مجد لُبْنَان أعْطِيّ لَهُ، على رأي جمال غصن، («الأخبار»، 3 آذار 2021)، في مقَالة بعنوان «هذيان آلهة الكيان»، هو غايَةً في النَّباهة، والأسلوب المرِح، ويبعث بالقارئ الى التفكير بما هُوَ ابعَد في معاني الحياة.
لا بُدّ للبطارِكَة الموارِنَة أن يبدَؤوا من السياسة وليس من الدين في حياتِهِم لخدمَة الرعيَّة الكنسيَّة! فيعطون المجد لانفسهم، قبل ان يطلبوه من الله اولاً لكيّ يستَدِلُّوا به ما هي مشكلة الانسان مذ خُلِق ويتلمسون بعدها طُرُق تدخُّلِهِم في السياسة، لكي لا نقول دخولهم فيها ! الملك سليمان " على ما في الكتاب المُقَدّس - العهد القديم" سأله الله ماذا تريدان أعطيك ؟ فَأَجَابَهُ، الحكمَة. فقال الله ، (1Kings 3:12) " عزَّ وَجَلّ، بما انك طلبت الحكمة ولم تطلب رؤوس اعدائك، فسوف اعطيك الحكمة والفَهموالثروة والقدرة والمكانة وطول العمر".

وحتى لو انطلقوا الى السياسة فالمُرتَكَز الاخلاقي لبناء الدُّوَل والمجتمعات لا بد ان يبدَأ من استيعاب كامل وفَهْم ازمة آدمَ مع الله في عصيانِه وطردِه واسترجاعِه مُجَدَّدَاً الى الجَّنَّة. يعني فهم الدِّين والمقصود منْهُ ومن ارسال الله عز وجلّ رُسُلُهُ، وتتضمَّن كلِمَة "جَمِيعَا"، وقطعِيَّاً. امَّا الاعتراف بواحِدٍ فقط منهُم واهمال وجود الرُّسْل الآخَرِيْن، فذلك يشكِّل عصيان آخَر لله لأنّه هو من شاء وأرسلهُم جَمِيعَاً، فكيف ترفُض وجود الآخَر انت، وترفض إرادَتَه وأنت تقول أنَّك خَادِمُه! السُّؤال الذي يُحَيِّر من يُحَاوِل فَك الغاز التَّعابِير والعِبارات المتقَطِّعَة، في كلام، غبطة البطريرك، غَيْرِ المَوصولة بتسلسل يمتثل بِمبدأ المنطِق، لِيُفْهم تسَلسُل أفكارَه، كما بَدَأَ بِفَهمِه وَشَرْحِه جهابِذَة المنطِق ومكتشفيه، الإغريق بدايةً، سُقْرَاط، وأفلاطون، وأرِسْطُو؛ وانتِقَالاً الى اوروبا عبر الحضارة العربية خلال الخلافة وفلاسِفَتِها، الفارابي، الرّازي، وابن سينا وابن خلدون، الخ…وصولاً الى ابن رُشْد الذي من الاندلُس العربيَّة، والذي من خلال ترجمتِه لفلسفة ارسطو، مَرَّت الى اوروبا، وتأثَّرَ بِهَا، سبينوزا، وبايكون، وجون لوك، وسواهُم وانتشرَت وعمِل هؤلاء عليها كي يطوِّروها الى ما وصلَت اليه بعد الانطلاقة الأولى في بلاد الاغريق، وساعَد ابن رشد في ترجمتها ونقلِها اليهم، بعد ان كانت أوروبا تعاني الحّهْل في العصور الوسطى. اوروبا الغربية كلها انتقلت من الدين في العصور الوسطى، إلى الفلسفة ومن ثَمّ إلى السياسة، أمّا انتم فانتقلتم من العصور الوسطى والتعَصّب مُبَاشَرةَ إلى السِّياسة والتمسُّك بذريعة الخوف من الآخر في ممارستِكُم للسياسة من دون المرور بالفلسفة وتعريفها للانسان بالمعنى الموضوعي المُجَرّد من العاطِفة والتي تنظر الى الامور كما هي في الوَاقِع وليست متأثِّرَةً بالتمنِّي او الحُلُم. باختصار، وأسَف نحن في لبنان نعيش الكَنِيسَة كما كانت قبل الثورة الفرنسيّة والحقوق غير القابِلَة للجدل او للتَّصَرّف. هذا كان الخلاف والاختلاف بين ارسطو ومُعَلِّمُهُ افلاطون، في تعريفهما للسِّياسَة ومهمَّتِها في حياة الانسان ووجهة نظرَي الاثنين. هل تنطلق من الواقع وتأخذُه الى الكّمَال، حسب ارسطو، او عكساًً، اي اسقاط الكمال او المثال والبدء منهما لفرضهما في الانطلاق الى السياسة؟ ناهيك عن اقطاع الكنيسة الذي اتى بعد قرون، والنَّزْعَة الديكتاتورية التي تضفيها عملِيَّة فرض الثانية بَدَل الأُولَى الاقرب الى الوَاقِع والدِّيمقراطِيَّة.

في حالة المارونيَّة السِّيَاسِيَّة في لبنان، وعلى رأسِها البطريركية المارونية، انتقلت في ذلك الى تطبيق وممارسة السياسة، مباشرة من المفهوم الديني، قبل فهم المعنى الفلسفي للسياسة، المعتمٍد في رأي ارسطو، على أن الإنسان "حيوان" سياسي. يتوسَّل السياسة والعقل الى تلبِيَة حاجِيّاتِه، بديلاً عن البطش الذي تستعمِلُهُ "الحيوانات" الأخرى في الغابَة، بِحَسَب ارسطو (The Politics -Penguin Classics -Page 9) " الوحيد الذي يُمْكِن وصفُهُ بالسِّيَاسيّ، والقادِر بحسب تصميم الطَّبيعة/الخلق، "الحيوان" الوحيد، القادرٌ على العيش داخِل دَوْلَةٌ مَدِينِيّة – Polis، وان عليه أن ينطلق من الوَاقِع كما هوَ وتعدد احتمالات التفسيرات المتوقَّعة من الانسان في امكانيات التعامل وتعدد تغيُّر النتائج لهذا التعامل لكل احتمال وتفسير للانسان موضع البحث، في مسعاه للوصول إلى المثَال أو الكمال او كما يريد. في هذه الحالة، الانسان "حيوان" سياسي، يشكِّل الدين رافداً للسياسة من حيث تشكيلُهُ القيم الاخلاقية المطلوبة كي ترفع الانسان من حالة "الحيوان" الى حالة الانسان، الذي يستلهِم القوانين الالهية، التي ميَّزَهُ الله بها وبقوانينِهِ له، الاديان والكتب والدعوات والرسالات السماويَّة، ليرتقي الى مستوى الانسان الذي يقرر ان يتعاون مع الانسان الآخر ويبني الانسان والمجتمع على طريقِهِما الى الكمال. وبالآخر ذاك،على كافَّة اشكاله وانتماءاته واديانِه، في بناء دولة يسلِّم لقوانينها التي ساعدته تلك الفلسفة على وضعِها، واضعة نصب عينيها، حاجات تعدد حالات تفسير العقل البشري للتعامل مع ما يواجهه في الوَاقِع والوصول ورفع الانسان من حالة "الحيوان" الى حالة الانسان.

بنى باقي الفلاسفة اللاحقون، تشريحهم لنظريَّة ارسطو هذه، للوصول إلى معاني الحرية والمساواة والعدالة، والعقد الاجتماعي والفصل بين الدين والدولة ومبدأ التمثيل والفصل بين السلطات، والمجتمع المدني والحق في الحياة الحرية والبحث عن السعادة، والاعتقاد والتفكير والاختيار والاجتماع والقرار وما شاكل، وحققوا بذلك في مجتمع الإنسان السياسي الانطلاق من الواقِع كما هو والوصول به إلى حيث يجِب ان يكون في عقد اجتماعيٍّ يضُمّ الجميع بمختلف اديانِهم ومعتقداتِهِم على قَدَم المُساواة، في الحقوق والواجِبات قولاً وفِعلاً. المراقِب لممارسة السياسة التي تمارسها البطريركية المارونية، والمارونيَّة السياسيَّة، في لبنان، لا بد انً يجد انكم اخْتَزَلْتُم الفلسفة ولم تبنوا مفهومَكم للسياسة على مبدَئِها في فهم الإنسان وحاجَتَهُ إلى السيَاسة في واقِعِ يفرض عليه التعامُل والتعاون، مع الانسان الآخَر ألمفروض عليه، لأنه لا يعيش لوحده في ديانة واحِدة حيث الجميع نسخة مُطابِقَة له، بل يصل الاختِلاف إلى غاية التعقيد في أمور الدين، حَيْثُ اللجوء الى الوَاقِع قبل المِثَال هُوَ الذي يثبِت حِكْمَة اًرسطو. في عمليَّة بِنَاء الأوطان، لا بُد لك من ان تنطلِق مما هو على ارض الواقِع، اذ لَا تستطيع ان تقول هؤلاء لا "يعجِبُنِي العيش معهم" فلنرمِهِم خارِجَاً، الا إذا كنتم تودُّون البَحْث الدَّائِم عن مُشْكِل! هل انتُم كذلِك؟ حان الوقت لمُرَاجَعَة الذَّات، بعد كُلً هذه الحروب! هذا لا يُسَمَّى خلاصَاً ولا مُصالَحَة ولا مُسَامَحَة، بحسب الليتورجيا المسيحِيَّة! الا، يقول سيُّدُك، السيِّد المسيح، احبُّوا اعداءكم بارِكوا لاعِنيكُم، ومن ضربَك على خَدِّكَ الأيمن، حَوِّل له الأيسَر، وكونوا وُدَعَاء كاليمامة، وحُكَمَاء كالحَيَّات. اودُّ لو أرى الحكمة في عمليَّة بنائكُم لهذا الوطن، بِحَجِم نصف ولاية في ايٍّ من هذه الدُّوَل التي تأتي، طلباً لاستغاثتِكم، او لأي غاية تخُصُّهُم. هذه هي بداية الاستقلال الحقيقي، الحكمة. التعصُّب، وحده لا يقدر على حل هذه المعضلة التي سوف يواجهه بها الوَاقِع الذي يعترِف بالآخر في عقد اجتماعيّ مختلط، والذي يفاجئه عند الخروج من خيالِه إلى أرض التطبيق، والوَاقِع المغاير تماما لما هو في خياله. ممارسة السياسة انطلاقا مباشرا من التعصُّب الديني، هو " الدعسة الناقصة " في سُلَّم الارتقاء بالمبدأ الواقعي في الوصول إلى المجتمع المتكامِل والحرالذي يسهّل بمفهومه السياسي الصحيح، لو طُبِّقَ او اتُّبِع منكم، لأوصلكم واوصل الآخر، والمجتمع بما يضمن من آخرين، إلى الكمال، والمثال، والى حيث يجِب ان يكون. لا تقدر، لِتعدد الخَلق بمعنى القوم، من فرض "واقِعَكَ"، وديانَتَك من ضمنِه، انت فقط على الجميع. على النظام في المفهوم الفلسفي إيجاد وعيش الامور المشتركَة بينه وبين الآخَرِين، وترك الخصوصيَّات خارِج هذه الأمور المشتركة التي اختصرتها الفلسفة الى حدِّهَا الاقصى، أي الوجود فقط. الكل له واقِعُه المفروض عليه، مثلاَ، دينٌ أو ديانة أخرى مختلفة عن تلك التي تعتنقها انت. لذا اختار الفلاسفة هذه المعادلة، والمعادلات المرافقة لها للوصول إلى حل الأزمة بشكل منطقي في الوصول الى السياسة بعد العبور اليها من خلال الفلسفة بعد تركها المعنى الديني والوصول إلى المعنى الوجودي والنضج الذي يؤهلها لممارسة السياسة على مبدأ تساوي حقوق كل البشر، مع الحفاظ على حرية الاعتقاد، وان الكل وُلِدوا متساوين، في الحصول على حاجاتهم الحياتية، كونهم اساسا متفقون على مفهوم أن الإنسان "حيوان" سياسي. مارستم وتمارسون السياسة على أساس أن الإنسان «حيوان» ديني، وهذا ما اوصلنا يوما بعد يوم، إلى ما نحن عليه. وبالأخص البعد عن المجتمع المدني، ولن يؤخَذ منك دورُك في المجتمع مرَحُل دين مسؤول عن تنقيَة الرُّوح البشرِيَّة وتحصينها ضد الشَّر والانزلاق اليه وحيث لا يزال بإمكانِكَ تثقيف المؤمِن لمَعْرِفَة نفسِه والانسان الآخَر والحق لكليهما بالوصول الى الخلاص، والحياة والحرِّيَّة والبحث عن السعادة، حتى في الوصول الى معرِفَة المُطْلَق، وعلى صورته ومثاله. في التطبيق اسأل ثوماس جفرسون وقولُه التالي ؛ "يقال اننا متحدون نقف، ومُتَفَرِّقُون نقَع، في الحياة العامَّة. امّا في حالة الكَنِيسَة (لأن الكَنِيسَة في المسيحيَّة حَيْثُ يقطُن هِيَ السَّائدَة، وليس مؤسسة دينيَّة أخرى) فمتّحِدُون نَقَع. كان هذا خلاصَة دُعَاءَهُ للفصل بين الكنيسة والدولة. يعني الفصل بين الدين والدولة، لِضَمان تطبيق الحقوق غير القابِلة للتصَرُّف وضمان حرية الجميع !

الجحور والمغائر ( مع احترامي الشديد وخشوعي لما تحتويه جدرانُها من قداسة ومن الثالوث القدُّوس، والسِّيرافيم والشِّيروبيم)- المغارات - والاضطهاد - وعقدة الاضطهاد / المرتبطة بعقدة الذَّنْب الرَّافِض للإفلات وافلات الشعور بالاضطهاد - بل التمسُّك بثوبه ولعب دور الضحية الازلية الابدية - والعزف الدّائم "الازلي الابدي" على هذا الوتر لاستجلاب واستعطاء العطف الاعمى، عَلَى "ضحية" خضعت للاستسلام لشروط الماضي السحيق واقنعت نفسها بترداد هذه الحجَّة، على مرّ العصور، للتحجج امام "العامّة"، وليس من يرون داخِل النوايا الغامِضَة، واستجداء العطف، مقابل التحكُّم برِقاب العِباد وَلَفّ حبل "الدين" وتغليفِهِ وتحوير معناه والمسيح اعطاكُم المفتاح (Rev.9:1) الى التحرُّر من الذَّنْب والخوف والاضطهاد والتزمُّت والتعصُّب والموت الرُّوحي والجسدي. والذهاب بواسطة هذا المفتاح، الخلاص، الافتداء، الاسترجاع، (لآدَم الأول فيكم من يد الشيطان، حَيْثُ سُمِّيَ، المَسِيحُ، بِآدَمَ الثّاني. الى حيث كان قبل تدَخُّل الشيطان في حياتِه، الذي لا خطيئَة فيه والذي استحقّ الرجوعُ الى الجَّنة من جدِيد! بواسطة الغفران والاعتراف بالخطايا والأخطاء، والمسامحة، والمصالحة مع النَّفْس والإنسان الآخر والله ! لا اعرف اذا مر في قِراءاتِكَ كِتاب، (الجنَّة التي فُقِدَت وتَمَّ استِعاَدَتُها -Paradise Lost and Regained- John Milton) لجون مِلْتُون حيث وَصَفَ بنصٍ ادَبِي رفيع، رسالة المسيح وانساننا العادِيّ، يصف فيها فلسفتِه، وفلسَفَةَ الله، واستراتيجِيَّتِهُ، في حَرْبِهِ القائمَة بينه وبين الشِّيطانُ. فلماذا الخوف من الموت وهو الذي داس وقهر الموت بقيامته، لِمَا لها من قيامة للروح والإرادة والخلاص من كلِّ التَّحِّدِّيَات ومن اجلِ استعادة مشروعِه الذي سرَقَهُ الشَّيطان منه ،والطرْدَ من النعيم والانتقال الى السلبيَّة في كُلِّ شيء بدل الايجابيَّة المطلوبة للبقاء في الجنّة. هذا وقد أرْسَلَ الله رُسُلَ آخَرِين ( النَّبِيُّ مُحَمَّدٍ) (صلعم) لينقُلَ الرسالَة ذاتَها لقومِهِ ايضَاً ! لماذا لا تريد الاقتناع برُؤيَةِ الله الشمولية، بل تُفَضِّل التّفاصيل، واختيارِه الحكيم للطرُقِ والوسائل التي يستعمِلُها لاسترجاع آدَم وأبنائه جميعاً بما فيهِم المسلِم، والمُسْلِم الشيعي بالأخْص، والمُسْلِمِين جميعاً بالعامّ، في حربِكَ عليهُم في الحياد وتسليم السلاح الذي انقذهُم من فَمِ التنِّين الشيطان؟ هل تقدِر ان تعيش ليلةً واحِدَة تحتَ قَصْفِ الحديد والنَّار الذي تعرَّضوا ويتعرَّضُون، ولا ضمانَة لان لا يَتَعَرَّضوا له لاحِقَاً، من ذاك العدو الذي يتربَّصُ على بعد امتار منهم. اعتدى عليهُم ولا زال يطمَعُ ويحلُمُ بتحقيق حلمِهِ. لكنَّهُم بِفَضلِ إيمانِهِم رَدَعُوه - التحرير عام 2000، والانتصار، حرب تمّوز 2006) بعد ان عجِزَت كُلُّ جُيُوش الدُّوَلِ العَرَبِيَةِ على مدى سَبْعِ عقود، عَنِ تحرير شبرٍ واحِدٍ من أراضيها! المسافَة بينك وبين الحدود الجنوبيَّة اكثر من أمتار قليلة، كما في حالَتِهِم، ومع ذلك تختبئ من الغرِيب ! لِماذا لا تذهَب وتُجَرِّب ليلَة واحِدة مِن ذلك الارهاب المتربِّص بهم. لا اعرِف ان كُنْتَ تفضِّل البحث عن سعد حداد آخَر الذي وُظِّفَ، "من وظِيفَة"، كي يحقِّقَ، ما خطَّطَ لَهُ دايان منذ 1956 وهي مذكورةٌ في مذَكَّرَات مُوشِيه شاريت، عن ضابط برتبَةِ "مايجور"، وكان له ما كان في ال ١٩٧٨، إحدى وعشرون عاماً، وبعدها "جنرالٌ" على شكل لحد ! على فِكْرَة، حان وقْتُ السُّؤال ايضَاً، عن تلك المعاهدة السِّرِّيّة المُوَقعة من البطرِيَرك أنطوان بيار عريضة والشَّيخ توفيق عوَّاد من جِهَّة، والعدو الصهيوني، في 30 أيار، 1946 قبل انشاء الكيان العِبري! هل لا زالت سارِيَة المفعول ضمنِيَّا بينكم وبينَهُم، أو في ذهنكُم، ويُعْاد إحْيَاؤها في الحياد وزيارَتَك "للأرض المُقَدَّسَة" أيُّ قَدَاسَة؟ وتذهب ولا تُنَسِّق مع أَحَدٍ من اترابِك في هذا الوطن على الاقلّ رَئيس الجمهورية!

للتذكير ايضاً معروفٌ ان الوفد المفاوض للمنظمة الصهيونيَّة العالمِيَّة ممثلة "بحاييم وايزمان" رئيسُها آنَذاك وبن غوريون اللذين اصبحا لاحِقَاً، رئيسّاً، ورئيسَ وزراء، تتابُعَاً، بعد انشاء الكيان العبري، طالَبا في مؤتمر فرساي في 1919 بأن تكون الحدود الشماليَّة للكيان العبري، المزمع إنشاؤه يوم ذاك بعد وعد بالفور، ان تصل وتضم نهر الليطاني، حَيْثُ تَكَرّرَت المحاولات العديدة فِي الوصول اليه.

او هل تستطيع ان تواجِه جحافِلَ داعِش التي لما كانَت تردَّدَت في ذبح الجميع، وكان الجيش اللبناني الباسِل والوطني اولى ضحاياها. ولَمَا كان وَفَّرَكُم ولكُنتُم من اوَّلِهِم، او اعلان الولاء «لإسلامهِم»! ولِحُسْنِ حظِّكُم الذي لا يجِب ان تُنْكِروه، عنه. هذه المَرَّة، يا حُسَين نَجِّينَا ونجاكم ! ذهَبَ ياسِر عرفات، وبتُّم تَبَحثُون عن آخَرَ لِتُمَارِسُوا هِوايّتَكُم عَلَيه؛ آه، فَطِنْتُم، المقاومة. وتلعبون مجدَّداً بمصائر الناس! عَلَى شكل المغامرات بالحروب الأهليَّة! تتبَرَّعُ الجَّبْهَة اللبنانيَّة وبعض احزابِها، إِبَّان الحرب الاهليَّة لِتُساعِد هَنرِي كيسنجر، في تأجيل العمليَّة السلميَّة، لِحل القضيَّة الفلسطينية، آنذاك ودعوة الاتحاد السوفياتي السابق، الحكومة الاميركية آنذاك، وكان كيسنجر ركنَاً رئيسيَّاً فيها. في هذا المقال يشرَح كاتِبُه ليندون لاروش، كيف قضى المذكور على خِطَّة روجوز وآيزنهاور، وعلى خِطَّة السَّلام، الاميركيَّة، وفَضَّلَ افتعال الحرب في لبنان بعد عدَم نجاح الخطة في الاردن وَرُحِّلُوا الى لبنان، لِإنْهَاءِ الحديث عن العملية السِّلمِيَّة. لماذا لم تمنع بطريركيَّتَكُم والمارونيَّة السِّياسِيَّة، في اقناع إسكندر غانِم من ارسال ظابِط " صغير"، ليُوَقِع عن كُلِّ الكيان اللبناني اتفاقِيَّة القَاهِرَة اللعينة! او لماذا لم تحاولوا اقناع عبد النَّاصِر والجامعة العربِيَّة مِن بعدم القبول او الدفع في اتجاه اتفاق القاهِرة؟ اين الديبلوماسيَّة ؟!، حينها، وكل اركان الجبهة اللبنانية آنذاك، من دون استثناء! وعدم اللجوء الى السياسة ولعبة الحرب والسِّلْم التي اتقنها الاغريق والرومان ومكيافيلي بدَلَ الانجرار الى حربٍ أهليَّة كَلَّفَت الكثير وأدَّت الى ما نحن فيه الآن وانتجَت شرْخَاً لم يُرْأب صدعُهُ حتى الآن ؟ وَتَلُومون الذين وافقتُم انتُم. أليسَ إسكندر غانِم "مارونِيَّاً" ، ويتبَع لكرسيِّكُم ؟ ومن كان يرسُم له سياستهُ او يعطيه الموافقة على افعالِه؟ على ادخالِهِم في "عبِّكُم" لتكتشِفُوا أنها "الافعى" التي أتت "لتبتلعكم" بعد ان فات الاوان ولم تتدارَكوا الخطر الآتي؟! بالمُناسبة ارسطو ذاته يُحَذِّر الدُّوَل من ايواء " لاجِئين" على اراضيها، لأنَّهُم سيصبِحون مشروع فِتْنَة. واصبحت فتنة، لكن لم تقرؤوا أرسطو قبل ذاك! وها أنتم تعيدونها مع "اللاجئين" السُّوريِّين. كم خَطَأ اصبَحُوا؟ اين كنتُم قبل الامضاء ذاك. في السياسة ومصير الأمم، هذا خطأ فادِح، حيث كنتُم تملكون الاكثرِيَّة في الحكم وكانت صلاحِيَّات الرئيس "الماروني" كامِلة لكُم وفي اوج مجدِها آنَذاك. لِمَاذَا دحل شارون الى لبنان ورحَّل عرفات ومن معه الى تونِس! ومن تونِس الى رام الله. ومنها الى اوسلو، ومن اوسلو الى الإقامَة الجبريَّة في رام الله. فجرعة السُّم في الماء والاكل. استعملوكُم من أجْلِ "البَرْم" كُلّ تِلْكَ "البرمِة". ولازالوا يبرمون ليُدخِلُوكُم في بَرمَةٍ أخرى ! هل تَأَكَّدتُم مَنْ أطْلَق النَّار على بيار الجّمَيِّل الجِّد في محاولة "اغتيالِه" قبل وقوعِكُم في فخِّ الانتِقَام من ياسر عرفات والفلسطينيين" قَبْلَ انفعالِكُم "في حادِثَة " بوسطة عين الرمَّانة المشؤومة! " راجِع المقال اعلاه" ليندون لاروش"، وغرِقنا في حرب موت لولبية الى جهنَّم، وانتم تتوسّلون الآن أخْرَى ! ؟ هل هذا قَدَرُ لبنان، بلد الارز ؟! التعايش ليس الطّّائفِي، بل المدني هو الحَلّ، والصورة النَّاصِعَة عن عصر النّهضة، اوروبيَّة، اميركِيَّة، على ارض لبنان معا لاحتفاظ بِحَق الاعتقاد هو الَحلّ، ونضج الذّات اللبنانيَّة في الوصول الى الخلاص والحرِّيَّة والاختيار عن معرِفَة وقناعَة ووَعْي قبل البدء بمُمَارَسَة السياسة. فلِماذا تهرُب من شريكِكَ، بَل تخافُ منه، لكَي "لا يضطهِدُك"! من قال اولا انَّه سيضطهدك! لماذا الجدَل العقيم. القناعَة والقبول بفكرة ان نختلفِ لكي نتَّفِق، وليس الخلاف لأجل الخلاف. او على الطريقة اللبنانيَّة "الفاشِلة"؛ اتَّفَقنَا على أن نتَّفِق! هل انتُم متَّفِقون كل هذه العقود؟ بل القرون! يذهبون اليك باحترام ومحبَّة. لماذا لا تُلاقيهُم ؟ فإذا كنتَ كمسيحي قد غُطِّيت بدم المسيح من الخطيئة والشَّر والاضطهاد، ألا تعتقد أن الحق نفسه ينطبِق على الشيعَة من شيعَة علي هم ايضاً غُطُّوا بِدَمِ الحُسين من الخطيئة والشَّرو الاضطهاد والظلم واستطاعوا ان يتخلّصوا من الذي يضطهدهم بعد ان استحقوا الحرِّيَّة والتحرّر؟ ان الاستشهاد في حالتي الامام الحُسَين والسَّيد المسيح، تَمّ على يد الطغيان نفسُه، والمال والشيطان وراءهما والطغيان والسُّلطَة. إِذَا وافَقْتَ فِي المَضْمُون، عَلى أنَكَ تُمَثِّل المسيح على رأس الكنيسة المارًونِيَّة، وان الدَّم في الحالتين زُهِقَ من اجل الحقّ، اذاً لِمَاذا لا تُوافْق في الشّكْل؟ فلما الاختلاف لو أُخِذت النَّظرة من هذه الزاوية الصَّحِيحَة، وصُحِّحَت البوصِلَة على هذا الأساس! اذاً كيف تريد لهم ان يتخلُّوا عن الحريّة ويعودوا الى العبوديَّةِ والذَّل. اذا رفضتها لنفسك، لماذا لا ترفُضَها لهم؟ ومن اي موقِع تريد فرض ذلك؟ لهم دينهم من الآبِ الواحِد؛ يا أبَ الآب، كما يقول بولُس. (Mark 14:36 – Rom. I: 15 & Gal). من يضمن ان لا تتركهم، او تُجْبَر على تَرْكِهِم. في منتصف الطريق، وهل لديك القدرة والسلطة لترُد عنهم الاضطهاد والظلم ممن يتربّصُ بهم في حال سلَّموا امرهم له وكل مصادر قُوَّتهم له ولكَ؟ وعلى أَيِّ أَساس =؟ من أين تأتي بهذه البِدع؟

المسيح لم يحايِد، لا فِي جثامين، ولا مع المشلول قرب بركة بَيْتُ حِسْدَا، ولا مع الأعمى الذي غسل عيناه بالتراب بعد مزجِه بلعابِه. رأى المُشْكِل وانغمس فيه، وتدَخَّلَ ليُنْقِذ. وانقذ، ووقف الى جانب الحق، في المشي المشلول، والبصر للأعمَى وما يستتبِعُهُ من حياة، حرِّيَةٍ والوصول الى السَّعادة. الحِياد مع من وضِدَّ من؟ اين الحقَّ في الحِياد؟ لو اختار الحياد ولم يأخُذْ موقِفَ الحَقّ لما صُلِب، ولما استحق القِيامَة، وَلما ذَكَرَهُ التاريخ، أو أُلِّهكما هو الآن. يعني المسيح بعدم حيادِه، كان الهاً مُقَاوِمَاً ومقاوِمَاً الشَّيْطَان، وكُلّ آفَاتِه، والطغيان من ضمنهم، والعوز والحاجة والاتكاليٍّة والاسر الجسدي والمعنوي والرُّوحِي، وكُلُّهَا ادوات للنُّهُوض بالانسان الى المرتبات التي ارادها الله في عمليَّة خلقِهِ لَهُ، وتَقَصَّد خَلق آدَم بِنَسْخَة وَاخِدَة لا اثنان. يعني الجميع مشمولين ومتساوين بعطفِهِ وطيب نواياه لهم. هكذا ارادَه الله. لماذا لا تريدَه انت كذلك؟ هل تُذَكِّرُكَ هذه الكَلِمٍة - مُقَاوِمَاً - بِشَيء ؟ لِمَن قالَ "الهي لما ترَكتَنِي؟ الم يكُن يشعُر بالطغيان حينها ؟! وطغيان مِن؟ من هو قيافا؟ وأين هو الآن؟ انت معَهُ ام ضِدَّه؟ فقط لو تُجِيب!

لو اعلن الحياد لما كان السيِّد المسيح الذي جاء من اجل الحق والحقيقة. اين الحق في حيادِكَ انت، وهل تقوم بما قام به المسيح بموقِف كهذا. في زيارتك للرَّئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وقفتَ مع الحق. اما في زيارَتِكَ الى الارض المُحْتَلَّة، تغَيَّرَ الحقُّ، والآن تعلن موقِفَكَ مَعَ الحِياد. ماذا حَصَلَ بين الزِّيارتين ؟ الم يقُل السيِّد المسيح، لِتَكُن نعَمُكُم نعم، ولاؤكم لا. لم يحايد عندما سألَه قيافا، وبعدها بيلاطس، هل انت ابن الله؟ اجابَهُما، أَنْتَ قُلْتْ. وصُلِبَ لأجْل هذا الموقِف وتقبَّل الموت، كي يبرهِن دورَه المُرْسَل لإِدَائِه. نُصْرَة الحق والحقيقة، ومن آمن بِي وان مات فسيحيا. اين انت منهُ في موقِفِكَ المُتَغَيِّر والمُتَقَلِّب. لم يهادن هو، لماذا تُهادِن انت، ومع من تقِف، وتُمَثّْل من ؟! هذا السُّؤال المُحَيِّر! نحنُ مُثَقَّفُون ونجيد المراقَبَة للمواقِف، والافكار، ولسنا خُشَّعٌ أمِّيُّون، نُسَيَّرُ بِنَواصينا احتراماً لِلثوبِ الدِّيني بل للعقل. ولا نلجأ للنذور التي تستعمِلُهَا "الكَنِيسَة" لتوسيع انتشار اراضيها، وممتلكاتِها، وثروتِها، بل نتَّصِلُ بالله مُبَاشَرَةً، بروحِهِا لقُدُّوس ( روح الله في الاسلام، التي هِيَ نفسُهَا التي نَفَخَهَا الله في أنْفِ آدَم ) الذي تركه لنا المسيح كمُخَفِّفٍ عَنَّا قبل صعودِه، ونوفي نذورُنا بأنفسنا ولسنا بحاجَةٍ لطرَفَ ثالث من اجل تنفيذ هذا العقد، مع الله، ونقْرَأ إنجِيلَنَا بِأنفُسِنَا، ونحن اكثر من كفُوئين وقادرين على فَهْمِه، وما دعَت اليه رِسَالتُهُ، فكُفَّ عَنِ اداءِ دَوْر الحَضانَةِ تُحَوِّلُهُ، وتحاول ان تقوم به. مضى زمَنٌ طويل على تركِنَا دورَ الحضانة، وبات الشَّيب من علامات التَّمَرُّسِ في فَكِّ الغاز مُدَّعِيه. فدَع عنكَ لَوْمِي….وداوْنِي بالتي كانت هِي الدَّاءُ. الحَقِيقَة والحَقُّ. لا تبْعُد كثيرَاً في الخيال. الحقيقة هي الداء والدَّواء. هل تسمعني ؟ بها القدر من الانجيل المُقَدَّس والشُّاهِد التي لا تحصى ولا يتَّسِعُ المكان لسردِهَا وشرحِها اذا لزِم الامر، ولكن بعض الأمثل ةفي المختصر من هذه الاسفار التي مرَّت.

تطلب منهم تسليم سلاحهم. ومن يحميهم بعد ذلك؟ في زمن اتفاق الهدنة، كان ان عدُوَهُم، كان يحتل ارضهُم بفِرقة موسيقيَّة. وتعود وتطلب منهم تسليم سلاحِهِم ! هل تريد لتلك الفرقة الموسيقية ان تعود وتحتل؟ اوانها ستخشى منك؟

دولةٌ واحِدَةٌ في العالَمِ كُلُّه، على حِياد، هي سويسرا. لأنَّهم يضعون اموالَهُم فيها. اصحاب المال ورؤوس المال. أولئك الذين يديرون لعبة الحرب والحروب (روتشيلد ومن لفَّ لفُّه). فلا تدخل فيها سويسرا، لأن الهيكل عندها سيهبِط على رؤوسِهِم ورؤوس اموالِهِم. اتفاق الهدنة كان الحياد الاوَّل. حيادٌ آخَر وعلى الدُّنْيَا السّلام. في لعبة العدو والصَّدِيق، لا مزاح. المحايد يصبح الاثنان اعداءه. اقرأ ميكيافيلي! تستطيع ان تختارَ واحِدَاً من الاثنين. والحياد ليس منهما. الحياد الايجابي مع من ؟! وضدّ مَن ؟ كان اداؤك قبل زيارة الفاتيكان التي سبقت زيارة الارض المحتلة، واضح المعالِم قبل سفرِكَ المفاجِئ والمباشَر ذاك!

فقيه الفاتيكان، اغناطيوس لويولا هو Crypto-Jew، أي يهودي متنصِّر معتنق الكاثوليكية ظاهرِيَاً، ومبق على المعتقد اليهودي ضمنياً، (Conversos - Marranos) والأبحاث متعدِّدَة، لمن يبحث عن باحثين كتبوا وفسروا اصوله اليهودية في اسبانيا، نتيجة العداء لليهود الذي وصل الى ذروتِه في صيف 1391 م. وتهرّب اليهود من محاكم التفتيش (Inquisition) بعد طرد الملك الاسباني فردينان لليهود من اسبانيا في محاولة منهم لإخفاء هويتهم ودينهم. دخل الدين المسيحي وقام بتأسيس الفرع اليسوعي أو الجزويتي - الجناح السياسي والعسكري. اعتمد على اغناطيوس لِخَرقِ الكنيسة الكاثوليكية حتى من قبل كل من لهم مصلحة بذلك ولا زال. ما معنى انه Crypto-Jew؟ والّا ما معنى الحياد الإيجابي ولصالِح مِن الحياد لو لم يُعْمَل عَلَيك للدفع في ذلك الاتجاه، بِعِلْمِكّ، أو بِغّيرِ عِلمِكَ، لا اعلم، لكن لا يبدو انَّكَ على بيِّنَة من عمق الموضوع وبعده. امر محيّر! من بعد ان ذهبت الى سوريا في بداية الحرب عليها لحماية المسيحيين واعطاء الدعم لهم، ومنها الى فرنسا لمقابلة الرئيس الفرنسي السابِق حينذاك، نيكولا ساركوزي، داعيا له في وقف الحرب في سوريا ومن ضمنها حماية المسيحيين في الشرق، فقال لَكَ يستطيعون المجيء الى فرنسا ليشتغِلوا في خدمتنا ! وشكرتك القوى اللبنانية يومها على ذلك. لماذا «كَوَّعْتَ» 180 درجة بعدها؟ وانطلقت مِنَ الفاتيكان، مركز الجزويتية العامَّة بالقرب من كنيسة القديس بطرس، ومؤسِّسُهَا الـ Crypto-Jew بحسب المراجِع والدراسات، ومنها الى فلسطين المحتلَّة، والزيارة الشهيرة الى العملاء الهاربين من مواجهة أنفسهم؟ ما معنى هذا التغيير المفاجِئ بعد ان كانت مواقف البطريرك الرّاعِي وطنيَّة باعتراف العالم واهم الصحافيين العالميين؟ ما معنى هذا التغيير المفاجئ وعلى اعقاب تلك الزيارة الشهيرة، حتى من دون طلب اذن من رئيس الجمهورية، او التنسيق مع القوى الأخرى في هذا البلد. بَيَّنتَ أَنَّكَ لستَ مستقِلَّاً عن الخارِج ومباشرَةً لتعليمات من خارِج لبنان، وتحديداً الفاتيكان من حيث انطلقتَ في هذه الزيارة المذكورة. اذاً انت اصبحتَ منحازاً، او أجْبِرْتَ على الانحياز، بعد ان اجبروك على تصحيح مسارك، "وكوَّعْتَ" 180 درجة! أصبحت مُوَالِيَاً للداعية المذكور. كيف تطالب بالحياد بعد هذه الزيارة بشكلٍ مُفَاجِئ ومُبّاشَر؟! لا بد انّه تمَّ تصحيحُ "اعتدالَكَ السابِق" والذي لم يُعْجِبُهُم، بل أثارَ حفيظتهم. على ايِّ حال تمضي قُدُمَاً في التنفيذ وتنادي بالحياد. هل انت مستقِلّ، لنعرِف نحن مواطِني لبنان، لا مواطِني الفاتيكان؟ لو كنت مستقِلَّاً لَمَا "كوّعْت". ولو سلَّمَتْ الناس التي تخاف على مصيرها ومصير بلدها ومصير المخلصين فيه وله، كيف تأْتمِنُكَ على مصيرها في حيادك وانت لا تمون على بيع قطعة ارض «ملكاً» للكنيسة المارونية التي ارادت بيعِها لحاجتها الى المال، كما قيل في الصُّحُف، وطلب الدكتور والوزير السابق غطاس خوري شراءها مِنَ وقف الكنيسة المارونية في كفرحباب، فلم تستطع بيعها له الَّا بعد ان أَخَذَتْ الموافقة من الفاتيكان! إذاً انتَ والبطريركيةِ المارونِيَّةِ التي تنتمي اليها وتقوم بتمثيلها الآن، لا تَمُون على كنيسة في لبنان، ولستُم مُسْتَقِلُّون داخِل بلَدِكُم؟ كلُّكْم مُلْكٌ الفاتيكان، وانتم جِزءٌ منها تحت اسم مستعار. تماما كإغناطيوس لُويُولَا المُتَنَصِّر وتعود وتتهم الآخرين بالولاء للخارِج، ــ أي جمهوريَّة الفقيه؟ انت واتباعُك بحاجة الى التجدد عقليَّا وروحِيَّاً! والعودة الى الإِنجِيل وقِرَاءَتَه من جديد، وفهم قِصَّة تحرُّرِهِ من سلطة الشيطان، واتباعِه، «قيافِيين» يهوداً او رومانيين.

لا شغل لكم الا العودة الى «قصَّة الغرَيب» - غْرِيب - هذه تنسجون على منوالِكم بِهَا مُنْتَقِينَ في كلّ مناسبة وطنيَّة حرِجَة، شخصِيَّةً وهميَّةً، تماما كما فعلتم في الحالة الفلسطينية، ابّان الحَرْبِ الأهلِيَّةِ، ودرنا حتى الآن 46 سنة فقط وتكررونَها الآن مع المقاومة! أهي عقدة الاضطهاد المُسبِّبَة لعِقْدَةِ الذنب؟

لِنَعُد إلى «جمهورية الفقيه» من حيث استطردنا. ما اسم جمهوريَّتَكَ انت؟ ما قصَّة الأب والجزويتي العام Peter Hans- Kolvenbach الهولندي الذي حاز على الماجستير والدكتوراه من اليسوعيّة ـــ جامعة القديس يوسُف ـــ وبعد ان اكمل دراسته، انتقل الى دير الارمن الكاثوليك في بزمّار؟ أليسَ كذلِك؟ لم نعد بحاجَة الى مكتبات. الانترنت حَلَّ هذه الايَّام محل الكثير من الكتب. يا للتطوُّر! أم يجِب ان نبقى في العصور الوسطى حيث كانت الكنيسة وحدها من يمتلك نسخة مكتوبة من الانجيل، ولم تكن تسمح للناس العاديين والمؤمنين المبتغين الكَنِيسَة بامتلاك نسخةٍ خاصة بهم، كي يقرؤوا الانجيل لوحدهم، ويفهموه كما يشيرُ عَلَيْهِم عقلَهُم؟ لِأن الانسان ولِدَ ليفَكِّر هو، وليس ليفَكِّر شخصٌ آخَر عنه – فرنسا عصر النَّهضة – اطِّلع عليها - وحتماً ليس الآباء كما يشاؤون! اسأل الثورة الفرنسيَّة ورُوَّادُها. واسأل مارتن لوثر، فيأتيكَ جوابُه وانشقاق الكَنِيسَة، ومبدأه؛ أُلُوهيَّة كل المؤمنين. أي الحق لكُل المؤمِنين بالوصول الى الله مباشرةً بأنفُسِهِم من خلال قراءة الانجيل بأنفسِهِم، حيث اغاظ مارتن لوثر احتكار الكتاب المقدَّس بواسِطَةِ الكنيسة الكاثوليكية (والمارونيَّة "استطراداً") لنفسها ومنعته عن العِباد كي يظلُّوا جَهَلَة ورهينَة بأيديها، وعدم وصولهم الى النموّ الروحي، فالخلاص، فالمعرِفة فالحِكمة.

بالعودة الى الاب الآنف الذكر، تولّى منصب الجزويت العام «البابا الأسود» ـــ ومركزُه بالقرب من كنيسة القدِّيس بطرِس في الفاتيكان، بعد ان تخرَّجَ من اليسوعيَّة التي وضعوها اساسَاً هُنَاك، كجامعة لبنانيَّة خاصَّة، تأسست سنة 1875، كجِزْء من الدَّور الصَّلِيبي، «لحِمَايَة» الموارنَة الكاثوليك، والجزويتيين، في لبنان. «وتحميكُم» مِمَّن؟ انَّهُ الوحيد الذي سُمِحَ له بالاستقالة قبل مماته ـــ بسبب المرض، توفِّي وأوصى قبل مماته بأن يُدْفَن في باحة مدرسة الجمهور ـــ الفيَّاضيّة. اليس هذا هو «فقيهُكُ»؟ وهو المعروف بسلطتِه حتى على البابا «الأبيض» أي مرتدي الثوب الأبيض والساكِن في كنيسة القديس بطرس! وكنت تلميذَه أيضاً حينما علَّم في صفوف معاهدكم وجامعاتِكُم! ويروى انه أَبَى ان يجلِس الى جانبك «خجلا» بعد ان تولَّيت البطرِيَرْكِيَّة وبعد اعتزاله، لكونِك اصبحت رئيسَه بعد ان كنت مرؤوسَاً منه قبل اعتزالِه!

ليتَكَ بقيت مطرانَاً، والمطران الذي لم يكُن يخشى قول الحَقِيقَة والدِّفاع عن الحَقّ، لما كنا اضطررنا الى معرِفة كل ذَلِك. والرّهاب والحروب والتحضير او محاولة التحضير لآتِيَةٍ منها، على طريقة «لا يلدغ المؤمِن من الحُجْرِ مَرّتَين»! المؤمِنَ بِمَن؟ بالله! عظيم، بمن اتى السيِّد المسيح ليبشِّر؟ بالله! جَيِّد، اذاً بشَّرَ بالله. اذا آمنت انت بالله، من واجِبِكَ احترام خَلقِه. وهم لديهُم إبراهيمُهُم واسحاقهم يعقوبُهُم وموسى ويعترفون بعيسى المسيح، وكرَّمَه النَّبِيّ الشّرِيف في سورَةٍ كامِلَةٍ في القرآن الكريم، بِسُوْرَةِ مَرْيَم. يا سيِّدَة النجاة نجِّينا. اذاً لماذا كل هذا وبالأخير تأتي المواقف «من تحت الباط» ؟! اخلع عنك هذه العباءة وعد الى الابتدائي في الانجيل ؟! اكتشاف الذات في الانجيل. واترك عنك هذه النغمة.

على ابن آدَم بعد ان اوقعَه الشيطان، كي يستعيده بواسطة ذينك الرسل، رُسُلَهُ، الى ربوعِهِ وجنّتِهِ التي سقط منها نتيجة اتكالِه على "فِطْنَتِهِ" الذاتية. فطنة آدَم اوقعته واضطر الله سبحانه وتعالى، الى ارسال رُسُلِهِ لخلاص بني آدم. لماذا لا تتخلَّص من فكرة شعب الله المختار، وتراها من زاوية عالم النفس التحليلي فرويد، ايفوبيا، او مرض العصاب في اللاوعي، نتيجة من روّجَ لفكرَةِ الاضطهاد وتركها لك لتشتغِل فيك، وانتَ فينا. اذا لم تكن تعجِبُكَ الامور ولا قدرة لك على اعطاء الانسان الاولوية في كنيستِكَ، وتمسِكَه طَرَفَ الخيط ليبدأ رحلته بيقين على طريق الخلاص، بل تتبع فقط تعليمات «فقيهِكَ» ولا فقه فيه، إذا عرفت معنى الفقه. ان يفقه المرء اي ان يفهم كنه وسر المعنى وروح الموضوع. كيف تستبيح لنفسِك ان يكون لك فقيه وتنتقد غيرَك ان لا كان له فقيه؟ هي واحِدة من اثنين اما ان تتقن ما تقوم به لتثق الناس بِك، او ان تستقيل من هذا الواجِب الديني والوطني في مشارَكَة اقرانَك واخوتِك في المواطنة على المستوى الروحي والفلسفي والاخلاقي والسياسي، والديني والقانوني والاجتماعي، او إن وَجَدت هذا الهم هو هم ثقيل عليك فاترِكه لغيرِك ممن يقدِر ان يقوم فيه. بالمناسبَة ذلك الكسيح عاد وعاش حياتَه بشكلَ طبيعِيّ وتأقلَمَ مع كونِهِ طبيعِيَّاً، واحبّ وتعاونَ مع الآخر، وقبِله الناس ولو كان تاريخه وحباتُه مختلِفَة عن حياتهِم. وعاش سعيداً بما فَعَلَهُ لَهُ المَسيح، ونسِيَ انَّه كان مضطهَدَاً بالمرض وألاعيب الشيطان. لماذا لا تحاولون اخذ العِبْرَة من هذا الدرس الذي اعطاه المسيح لكم وللعالم اجمع ليتعَلَّمَ مِنْهُ؟ لماذا تُصِرُّون على متابَعَةِ البحثِ عَنْ عَدُو! هل لتتمسكوا اكثر بمناصِبِكُم وامتيازاتِكُم؟ من قال احبُّوا أعْداءكُم بارِكوا لاعِنيكم؟ واحب جارَك َالقريب ولا أَخاكَ البعيد؟ متى تُحِبُّ او ستُحِبَّ جارَكَ انت؟ ومن هو قريبُك؟ كم تجرِبَةً بعد لِكَي تصِل الى الجواب وتَمُدَّ اليَد لمصافَحَة اليد الممدودة اليك؟ أم أن الإذْنَ لَمْ يُعْطَ لَك؟ الجَّوَابُ عِنْدَكم. ولنر ان كنتم رأيتم الكسيح من زاوِيَة ايجابِيَّةٍ وليست حِيادِيَّة او سلبيَّة.