تعبّر النساء والنسويات الناشطات عن رفضهن للطرق التي تتم بها صياغة السياسات المعارضة واستخدامها من قبل الرجال في الأوساط الناشطة في مختلف أنحاء العالم. يحاول الطلاب والطالبات في لبنان إعادة إنتاج تجارب الماضي الناجحة، وتحديداً الإضرابات والاحتجاجات التي طالبت بتعليم عام ميسور التكلفة. في الوقت الذي يجدون أنفسهم/نّ قلقين/ات بشأن مستقبلهم/نّ في ظل الاقتصاد الحالي إذا لم يؤد نشاطهم/نّ إلى تغيير سريع وجذري. غالباً ما يتم احتواء وتغييب السياسي في هذا العمل، وهو ما ناقشناه لسنوات من دون جدوى كجزء من مشاركتنا في مجموعات الطلاب والشباب والدوائر النسوية. اليوم، يتم تصنيف النسوية على أنها «عصرية» أو سائدة في أحسن الأحوال أو كـ«كليشيه» في أسوئها. أثناء كتابتي لهذا المقال، انتابني شعور عارم بأن كل شيء قد قيل سابقاً، وأن قصتي لا تختلف بشيء عن قصص النساء والطالبات الأخريات. عندما يتم اختطاف جهودنا ولغتنا والاستيلاء عليها، فإننا ننحني على نحو يذكرنا بشعور كل عامل وعاملة عندما يوعَدون بتحسينات في ظروف عملهم. مع القوة والضغط الذي يمارس علينا، كثيراً ما تحثّنا المونولوجات الداخلية على أن نكون راضين/ات، وألّا نعرّض أنفسنا للخطر بسبب التحدّث أو التعبير عن اعتراضنا. فيما يلي، أبحث في القواسم المشتركة بين النضالات التي أجد نفسي جزءاً منها كامرأة ونسوية وخريجة جديدة. أحلل كيف شكلت هذه التجارب المتنوعة فهمي للسياسة، والذي أشاركه مع أخريات يجدن أنفسهن مثلي بين تقاطعات حركات الطلاب والنساء. لهذا الغرض، أركّز على تبيان كيف تشكِل هذه الموقعيّات بدورها مطالب النساء المنخرطات في السياسات المعارضة في ظل البنية الاقتصادية اللبنانية. تشهد البلاد حالياً العديد من التغيرات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. في مطلع العام الحالي، اندلعت الاحتجاجات بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية مع ارتفاع أسعار المنتجات، وخصوصاً البنزين، وبعدما أصبح من الصعب جداً على الناس تحمّل تكاليف التعليم الخاص. في الآونة الأخيرة، اتجهت الاحتجاجات ضد تدابير التقشف التي أعلنتها الحكومة والتي ألمحت إلى نوايا بفرض تخفيضات في أجور موظفي القطاع العام وفي تمويل الجامعة العامة الوحيدة، وهي الجامعة اللبنانية. تم تنظيم هذه الاحتجاجات، التي شارك فيها العديد وتمت تغطيها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي، و/أو الدعوة إليها، في الغالب، من قبل ما يسمّى بـ«المعارضة»، والتي تضم عدداً من المنظمات غير الحكومية والحركات المدنية. ومع ذلك، فقد أعربت بعض الجماعات الأخرى عن شكوكها في المظاهرات العامة لأسباب سياسية وتنظيمية مختلفة. من هذ المنطلق، أركّز على الطريقة التي يعتاش فيها النظام الحالي ومعارضته عبر احتواء قضايانا ونضالاتنا المختلفة، وإعادة صبغها في محاولة لجذب ما يفترضون أنهن شابات متحرّرات وغير طائفيات. أناقش كيف يتم إسكات النساء والطالبات غير الراضيات وحرمانهن من الموارد اللازمة للتنظيم السياسي، ولماذا نجد أنفسنا دائماً معزولات بسبب جهود تهدف إلى محو سخطنا. أخيراً، أقارن الدولة بالمعارضة المزعومة، وأناقش كيف تشترك الاثنتان في أوجه تشابه أكثر منها من الاختلافات.

أنجل بوليغان ــ المكسيك


1 - كنساء في الوضع الأبوي الراهن

كيف يتم استخدام تاريخ قضيتنا ضدنا؟
في المجموعات الشبابية القليلة التي كنت جزءاً منها والاجتماعات التي حضرتُها في السنوات الثلاث الماضية، غالباً ما كان يتم رفض مشاركة النساء في المجموعات السياسية على أنها عمل غير مرئي: لقد وصفنا نظراءنا الرجال بأننا مثاليات وغير واقعيات بما يكفي، وبأننا نفتقر إلى فهم سليم للواقع ومتطلباته. عندما نشعر بالغضب، يخبروننا بأن علينا أن نتخلّى عن خطابنا «العدواني» وأن نكون ممتنّات لأن وضعنا أفضل من النساء اللواتي أتين من قبلنا واللواتي كافحن وعانينَ حتى نحصل، نحن النساء في هذا العصر وهذا الوقت، على فرصة حضورنا على طاولة الاجتماع. بمعنى آخر، يتم استخدام تاريخ قضيتنا ضدنا، ويتم تصوير وجودنا في الاجتماع على أنه امتياز في حد ذاته.
تخبرنا «النصيحة» المستعلية، ولكن صديقة المظهر، أن نترك هويتنا كنساء خارج قاعة الاجتماع. علاوة على ذلك، عند حدوث تحرّش جنسي، يُطلب منا أن نترك محننا وراءنا، لصالح الجاني الذكر، خصوصاً عندما يكون لديه مواقف اقتصادية جيدة وموقع مضمون داخل التنظيم. تجد المجموعة أنه لا غنى عنه وترفض التخلي عنه بسبب «حادثة مرة واحدة»: «ما من أحد مثالي، والآن ليس الوقت المناسب لفضح التحرشات؛ نحن مشغولون بالتخطيط لثورة»، وهي ذريعة نسمعها في كثير من الأحيان. في المقابل، عندما يتعلق الأمر بمطالب نسوية، فإنها تُقابل بسخرية واضحة وبنزع صفة السياسي عنها، حيث يتم تحويلها إلى صراعات فردية لا تستحق الاهتمام الفوري. مخاوفنا «ليست ذات أولوية في الوقت الحالي»، و«الآن ليس وقتاً جيداً للتعبير عن استيائنا». والنتيجة هي أننا نغادر وهم يبقون. لذلك، تبدأ مساحات المقاومة لدينا بالتقلص، وقد ينتهي بنا المطاف في حلقة مفرغة من الجهود للبحث عن مساحات آمنة جديدة والانخراط في مجموعات جديدة. أحد الانتقادات التي غالباً ما أصادفها في «النكات» على وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضاً في بعض النقاشات حول النسوية في بيروت: تقفز النسويات بشكل مستمر بين الأماكن المختلفة؛ إنهن غير موثوقات. ولكن، لماذا يتم رفض هذا الفعل الصغير من المقاومة لصالح التغاضي عن تهميشنا الذي نواجهه والتحرش الذي نخشاه؟
إن إسكات مطالبنا واحتواء قضيتنا منهجيان إلى الحد الذي يجعلنا نتساءل عمّا إذا كنا مضطهدات حقاً في هذا السياق. لا يقتصر الأمر على إلحاق الضرر بجهودنا التنظيمية، بل يطال أيضاً منظومة اعتقاداتنا. ينتهي الأمر بتركنا مساحات التنظيم والموارد لأولئك الذين كانوا يمتلكونها أصلاً، مع عدم وجود آليات للمساءلة تحقق لنا العدالة. كما أكدت هبة عباني (2012) من خلال تفكيرها في اليسار والنساء في لبنان، لا توجد مطالب ثورية أو صراعات مؤقتة أكثر أهمية من غيرها.

2 - كطالبات في نظام تعليمي ربحي وسوق عمل رأسمالي

ما هي المسارات البديلة في ظل النموذج الاقتصادي؟
هندست السياسات النيوليبرالية الاقتصاد اللبناني ما بعد الحرب الأهلية. أدت هذه السياسات إلى هيمنة فعلية للقطاع غير الربحي بسبب التركيز المكثف على التنمية الاقتصادية لخدمة طبقة اجتماعية معينة. أصبح التعليم اليوم في الجامعات والمدارس الخاصة مكلفاً للغاية، ولا دور للطلاب، إلا ربما القليل، في التأثير في ما يدرسون. بدورها، تلعب هذه المؤسسات دوراً مهماً في تعزيز المُثل النيوليبرالية. في فصل دراسي عن الاضطرابات النفسية، على سبيل المثال، تعلّمنا أن أهم أعراض الإضطراب النفسي هو غياب الإنتاجية وفك الارتباط أو العزلة عن العمل والدراسة. تعلمنا أيضاً أن هناك علاجات لإعادة دمج غير المنتجات في المجتمع. كيف يمكن لأحد إيجاد معنى لحياته إذا لم يسهم في الاقتصاد الحالي؟
وبالمثل، تستثمر الجامعات الخاصة في الوقت الحاضر الكثير من وقتها ومواردها في تعزيز «ريادة الأعمال الاجتماعية» كحل للمشاكل الاجتماعية. إنهم يقومون بتدريب طلابهم على أن يكونوا مواطنين فاعلين و«عملاء للتغيير». يعزز هذا النمط ثقافة الفردية والرضى عن الذات: يمكن للمرء أن يستثمر في «إمكاناته» من خلال تأسيس شركة ناشئة لإخبار العالم بأنه مهتم بالمشاكل الاجتماعية وللتوصل إلى طرق «مبتكرة» لحلها. تولّد استراتيجيات التسويق الموجهة نحو الربح، والمتمظهرة كجهود إبداعية، أرباحاً من خلال نموذج عمل معين، مهملة بذلك الجذور السياسية للمشاكل التي تدّعي حلها.
ينتهي الأمر بتركنا مساحات التنظيم والموارد لأولئك الذين كانوا يمتلكونها أصلاً

لنأخذ على سبيل المثال الشركات الناشئة المتعددة التي تروج لها الجامعات، والتي تشارك في سباقات الأفكار التجديدية والقرصنة: هم يدّعون أنهم يعالجون بطالة الشباب، لكنهم لا يتطرقون مطلقاً إلى التوزيع غير العادل للموارد والثروة أو الطبيعة الزبائنية للاقتصاد. كانت الحركات الطلابية والشبابية في الماضي مختلفة تماماً: في الخمسينيات، طالب طلاب الجامعات الخاصة بتعليم عام ذي جودة وبأسعار معقولة. اليوم، يتم استبدال نشاط الطلاب بـ«ريادة الأعمال الاجتماعية». عندما نحاول التنظيم، نواجه ترتيباً خاطئاً للمطالب مدّعياً الواقعية من أجل التركيز فقط على القضايا التي تؤثر بشكل مباشر على الشباب والطلاب، مثل الرسوم الدراسية وسوق العمل وما إلى ذلك، ويُطلب منا إسقاط المطالب السياسية لأن آخرين قبلنا قد حاولوا وفشلوا. حتى إن بعض مجموعات الطلاب والشباب يرفضون تعريف أنفسهم بأنهم مسيّسون بأي شكل من الأشكال، ويصرّون على لعب دور نقابي بحت. وهذا ما يؤدي إلى تهميش المطالب البالغة الأهمية المتعلقة بحقوق المرأة والأقليات الجنسية، وحرية النشاط السياسي والتعبير، وحتى دور الاقتصاد في نضالات الطلاب اليومية مثل الرسوم الدراسية وفرص العمل، والقروض والديون.
إن العمل في المؤسسات الإنسانية أو المؤسسات غير الهادفة للربح يصبح من بين الخيارات القليلة للغاية التي لدينا بعد التخرج بشهادات في العلوم الاجتماعية والإنسانية. ولكن ما هي المسارات الوظيفية والأكاديمية البديلة التي تبقى لنا في ظل هذا النموذج الاقتصادي؟ نتعلم ونعتقد أن من الميؤوس منه تماماً - وغير الواقعي - تحقيق أي تغيير من خلال مؤسسات الدولة بشكل مطلق. وبالتالي لدينا عدد قليل جداً من المساحات المخصصة لـ«فئتنا العمرية» وقيمنا السياسية. انتقادي هذا لا يعتبرُنا منافقين للعمل ضد سياستنا، كما أنه لا يشير إلى المنظمات غير الحكومية وحدها. وإنما، يتعلق الأمر بالقيود المنهجية الشاملة التي تجبرنا على الدخول في هذه الحقول والالتزام ببعض الإرشادات التي، في أكثر الأحيان، تكون عكس تطلعاتنا.

3 - كناشطات ضد تعميم القضايا

ماذا بقي من خطابنا لمشاركته مع الجمهور؟
إن ربط المطالب الاقتصادية بالمحن الاجتماعية يكشف الطبيعة المنهجية للمشاكل التي نواجهها ومصادرها البنيوية. ومع ذلك، فإن الموجة الجديدة من المشاركة السياسية والنشاطية تنبع من المنظمات غير الحكومية، ما يقدّم أفراد هذا القطاع على أنهم رائدون في طليعة «المعارضة» في المعارك السياسية. تتناقض هذه الصورة المنتجة ذاتياً مع الدور التأييدي الفعلي الذي تلعبه عادة المنظمات غير الحكومية. علاوة على ذلك، تفشل هذه المنظمات في معالجة النظام أو حتى وصفه كما هو، بدلاً من ذلك تختار التركيز على حملات التمكين غير المجدية التي لا يمكن استبانة جمهورها المستهدف. ينحرف نمط العمل للمنظمات غير الحكومية عن المشكلات البنيوية التي نواجهها وتدعو إلى الإصلاحات، فيما تهمل بالكامل المصادر البنيوية التي تكمن وراء جميع المشاكل.
بناءً على مشاركتي القصيرة مع «مستعدين»، وهي مجموعة برزت خلال فترة الانتخابات لمقابلة جميع المرشحين المستقلين وتقييمهم بناءً على مجموعة من القيم والمبادئ السياسية، فإن مشاركة المجتمع المدني في الانتخابات البرلمانية قبل عام تمثل مثل هكذا اتجاهات. افتقر المجتمع المدني إلى خطاب ومطالب متماسكة وتقدمية، حيث إن لأعضاء هذه المجموعات قيماً وأهدافاً متناقضة. كما هيمن على هذه المشاركة خطاب «وطني» يتبنى عملياً الإقصاء للسكان غير اللبنانيين الذين يعانون من النظام نفسه. ولعل الأهم من ذلك أنه تم تشجيع مشاركة قادة المنظمات غير الحكومية «كوجوه» معترف بها في حملة «المعارضة»، بدلاً من وعلى حساب المرشحين المسيسين الذين لديهم برامج انتخابية واضحة.

يمكن للمرء أن يستثمر في «إمكاناته» من خلال تأسيس شركة ناشئة لإخبار العالم بأنه مهتم بالمشاكل الاجتماعية


يمكننا القول إن هذا شكلٌ من أشكال احتواء النضالات السياسية والجهود والتنظيم، بمعنى أن نظامنا الاقتصادي يجعل قضايانا «قابلة للتسويق» و«قابلة للمشاركة» من خلال حملات التواصل الاجتماعي المحبوبة والشعارات والخطابات المبسّطة. يتم إخراج الجوهر السياسي من القضية السياسية من قبل المنظومة الحاكمة، والمنظمات غير الحكومية، وحتى المجموعات التي تدفع من أجل المشاركة السياسية والمدنية. على سبيل المثال، تضمّنت الجهود التي بُذلت مؤخراً لتعميم المنظور الجندري بشأن العنف المرتبط بالجندر تعريفاً مختصراً جداً لمفهوم الجندر ، وتجاهلت بالمطلق ديناميكيات القوة والسياسة الجنسية الكامنة وراء الصراع. بدلاً من ذلك، تركّز هذه الحملات والجهود التي تبذلها المنظمات غير الحكومية، والتي تعلن نفسها كمنظمات نسوية، فقط على المؤسسات المعترف بها مثل أفراد الأسرة، والعنف بين الشركاء، وما إلى ذلك، مما يميّع السياق الأوسع. لقد عالجوا العنف الجندري فقط من منطلق المساعدة الإنسانية. ولعل الإخفاقات في معالجة مثل هذه القضايا بشكل نقدي مرتبط بالاعتماد المالي للمنظمات على المانحين، وبالتالي الالتزام بجداول أعمالهم. يكتسب هذا النوع من الدعوة والنشاط مزيداً من البروز والاعتراف في المجال العام أكثر من جهود الجماعات السياسية التي تحاول التنظيم. لا تتم معالجة القضايا الاجتماعية بشكل منهجي بسبب الدور الإداري البسيط للدولة، مما يترك تقديم الخدمات للقطاعين الخاص وغير الربحي. تدفع هذه الحملات القصيرة الأجل فواتيرنا في نهاية الشهر، ولكنها لا تشكل تغييراً بنيوياً. وبالتالي فنحن مجدداً مغتربات، ونشكك في سياستنا وطرق تنظيمنا، ونلجأ أحياناً إلى البراغماتية البحتة المتمثلة في اختيار «أهون الشرّين» والطريق الأسرع.
المنظومة الحاكمة، الرأسمالية والأبوية، تستولي على خطابنا وتميّعه. على مرّ السنين، نسينا عدد المرات التي سمعنا فيها أعمدة النظام الطائفي وهي تروّج لـ«الدولة المدنية» كحل لفشل البلاد. والأمر الأكثر إثارة للسخرية هو أننا سمعنا مؤخراً أعمدة النموذج الاقتصادي الفاشل تدعو إلى العدالة الاجتماعية. إذن، ما الذي بقي من خطابنا لمشاركته مع الجمهور؟

4 - ملاحظات ختامية

كيف نمضي قدماً من هنا؟
في كل مرة نعبّر فيها عن هذا النقد، تفشل جماعات المعارضة في معالجته. إنهم يعززون ويعيدون إنتاج خطاب طبقي يصف الناس بأنهم «خرفان» طائفيون ومغسولو الدماغ ويحملونهم المسؤولية عن الوضع الراهن. يطالبون بمعالجات طفيفة مثل الانتخابات. ومع ذلك، فهؤلاء هم بطبيعتهم طبقيون وساذجون، لأنهم يفترضون خطأً أن السياسة في لبنان تحدث على المستوى المؤسّسي. إنهم ينظرون إلى إخفاقات الأشخاص الذين يتخذون نفس الخيارات مراراً وتكراراً فشلاً فردياً، ويفشلون بالتالي في تبيان الظروف الاجتماعية والاقتصادية والباطن الطبقي لمثل هذا اللوم. هذا الفهم التبسيطي يسلب الناس من وكالتهم واستقلالهم، مما يزيد من تفاقم تدابير التقشف التي تتخذها الحكومة. من شأن هذه التدابير أن تغذي الفجوة بين عمال القطاع الخاص والعاملين في القطاع العام، الذين يُنظر إليهم على أنهم منافسون. إنه يعزلنا مرة أخرى عن أملنا في توحيد «العمال ضد المنظومة الحاكمة».

تدفع هذه الحملات القصيرة الأجل فواتيرنا في نهاية الشهر ولكنها لا تشكل تغييراً بنيوياً


كيف نمضي قدماً من هنا؟ كيف نقاوم هذا الاحتواء ونواصل القتال من أجل قضايانا باستخدام الموارد التي لدينا دون قلقنا من أن نوصف بالعدوانية؟ أعتقد أنه من خلال مطالبتنا باستمرار بالهدوء وتهدئة غضبنا، تحاول شرائح من المعارضة تلميع الواقع وإزالة الشرعية عن عملنا على أساس أن الغضب هو عاطفة - والعواطف «ليس لها مكان في سياسات الاعتراض الناجحة». لا نكون «جذريين جداً» أو إقصائيين عندما نرفض تسويق قضايانا وتجميلها للمنظور العام. تُعد الاختلافات الأيديولوجية بمثابة نقطة فاصلة، ويتم تحقيق التغيير فقط عندما نوجّه هذا النقد داخلياً وخارجياً ضد المنظومة الحاكمة وداخل تنظيماتنا.

* (يُنشر بالتعاون مع «كُحل»: مجلّة لأبحاث الجسد والجندر)