هل الحلّ الأمني هو الحل؟
إنّ أعداد من انشقّوا عن الجيش العربي السوري في بداية الأعمال الإرهابية عام 2011 لم تتجاوز المئات، وهم عملياً من مناصري الإخوان المسلمين والسلفيين. أمّا الشريحة الأكبر من المسلحين، فهم من الأجانب، من إفرازات تنظيم القاعدة.

تاريخياً، الجماعات التكفيرية لا تكتفي بالتبشر باقتناعاتها أو عقيدتها، كأن ترى أن شرب الكحول أو لبس البنطال الضيّق، أو الماكياج وغيره خطايا تستحق العقاب، بل يصل بها الجهل الوقح والتزمت إلى قتل من لا يقتنع بتبشيرها، ذبحاً أو رمياً بالرصاص. هذه الجماعات صنعها الاستعمار البريطاني في دولنا العربية، بهدف تقسيمها إلى دويلات طائفية، كما هو مخطط برنارد لويس لتقسيم الأقطار العربية إلى 52 دويلة طائفية، وهذا ما يتوق إليه اليوم مشروع الشرق الأوسط الجديد. وبطبيعة الحال، فإن كل من يؤيد مقولة فليحكم الإخوان ومقولة فلينسحب حزب الله من سوريا، إنما هدفه الفعلي رؤية لبنان وسوريا يرتميان في أحضان عالم الكنتنة والفدرلة. إن ممارسات أفراد الجماعات التكفيرية وقادتها تدل على أنهم مصابون بأمراض نفسيّة وعقليّة، والحل الأفضل لهذه الجماعات هو تلقي العلاج، لإعادة تأهيلهم اجتماعياً على أسس ديمقراطية، تجعلهم يتقبّلون آراء الناس المغايرة لآرائهم. إنّ التبشير حق شرعي، لكن التكفير والقتل ليسا سوى مرض من أمراض الجنون. وبما أنه لا يزال هناك من هو مصرّ على عدم تلقّي العلاج والقيام بنقد ذاتي يشفيه من أمراضه النفسية والعقلية، فالحلّ الأمني معه هو الحلّ الوحيد في سوريا. وفرضاً لو منح النظام في سوريا إصلاحات لشرائح المثقفين التقدميين والعلمانيين اليساريين، وهذا أمر ضروري، فهل كان ذلك سيمنع اندلاع أعمال الإرهاب في سوريا؟ بالطبع لا، لأن من سابع المستحيلات أن تتفق إيديولوجيا فايز سارة ومأمون الحمصي وسلامة كيلة... مع عقائد الإسلاميين، سوريين كانوا أو أجانب. وهل لهؤلاء المثقفين اليوم مناصرون في سوريا على الأرض يقاتلون الجيش العربي السوري؟ بالطبع لا. وفرضاً لو كانت قرارات الجبهة التقدمية في سوريا غير خاضعة بأغلبيتها لسيطرة حزب البعث، هل كان ذلك سيمنع اندلاع أعمال الإرهاب في سوريا؟ بالطبع لا، لأن القوى التكفيرية تكفّر الشيوعيين والقوميين كما تكفّر البعثيين. فإلى الذين ينتقدون الحل الأمني، لا أظن أنكم توافقون على إعطاء التراخيص للأحزاب الدينية في سوريا، قبل أن تعمد تلك الأحزاب إلى إزالة عفن التكفير من نفوسها.
ريمون ميشال هنود