بين المقاومة والجيش
لكل شعب حق المقاومة في سبيل تحرير الأرض، وهذا الحق اكتسبته الشعوب عبر التاريخ. فحين استولى العثمانيون على الأرض العربية ما يقارب أربعة قرون، برزت حركات وطنية قاومت الاحتلال، وكل من انتمى إليها افتخر به أهله وشعبه.
يحمي الجيش الحدود، ويصون وحدة الوطن. هو رمز هذه الوحدة. وهو في كل دولة من دول العالم يتحمل حماية الوطن من كل اعتداء. هذا في الحالات الطبيعية. أما في الحالات الاستثنائية، كما في لبنان، فوضعنا مختلف. الجيش غير مقصّر. التقصير آتٍ من الدولة التي لم تسلحه كما يجب.

دعا السيد موسى الصدر إلى مقاومة الاحتلال بالقول والفكر والفعل. والدعوة أتت من معاناة كبيرة عاناها الجنوبيون طوال عقود من الزمن حين كان البعض يعتبر الجنوب غريباً عن لبنان. ولو لم توجد تلك المقاومة سنة 1982 لما وصلنا إلى تحرير جنوبنا اليوم.
اليوم ليس كالأمس. اليوم كل جنوبي ينام مطمئناً لأن كل مقاوم تعهد ألا ينام قبل أن ينام أي جنوبي، ولأن الاحتلال أزالته دماء المقاومين؛ إذ إن كل مقاوم هو كأي جندي لبناني. غير أن البعض، على المنابر وفي القاعات، يتحدّث عن نزع هذا السلاح الموجه نحو العدو. فلنفترض أن هذا قد تم وسلّمت المقاومة سلاحها للجيش الذي لديه ما يعانيه في بعض المناطق، وطلب منه حماية الحدود، ودخلت إسرائيل أراضينا، حينها يقع الجيش بين خيارين: أن يسكت ويكتفي بالتفرج على اغتصاب الأرض، منتظراً ضوءاً أخضر من أفق ما، أو أن يدخل مع إسرائيل في حرب مفتوحة. في الخيار الأول إهانة لكرامة الجيش، يبقى الخيار الثاني، وهو الحرب. حرب مع إسرائيل غير متكافئة أبداً. فالعدو يملك ترسانة عسكرية متطورة لا يملك مثيلها إلا القلائل في العالم. ولبنان لا اقتصاده ولا قراراته تسمح له بتسليح جيشه، أقله في الوقت الراهن.
أما من يتحدّث عن الاستراتيجية الدفاعية حول طاولة الحوار، فهذا تضييع للوقت. فأي استراتيجية نريد في بلد ممتلئ بالعملاء الإسرائيليين؟
إذا أردنا حقيقة بنيان لبنان، فلنجتمع حول الجيش؛ لأن كل مواطن شريف يحترم أصغر جندي في الجيش أكثر بكثير من احترامه لأي زعيم. أطلقوا قيده لحفظ الأمن والاستقرار. وانتبهوا أيها الزعماء والنواب والوزراء، قد نطالب بحكم عسكري دائم؛ لأنكم لا تعرفون كيف تقرأون الديموقراطية.
أيها المقاوم أنا الشمالي لك حبي ودعمي واعتزازي بك، ويا أيها الجندي أنت شرفي وكرامتي وعرضي. كلاكما جعلتماني أفتخر بلبنانيتي.
بول أبو ديب