لعلّ من «فوائدِ» ما يجري في الآونةِ الأخيرة في بلدنا وفي منطقتنا، أنّه يساعدنا في إعادةِ تحديدِ الحركةِ التاريخيةِ لصراعاتِنا المستمرِّةِ منذ ما يقربُ المئة عام، بل والتأكيد على مفاصلها الأساسية الفعلية. فالمواجهة في منطقتنا، ومنذ التقسيم الإستعماريّ بُعيد الحرب العالمية الأولى، كانت ولا تزال تقوم ديناميكياً بين مشروعين: مشروع عربيّ إسلاميّ مشرقيّ تحرّري، أخذَ في القرن المنصرم أشكالاً مختلفةً وتجلياتٍ متنوّعة، ومشروع إستعماريّ ذو أوجه ومفاعيل عديدة، أهمّها مفصل (articulation) الهيمنة على موارد النفط واستعمارها، والهيمنة على فلسطين واستعمارها.
وهو مفصلٌ يبدو ثنائيّاً لكنّه يشكّل فعلياً وحدةً لا تتجزأ في الرؤية الاستعمارية الحديثة لمنطقتنا. فمن خلال مفصل المصالح الاستعمارية هذا، يتمّ رسم السياسات والمخططات للمنطقة بأكملها، وتتمّ مواجهة ومحاولة تصفية أيّ اعتراض أو أيّ مقاومة قد تضرّ بهذه الإستراتيجية الإستعمارية التاريخية (1).
وبهذا المعنى، فإنّ الصراعَ التاريخيَّ جرى ويجري خارجَ البعدِ الدينيّ أو الطائفيّ أو المذهبيّ أو العرقيّ، وهو البعد الذي يصرّ الخطاب السائد عالمياً على اعتباره سبباً للصراع. وما هذا البعد، بما هو واقعٌ أو معطى تاريخيّ إجتماعيّ، إلا عاملاً من العوامل المستخدَمة في المواجهة. وكما جُيّشَ الخطابُ الطائفيّ الإسلاميّ-المسيحيّ قبلَ وخلالَ الحرب الأهلية اللبنانية، من أجل تحريض الطرفين على المواجهة تحت شعارٍ دينيّ، يُجيّشُ الآن أو منذ بضع سنوات خطابٌ مذهبيّ سنيّ-شيعيّ من أجل تحريض الطرفين على المواجهة تحت شعار دينيّ. ويُنبَش من أجل ذلك كلّ تاريخ المسلمين، كما نُبش في حينها كلّ تاريخ العرب وفينيقيا.
ولا بدّ لنا أن نلاحظَ في هذه النقطة بالذات، أنّ الإعلامَ الغربيّ «الرسميّ» كان منذ البداية وحتّى اليوم، يصرُّ على توصيف صراعاتنا وتسميتها بعبارات طائفية ومذهبية وعرقية. وليست هذه التوصيفات أو التسميات بالإعتباطية أبداً، إنما هي تندرجُ في مشروعٍ فكريٍّ سياسيّ تاريخيّ، يستهدفُ دوماً تحديدَنا لا بل وحصرَنا في هوياتنا الإثنية الضيّقة، لا في مشاريعنا ونضالاتنا السياسية التحررية (2).
لكن، إذا اعتبرنا، كما يريد لنا هذا الفكر الإستعماريّ، أنّ الدينَ أو المذهبَ أو العرقَ هو «جوهرٌ» تتحدّدُ به هوية الإنسان أو الجماعة، كما وانتماءاتهما وأفكارهما وثقافتهما، وكذا نزاعاتهما مع «الآخر»، وأنّ هذا الجوهر هو سببُ وعنوانُ الصراع، فكيف نفسّر مثلاً أن يتحوّلَ «الجوهر» المارونيّ اللبنانيّ المزعوم، في فئة أساسية منه، من موقع التحالف ضد الفلسطينيين وحلفائهم، إلى موقع التحالف مع أعداء إسرائيل؟ فهل تخلّى هؤلاء عن «هويّتهم» الدينية المسيحية، والمذهبية المارونية؟ إذن ما علاقة دينهم أو مذهبهم بمواقفهم السياسية وتحالفاتهم التاريخية؟ وكيف نفسّر أنّ بعض المغالين في تبنّي «الهوية» المارونية اللبنانية المزعومة والدفاع عنها، ما زالوا اليوم في الموقع نفسه الذي كانوا فيه حينها؟ وكيف نفسّر أنّ بعض المغالين في تبنّي «الهوية» السنيّة المزعومة والدفاع عنها، هم في موقع هؤلاء نفسه؟ وكيف نفسّر أنّ بعض المغالين، ومن كلّ الطوائف والمذاهب، هم في الموقع نفسه؟ إذن ما علاقة «الجوهر» الديني أو المذهبي أو العرقي، أي هذه الهوية وهذا الإنتماء، بالتموقع السياسيّ من الصراعات التاريخية؟
إنّ الإصرار على الخطاب الفكريّ الجوهريِّ المنطق (essentialiste)، الذي يحيل كلَّ مجموعة أو فئة على هوياتها الدينية أو العرقية، هو محاولةٌ مستمرّة من قبل المشروع الإستعماري بأوجهه المتعدِّدة، لإخراج الصراع من ديناميكيته التاريخية، وإدخاله ومن ثمّ حصره في نزاعات ذات طابع إثنيّ، تهدف إلى تصديع جبهات المقاومة والتحرّر، وبالتالي شرذمتها وإضعافها (3).

يصرُّ الإعلام الغربيّ «الرسميّ» منذ البداية
على توصيف
صراعاتنا بعبارات
طائفية وعرقية


بل أكثر من ذلك: إنّ اعتماد الفكر الجوهريّ من قبل المشروع الغربيّ الاستعماريّ وحلفائه، في مقاربته للصراع التاريخيّ في منطقتنا، أي اعتماد الفكر الذي يحدّد أطراف الصراع بهوياتها الدينية والعرقية، ليس فقط أهمّ سلاح في تقويض مشروعنا التحرّري، إنّما هو في العمق اعتمادُ فكرٍ منسجمٍ مع التاريخ الغربي وفكر هذا التاريخ، ولكنه غير منسجم مع تاريخنا ومع فكر هذا التاريخ. ذلك أنّ هذا الغرب لم ولن يقبل تنوّع مجتمعاتنا الديناميكي الثريّ، وهو الذي خاض حروباً شرسة على مدى تاريخه من أجل إلغاء التنوّع وفرض نوع من الأحادية الدينية أو المذهبية أو العرقية في مجتمعاته. فيما تزامن هذا الإلغاء مع تفعيل نظام ديموقراطي قائم في الحقيقة على عنصرين: رفاهية إقتصادية انبنت على حركة إستعمارية إمبريالية نهلتْ بوحشيةٍ من موارد العالم المستعمَر، وسيطرة (hégémonie) رأسمالية قمعتْ كل التنوّعات الدينية والمذهبية والعرقية في المجتمع الأوروبي، من أجل تحويل الفرد المواطن إلى منتج-مستهلك في الإقتصاد الرأسمالي (4).
إذن، هل المشكلة هي حقاً في كون «هوية» من يواجه اليوم المشروعَ الإستعماريّ هي، كما يراها البعض، هوية مذهبية أو عرقية معيّنة؟ ألا يتمّ استخدامُ الهوية المذهبية والعرقية من أجل تقويض الفعل بحجة «من» يقوم بالفعل، أي بحجّة الهوية العرقية والمذهبية لمن يقاوم؟ وهل تنتفي أهمية الفعل المقاوم إذا كان من يقوم به من تلك الطائفة أو من ذاك المذهب أو العرق، حتّى لو كان متشدداً في انتمائه لهذا المذهب؟ وألم يُحارَب نفس المشروع المقاوم حين كانت تتصدّره مثلاً تيارات ناصرية عربية؟ وبالتالي ما علاقة الإنتماءات الدينية أو العرقية بالمشروع التاريخي المقاوم؟ ومِنْ مصلحة مَن تصنيف المشروع المقاوم والفعل المقاوم في خانة الهويات العرقية والطائفية والمذهبية؟
هل هذا من مصلحة شعوبنا التوّاقة إلى التحرّر والتقدّم والتكافل والتكامل في الدفاع عن قضاياها، مستفيدةً من غنى تنوّعها الإجتماعيّ الدينيّ والعرقيّ، التاريخيّ الحضاريّ؟ نعم، إنّ هذا التنوّع الفريد بقِدَمه وبمساهماته الحضارية، يقدَّم لنا على أنّه سبب ويلاتنا وتخلّفنا وحروبنا وتشرذم مجتمعاتنا. لماذا؟ أليس لأنّه نقطة قوّتنا إن نحن إتّحدنا؟ أليس لأنّه يمنع مجتمعاتنا من أن تتحوّل، كما المجتمعات الغربية، نحو تجانس (homogénéité) يكرّسُ منطقَ الرأسمال والإستهلاك ويسهّل اجتياح الأسواق؟ أليس لأنّ في تجانسنا المرجوّ من قبل أعدائنا، والذي تُخاض من أجله حروب مدمّرة، خاصة في بلاد شكّلت تاريخياً منبع كلّ حضاراتنا الغنيّة ومركزها النيّر، أليس لأنّ في التشابه أو الأحادية المرجوَّيْن تبريرٌ لأحادية المجتمع الدينيّ لعدوّنا، أي «إسرائيل الدولة اليهودية»؟
لكنّ مجتمعاتنا، ووفق المنطق التاريخي الذي حكمَ كلّ الفترات منذ معاهدة «سايكس بيكو»، لا زالت تواجه هذا المشروع. فمنطق التاريخ كان وسيظلّ منطق الشعوب التي لا ترضخ للهيمنة، ومنطق المقاومة والعزّة، ومنطق التوق إلى التحرّر.
أمّا الخطاب العنصريّ الذي يستعمله البعض ذريعةً للنيل من المشروع المقاوم للمشروع الإستعماري، فإننا نعرف جيداً نحن اللبنانيون، نحن الناس، إلى أين أدّى بنا : أدّى بنا إلى مجازرَ قمنا فيها نحن بقطعِ الأصابعِ والآذانِ والأعضاء، وقمنا فيها نحن ببَقْرِ بطونِ الحواملِ وبجزِّ أثداءِ النساء، وقمنا فيها نحن بحرقِ الكنائسِ بمن فيها وبتدميرِ المآذنِ على من فيها، واستبحنا فيها نحن كلَّ حرمات اللبنانيّ الآخر، وقتلَنا فيها نحن اللبنانيَّ الآخر «على الهوية». نعم، على «الهوية»: تلك التي يُراد لنا الآن أن نعودَ ونرفَعها سكيناً على عنقِ من هو من «الهوية» الأخرى. نعم، يريد لنا البعض، نحن الناس، أن نرفعَ هويّاتنا الحاقدة وأن نعوَد لنذبحَ بعضنا، ونحرقَ وندمّرَ بلدنا. وقبل أن نذبح ونقتل وندمّر، علينا أن نتأكّدَ من أنّه يوجد، «على الهوية»، لا أسماءَ مسيحية ومسلمة، بل أسماء سنية وشيعية. لكننا نحن الناس، لكننا نحن كلّنا، لا نريدُ سوى أن نتكاتفَ ونتعاضدَ ونتّفقَ ونتكاملَ، لنزرعَ ولو بذرةَ سيادةٍ اقتصادية وسياسية، ولنبنيَ ولو نواة دولةِ مؤسسات نريدها جميعاً لنا ولأولادنا.

ما علاقة الانتماءات
الدينية أو العرقية بالمشروع التاريخي المقاوم؟

إنّ المشروع الذي يطلّ علينا هذه السنوات هو المشروع بأوجه وأدوات جديدة-قديمة. فالمشروعان المتصارعان لا زالا في نزاع وحروب منذ مئة عام. ولم «تنهزم» جهةٌ مقاومة أو تخبتْ إلا لتقوم مكانها جهة أخرى تكمل الطريق. والمشروع الإستعماريّ الذي رعته وحمته بريطانيا صارت ترعاه وتحميه أميركا، وهو ليس فقط المشروع الصهيونيّ، بل هو مشروع الهيمنة والتحكّم بموارد النفط، المرتبط به في العمق. فالمنطق الذي ساعد وحمى الكيان الصهيوني هو نفسه الذي حمى منابع النفط، وفي التوقيت التاريخي نفسه. وها هو هذا المنطق يظهر اليوم بوجهه الحقيقيّ، أي وجه المشروع المتحالف تاريخياً ضد مشروع تحرير الأرض وتحرير العقل.
نعم، لعلّه من «المفيد» أن يظهرَ أخيراً العدوُّ بوجهه الحقيقيّ المتعدِّد الرؤوس، وأن يكونَ في مثل هذه الحالة من الغضب.
ففي أسطورة «رمايانا» (Ramayana) الهندية، ثمّة مخلوقٌ يجسِّد القهرَ والقمعَ والجبروت، واسمه «رافانا». ورافانا هذا يهابُه الكلُّ، وهو لا ينفكُّ يعيثُ خراباً وغطرسةً في كلّ البلاد وعلى كلّ العباد، فيسبي ويقتل ويملي مشيئته. وحين يغضبُ رافانا، يتحوّلُ من شدّةِ الغضبِ إلى وحشٍ مخيفٍ من عدّة رؤوس، ويكبرُ ويكبرُ حتّى يصير عملاقاً رهيباً. لكن. لا يتمكّنُ الأميرُ راما، بطلُ الأسطورة، من هزيمة رافانا إلا في تلك اللحظة : أي حين يُعمي الغضبُ بصيرةَ الوحش الذي تلقّى عدة ضربات موجعة من سهام الأمير الشاب. يكبر رافانا إذن، ويصيرُ يهوجُ ويموجُ ويضربُ خبطَ عشواء، قاتلاً مدمّراً كلَّ شيء...
راما يقف وحيداً في مرجٍ واسع، ينظرُ إلى رافانا وهو يتقدّمُ صوبه كجبلٍ من القوّة. يستلُّ راما سلاحَه، ويتمتمُ صلاة «المانترا» ويتوكّلُ على الألهة. ثمّ ينطلقُ راكضاً صاعقاً كالسهمِ الناريّ : قلبُه مستعدٌّ لكلِّ شيء، وروحُه مؤمنةٌ بمهمّته، ويدُه قابضةٌ على سلاحه الصغير. لكن، عندما ينطلقُ راما ببسالةِ المؤمنِ الشجاع، يصيرُ سلاحُهُ الصغير يكبر ويكبر ويكبر. وعندما يقفزُ راما قفزةَ السبعِ ليضربَ رافانا، يكونُ سلاحُه الصغير قد صارَ بحجمِ جسدِ الوحشِ العملاق، فيصيبه فاصلاً جسدَه عن رؤوسه المتعدّدة، ويهوي رافانا... وحالما يهوي، تنقشعُ الغيومُ السوداء، وتسطعُ شمسٌ نيّرةٌ. وفي مكانِ موتِ الوحش، تطلعُ شجرةٌ خضراءُ نضرة، وتنبتُ تحتها وحولها أصنافُ الزهورِ الملوّنة، ثمّ تكبرُ الشجرةُ وتكبر وتكبر، حتّى يحمي ظلُّها الوارفُ المنطقةَ كلَّها (5).
فهل نحن الآن، تاريخياً، في اللحظةِ التي يهجمُ فيها الوحشُ المتعدِّدُ الرؤوسِ... وقد أعماهُ الغضبُ؟
وهل سنستطيعُ كتابةَ أسطورتنا التاريخية بكلّ حكاياها، إذا لم نهزم المشروعَ الإستعماريّ الصهيونيّ بأوجهه العديدة، كما فعل راما مع الوحش؟

هوامش

(1) غير أنّنا بتنا نشهد منذ فترة تضعضعاً في هذه الجبهة الاستعمارية، وذلك لعدة أسباب، أهمّها بداية نهاية موارد النفط، وانشغال الغرب الإستعماري بأزماته الإقتصادية المتفاقمة، وتزايد قوة المشروع المقاوم.
(2) هكذا بلورَ الرأي العام الفرنسي مثلاً، وبتأثير مباشر من هذا الإعلام، رؤيةً محض دينية للحرب الأهلية اللبنانية. وكنا نُسأل دوماً، نحن اللبنانيون المقيمون حينها في فرنسا، عن هويتنا الدينية دون مواربة: هل أنت مسيحية أم مسلمة؟ وكان هذا السؤال يستفزّني أنا وغيري أشدّ استفزاز، فنجاوب بأننا لبنانيون. فنُسأل مجدداً: لكن ألا يقتتل المسيحيون مع المسلمين في لبنان؟ فأنتِ مع من؟ وفي استمرار للمنطق نفسه، تُبنى الآن رؤيةٌ إعلامية مذهبية عرقية لكلّ صراعات المنطقة. وصار السوريّ أو العراقيّ أو أي عربيّ يُسألُ: هل أنتَ شيعيّ أم سنيّ؟ هكذا يبني هذا الإعلام، القائم على فكر إستعماري «إثنيِّ» المنطق، رأياً عاماً يشوّه فيه الصراع التاريخي من أجل التحرّر.
(3) هكذا لا يبدو أنّ كلّ مصطلحات «حياد» لبنان و«تحييده» و«النأي بالنفس» تعني شيئاً غير التالي: عدم انخراط لبنان، لا من قريب ولا من بعيد، في أيّ من القضايا المحورية لمنطقة هو جزءٌ منها بالمنطقَيْن الجغرافيّ والتاريخي، أي السياسي - الإستراتيجي. ويبدو أنّ الهدف من خطاب الحياد والتحييد هو ليس منع لبنان من التحوّل إلى «ساحة للنزاعات الإقليمية»، وفق الأدبيات السياسية السائدة (والتي صرتُ أراها مهينةً لنا، وكأنّ لبنان «ملعبٌ» لا حارسَ له، يستطيع أيّ كان أن «يلعب» فيه ويسدّد أهدافاً في هذا المرمى أو ذاك!). بعبارة أخرى: ليس الهدف الأساسي «حماية لبنان»، بقدر ما هو منع لبنان من التحوّل إلى طرف فاعل في الصراع. ولبنان كان ولا يزال طرفاً فاعلاً في الصراع، على عكس ما تمّ ترسيخه في أذهاننا. وربما تكون كلّ الدعوات الغربية والداخلية، من حين إلى حين، لعدم «ضرب الإستقرار» في لبنان، ناجمةٌ ليس تماماً عن حرصٍ وحبٍّ لنا، بل عن تخوّفٍ منّا على مصالحها ومصالح حلفائها: ربما ليس المراد حماية لبنان بقدر ما هو حماية من قد يتضررون من ممارسة لبنان لدوره المحوريّ في الصراعات التاريخية.
(4) وما الإنشقاقات في الجسد الأوروبي التي بدأنا نشهدها إلا إرهاصات لإنشقاقات وانفصالات ربما تكبر أكثر. ذلك أن معادلة «ديموقراطية-رفاهية اقتصادية» بدأت تتصدّع مع دخول هذه المجتمعات في أزمات اقتصادية، عادت وأيقظت كلّ نزعات الإنتماءات المحلية أو المناطقية. وربما تكون تجربة كاتالونيا، وقبلها بريطانيا، هي بداية لمطالبة فئات أخرى كالباسك والكورسيكيين في فرنسا، والفلامان في بلجيكا، والاسكتلنديين، وسكان شمال إيطاليا وغيرهم بالإنفصال والإستقلال. أنظر، مثلاً، https://www.lesechos.fr/monde/europe/030665392732-ces-autres-mouvements-independantistes-qui-mettent-lue-a-lepreuve-2119859.php
(5) هذه المشهدية مأخوذة من فيلم «رامايانا» المبني على الأسطورة.
* كاتبة لبنانية