التجار
«ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلّا بالعمارة. ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ولم يستقم أمره إلّا قليلاً» (الإمام علي).
توصيف دقيق لواقع المجتمع اللبناني، وتحديد علمي ومنطقي لأسباب هذا الواقع، فلا تنمية ولا نموّ بل ضرائب حتى على الاستهلاك وخراب وهلاك وتخلف شمولي يحكم بالأصالة، ولا يثق بالوكالة والتجزئة. تحكّم وجور وظلم واستغلال وتهميش وفساد وسرقات. فوراء كل ثروة في لبنان سرقة أو جريمة.

مجتمعنا المقاوم هو المستهدف بأرضه ومؤسساته ومقاومته وجمهوره، ورؤساؤنا ونوابنا ووزراؤنا كلهم قادة محاور، ومجتمعنا شرائح وأطياف وطوائف وجماعات متناحرة متباغضة.
تواطؤ التجار والمحتكرين، أحفاد الأتراك والفرنسيين، الوارثين للألقاب والامتيازات والإقطاعات، مع الحكّام، ووقوفهم ضد العمّال والمدرّسين والموظفين جريمة كبرى لا مبرر لها سوى الظلم والاستبداد والاستثمار والاستغلال لمن هم أكثر الناس في هذا البلد إنسانية ووطنية.
لا يحق لكم أيّها التجار ولا لغيركم أن تستثمروا جهد إنسان آخر وأن تتدخلوا في شؤون الكادحين الشرفاء الذين يقتاتون من عمل أيديهم وعرق جباههم، وأن تتصرفوا بمقتضى مصالحكم وأهوائكم ورغباتكم. فهل الدولة تخلّت عن وظائفها وأوكلتها إليكم؟ وهل تعتبرون أنفسكم معنيين ومؤهلين وقادرين على ظلم الناس وإفقارهم وتخييرهم بين الجوع والخضوع؟ أيّها التجار أين كنتم ولم يسمع لكم صوت خلال مراحل الانهيار على مختلف الصعد والمستويات، والذي خلّف شعباً فقيراً وقلّة من الأغنياء؟ وتتباكون اليوم على الاقتصاد الوطني إذا ما حصل الشرفاء على حقوقهم. ليتكم أنتم وهذه القلّة من الأغنياء تجيبون عن تساؤل الشاعر فولتير: «إن المرء ليتساءل بينه وبين ضميره هل يحب رجل المال وطنه حبّاً قلبياً؟».
اعلموا أيّها التجار أنّ العامل بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء ثلاثة، وأننا لم نتصدّ ولم نعترض على ثرواتكم المشروعة إذا كانت من غير طريق الاحتكار واستغلال العامة والإفادة من السلطة، ونتمنى ألا ينطبق عليكم القول «إذا بلغ المرء من الدنيا فوق قدره تنكّرت للناس أخلاقه». ولتستمر القافلة حتى تحقيق الغاية والمطالب، وليتوحد الشعب المقاوم، فثقافة المقاومة لا تتجزأ ولا تتوزع بين الداخل والخارج، ولتكن انطلاقة هيئة التنسيق النقابية بداية فاعلة لبناء وطن العدالة والرفاهية والسلام.
حسين ماجد