينادي بالاستمرار في العمل على مقاومة قطع الأشجار واستغلال الغابات، وشق آخر تابع لبهات وهو صحافي يرى أنّ حماية الثروة الغابية مجرّد جزئية من النضال في سبيل تحرير أنفسهم فكان يدعو إلى آليات نضال جديدة.
ورغم الاختلاف لم يؤثر ذلك على حركة شيبكو النسوية التي قامت على الاحتجاج العفوي ضد أي نمط استغلال للبيئة.
منذ الستينات، أنشأ تحرّك شيبكو مخيّمات للتنمية الإيكولوجية لتعليم الفلاحين كيفية الاعتناء بالغابات، نتج من ذلك برنامج وطني للتشجير نال تمويلاً من الحكومة ومن منظمات غير حكومية. لقد أقرّ هذا النشاط بمبدأ ديمقراطي قاعدي وهو أنّ الغابات والمساحات الخضراء، على الرّغم من كونها مُلكاً للدّولة قانونياً، فهي في نهاية المطاف ملك للمجموعة عامّة والمتساكنين خاصة.
في عام 1987 حازت المناضلات جائزة نوبل البديلة، ولاقت نساء الهند اعترافاً من المجتمع الدولي على مجهوداتهن.
وواصلت مناضلات شيبكو أنشطتهن وكان هذه المرّة اعتراضهن على بناء سلسلة سدود على نهر نارمادا المموّلة من البنك الدولي.
وإن أخذت المسالة صدى عالمياً فإنّنا لا نعرف الكثير عن نضالات الحركة ضدّ اصطياد الجمبري في الغابات المائية الهندية في سبيل تصنيع الأدوية وعناصر غذائية وعلف الأسماك والمعدة للتصدير للغرب. هذا النشاط كان يهدد السكان على مدى 6 آلاف كيلومتر وتصدى له ما يسمّين أنفسهن بنات البحر.
*باحث تونسي

المصادر:
http://www.fao.org/3/r0465f/r0465f03.htm#TopOfPage