يؤخذ على القانون الحالي، رقم 44/2017، أنّه يُلزم الناخب بلائحة مغلقة قد لا يكون مقتنعاً بكلّ أعضائها، وفي هذه الحالة إما أن ينتخب من دون قناعة أو يمتنع عن الانتخاب، لا سيّما أننا لسنا نعيش حياة حزبية سليمة، وجرت محاولات للتعويض عن الفقد الجزئي لحرية الاقتراع بالصوت التفضيلي، ولكنّه ليس محلّ إجماع، من جهة، ولا يؤمّن الحرية الانتخابية كاملة، من جهة أخرى. وليست العودة إلى النظام الأكثري هي الحلّ، لما يعروه من عدم التناسب بين الأصوات والمقاعد، فيُظلم بعض التكتلات التي تحصل على نسبة مقاعد تقلّ عن نسبة التصويت التي نالتها. ويعود ذلك أساساً إلى ضياع الأصوات، يعني أنّها يمكن أن تحصل في دائرة معيّنة على فائض كبير بالنسبة إلى منافسيها، فيما يكفيها أن تتجاوز غيرها بصوت واحد حتى تفوز، فما تحصل عليه فوق ذلك يضيع، أو أنها حيث تخسر، تخسر بفارق بسيط، أي أنّها تحصل على نسبة مرتفعة نسبياً. ولكن بما أنّ اللائحة الفائزة فاقتها بعدد زهيد، فهي تخسر تلك النسبة المرتفعة. وفي المقابل، يمكن للائحة مقابلة أن تخسر القليل، وذلك بأن تفوز حيث تفوز بفارق قليل من الأصوات، فلا تضيع عليها زيادات كبيرة، وتخسر حيث تخسر بفارق كبير أي أنّها تكون حصلت على عدد قليل نسبياً من الأصوات فتخسرها، وتكون خسارتها محدودة. والمثال على ذلك في الجدول الآتي:


لذلك، نقترح أن تؤلِّف الكتل لوائحها ولا تكون مغلقة أو إلزامية، ويركّب الناخب لائحته كما يريد، وعند فرز الأصوات وتحديد ما ناله كلّ مرشح، تُجمع أصوات مرشّحي كلّ لائحة على حدة، وتحوز من المقاعد نسبة ما حصلت عليه من أصوات، عن طريق احتساب الحاصل الانتخابي الذي يتحدّد بقسمة عدد المقترعين على المقاعد، ثم يُقسّم عدد أصوات كلّ لائحة على الحاصل الانتخابي لتحديد حصّتها من المقاعد، وإذا بقيت مقاعد لم تُنسب، فتُعتمد طريقة أكبر المعدّلات. تقوم هذه الطريقة على افتراض إعطاء مقعد واحد إضافي لكلّ لائحة، وقسمة عدد الأصوات التي حصلت عليها على مجموع مقاعدها الحقيقي والمفترض، واللائحة التي تحصل على أكبر معدل تُعطى مقعداً إضافياً، ثم نعاود الكرة حتى استنفاد المقاعد. لنفرض أنّ هناك دائرة لها 7 مقاعد، وكان عدد المقترعين فيها 133 ألف صوت. وتنافست فيها ست لوائح. فتكون حصة المقعد الواحد - أي حاصل قسمة الأصوات على عدد المقاعد: 133ألفاً ÷ 7 = 19 ألفاً، ثم نقسم ما نالته كل لائحة على 19 ألفاً، فتكون النتيجة كالآتي:


إذاً، لدينا 4 مقاعد شُغلت من أصل سبعة وبقي ثلاثة (مع بواقٍ من الأصوات). نفترض أنّا أعطينا اللائحة «أ» مقعداً إضافياً من أصل المقاعد الثلاثة. فتصبح مقاعدها 3. ثمّ نفرض أنّا أعطينا مقعداً إضافياً للائحة «ب» فيصبح لها مقعدان، ثم نفرض أنّا أعطينا مقعداً للائحة «ج» فيصبح لها مقعدان، وأنّا أعطينا كلّاً من اللوائح الأخرى مقعداً واحداً.
فلنستخرج المعدّل:


فيكون أكبر المعدّلات هو معدّل «أ» فيثبت لها مقعد إضافي فتصبح مقاعدها 3 مقاعد، فيصبح عدد المقاعد المشغولة خمسة. ثم نعيد الكرّة من أجل المقعد السادس فنفرض أنّا أعطيناه لكلٍّ من اللوائح الست، فتكون المعدّلات:


فيكون أكبر المعدّلات معدّل «ب» فيعطى لها المقعد السادس فيصبح لها مقعدان. ثمّ نعيد الكرّة من أجل المقعد السابع، فنفترض أنّا أضفنا لكل لائحة مقعداً آخر، أي:


فيكون أكبر المعدّلات معدّل «أ»، وتحصل على صوت إضافي فتصبح مقاعدها 4 وينتهي الأمر. وتكون النتيجة النهائية هي الآتية:


وبناءً عليه، يعدّل القانون 44/2017 بحيث تصبح المادتان 98 و99 منه، كما يأتي:
المادة 98 - في الاقتراع
1 - لكلّ ناخب أن يقترع للأسماء التي يريدها من دون التقيّد بأيّ لائحة شرط أن يراعي التوزيع الطائفي (والمناطقي إذا روعيت المناطق في الدائرة).
2 - تُجمَع الأصوات التي نالها جميع مرشّحي اللائحة وتنسب إلى اللائحة.
المادة 99 - في النظام النسبي
1 - يتم تحديد عدد المقاعد العائدة لكلّ لائحة انطلاقاً من الحاصل الانتخابي.
2 - لأجل تحديد الحاصل الانتخابي، يُصار إلى قسمة عدد أصوات المقترعين لجميع المرشّحين في كل اللوائح على عدد المقاعد في الدائرة.
3 - تُمنح المقاعد المتبقية للوائح التي نالت أكبر المعدّلات على أساس أن يُمنح مقعد للائحة ذات المعدّل الأعلى، فإذا بقي من المقاعد يُعاد احتساب معدلات اللوائح بما فيها اللائحة التي نالت المقعد الإضافي، وينسب مقعد ثانٍ للائحة ذات المعدل الأعلى من جديد، وهكذا حتى استنفاد المقاعد المتبقية.
5 - بعد تحديد عدد المقاعد الذي نالته كل لائحة، يتم ترتيب أسماء المرشحين في قائمة واحدة من الأعلى إلى الأدنى، وفقاً لما ناله كلّ مرشّح من الأصوات.
6 - تجري عملية توزيع المقاعد على المرشّحين الفائزين بدءاً من رأس القائمة الواحدة التي تضمّ جميع المرشحين في اللوائح، فيُعطى المقعد الأول للمرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات ويُمنح المقعد الثاني للمرشح صاحب المرتبة الثانية في القائمة وذلك لأي لائحة انتمى، وهكذا بالنسبة إلى المقعد الثالث حتى توزيع كامل مقاعد الدائرة للمرشحين المنتمين لباقي اللوائح.
7 - يُراعى في توزيع المقاعد على اللوائح الشرطان الآتيان:
- أن يكون المقعد شاغراً وفقاً للتوزيع الطائفي للمقاعد. فإذا أبقينا على التنظيم الحالي: دوائر كبرى يحتوي كلّ منها على دوائر صغرى، فكلّما اكتملت حصة مذهب أو دائرة صغرى ضمن الدائرة الانتخابية الكبرى يخرج حكماً من المنافسة باقي مرشحي هذا المذهب أو الدائرة الصغرى بعد استيفاء حصته (ها) من المقاعد.
- أن لا تكون اللائحة قد استوفت نصيبها المحدّد من المقاعد، فإذا بلغت عملية التوزيع مرشّحاً ينتمي إلى لائحة استوفت حصتها من المقاعد يتم تجاوز هذا المرشح إلى المرشح الذي يليه.
* أستاذ في كلية الحقوق، الجامعة اللبنانية

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا