إلى رئيس وأعضاء الحكومة المحترمين. نِلتُم الثقة بأقلّ من نصف عدد النواب. مبارك لكم. هذه الثقة مهما كان الطعن فيها تمنحكم الصلاحية الدستورية لمباشرة العمل وتلبية جزء من مطالب اللبنانيين، الذين نزلوا بأكثريّتهم إلى الشارع بزخم أربك الحكام وأدهش العالم الذي ملّ ألاعيب السلطة ومناوراتها. البيان الوزاري يبقى حبراً على ورق، ما لم تتخذوا قرارات صعبة تخاطب وجع الناس، هذا الوجع الذي تطوّر إلى سخط يُنذر بشتى العواقب. أهمّ هذه القرارات استرداد الأموال المنهوبة والسحوبات المشبوهة التي يقلّل من أهميتها، وينفيها أحياناً، سعادة الحاكم رياض سلامة لاعتبارات قد تكون غامضة بالنسبة إلى مبتدئين.إن الحكومة إذا لم تبادر إلى التركيز على هذا الموضوع الخطير فلا معنى لوجودها ولا خيرَ يرجى منها. فالناس، أصلاً، ثاروا ضد الفساد ونهب المال العام، لكن السلطة الحقيقية لم تهتمّ للأمر، بل بادرت مع الطغمة المالية والمصرفية والميليشيوية إلى تسرّب مواليها إلى الشارع وتحويل أموالها إلى الخارج تحت عناوين مختلفة. وفوق ذلك، انقضّت على أموال المودعين وأخضعتها لاقتطاعات وقيود مهينة لم ينصّ عليها قانون النقد والتسليف، وكل ذلك تحت عناوين أبدعها حاكم يسعى اليوم إلى حماية من استفاد من الهندسات المالية واستهتر بأموال الناس. هذه هي نقطة البداية التي يعوّل عليها الناس. والناس، إذا شعروا بجدّيتكم واستعدادكم للدفاع عن أموالهم وكرامتهم، فلن يعدموا وسيلة لمؤازرتكم في كل المعارك التي تنتظركم، سواء في الكهرباء أو الاتصالات أو الكسّارات، من دون أن ننسى بالطبع ملف النفط والغاز الذي تفوح منه سموم شبيهة بالسموم التي تنفثها بواخر السلطة في سماء لبنان. وختاماً، لا مندوحة لكم من قراءة الدكتور نقولا سركيس الذي يكتب، بمداد القلب وصفاء العقل، عن تجربة العمر في ميدان النفط والغاز، هذا الميدان الذي يصرّ اللبنانيون على إبعاده عن أجواء الابتزاز والفساد، التي تعمّ وتسيطر على مفاصل السلطة كلها في زمن المعرفة والإبداع. والخير كلّ الخير في قوم أمرهم شورى بينهم.
* وزير سابق