قد يبدو ضرورياً العودة مجدداً لتأكيد حقيقة أن القضية الفلسطينية ما زالت القضية الرئيس في المنطقة، برغم أنف محاولات منبطحي رام الله والأعراب التكفيريين تصفيتها لصالح سلطة قصبية مرتبطة بالعدو وأجهزته، ولصالح تحالف صهيوـ أعرابي معادٍ ليس فقط لإيران، الجار المسلم، وإنما أيضاً حتى لفكرة الاستقلال والتحرر.
لقد أثبتت هبّة شبان القدس وشبيبها، رجالاً ونساءً، دفاعاً عن الأقصى، أمور نود تأكيد أهمها. أولاً، هذه الهبّة شكلت آخر تجليات وحدة شعبنا الفلسطيني في كافة أراضي فلسطين (الانتداب البريطاني) وتمسكه بحقوقه، إلحاقاً للعملية البطولية التي نفذها أبطال من شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، برغم محاولات ميليشيات رام الله المستسلمة لشروط العدو وإملاءاته التفريق بينهما.
إن صمود أبناء القدس وبناتها، على مداخل الحرم القدسي، وإصرارهم على إجبار العدو على التراجع عن ترتيباته الأمنية التي حاول فرضها، ونجاحهم في ذلك، يثبت ثانياً إمكانية نجاح سياسة المواجهة التي كرسها أبطال حزب الله، ليس فقط في جنوبي لبنان، وفشل سياسات الخضوع والانحناء أمام العدو التي يتبعها محمود عباس وأجهزته الأمنية.
بل وجب الإضافة هنا القول لو أن المواجهة تمت في مناطق خاضعة لسيطرة الأخيرين لأخفقت... ألم يمنع رئيس بلدية رام الله ومليشياته أي تضامن لشعبنا في مناطق سيطرته مع المقدسيين!
يا للعار. شعبنا ينجح في نضاله لأنه يقوم بها تحت الاحتلال الصهيوني ولا يتمكن حتى من التعبير عن رأيه في مناطق يقال إنها خاضعة لسلطة وطنية... فأي وطنية هذه!
هبّة شباب القدس وشبيبها، رجالاً ونساءً، لم تفضح، للمرة الألف العاشرة، فقط عقم سياسة الانبطاح والاستسلام وإخفاقها، وأن طريق المواجهة، المدروس والمنظم، هو درب الخلاص، بل بينت أيضاً، ثالثاً، معدن الزعامات الأعرابية والإسلامية التي اصطفت خانعة ذليلة، وراء دونالد ترامب ليؤم فيهم الصلاة على سنة النفط المقدسة ومحاربة إيران المسلمة!
ذلك الاستسلام المهين صعب حتى على أتباع فريق الاستسلام الأعرابي ـ الصهيو ـ أميركي تقبله، فشعروا بالخجل وحتى بالإحباط من اصطفاف زعاماتهم في ذلك المؤتمر التآمري وراء واشنطن الصهيونية، وما عادوا يرغبون بالدفاع عنهم حتى في مجالسهم المغلقة فصاروا يتهمونهم، سراً وعلانية، بالجبن والخيانة.
رابعاً، القضية الفلسطينية لا تزال تشكل ضمير الأمة ووجدانها. وخامساً تؤكد أن مواجهة العدو، سواء على أبواب الأقصى أو في داخله أو في أي بقعة من الوطن الفلسطيني هي التي توحد أبناء الأمة بكافة قطاعاتها ومكوناتها المجتمعية والدينية والمذهبية والطبقية، وليس سياسات الأعراب التكفيريين الساعية إلى تقسيم أمتنا وشعوبنا وتحريض بعضهم على بعض.
كما أكدت مواجهات الأقصى وتوحد كافة أبناء شعبنا فيها، جوهر قضية القدس، وأن المسألة ليست بدينية بل وطنية قومية في المقام الأول.
أما مسارعة بعض الزعامات المهزومة المستسلمة من أنظمة سايكس ـ بيكو المستعمرة، التي لم تكنّ يوماً أي حب لفلسطين أو حتى اهتمام بها، وفي مقدمتهم عيال إيفانكا ترامب الخليجيون، إلى الادعاء بأن تدخلهم هو من أرغم العدو على التراجع فكذب كشفه المقدسيون الذين كانوا يهتفون بسقوط ابن سعود وابن حسين؛ وصور ذلك متوافرة في مواقع على شبكة الإنترنت، التي تكذب من يكذِّب هذه الحقيقة وغيرها.
وللتذكير، ثمة حقيقة هي أن الفكر الوهابي التكفيري الإلغائي ورعاته من أحفاد مسيلمة الكذاب لا يعترفون بأي قدسية للمسجد الأقصى أو لقبة الصخرة، بل ويكفِّرون من يقول ذلك، ويمكن لمن يشك في ذلك الاطلاع على فتاويهم المريضة تلك في مواقعهم على الإنترنت.
وللعلم، فإن إيران أحبطت محاولات أي تفريط بفلسطين ومحاولات شرعنة اغتصابها بإعلانها أرضاً مقدسة بما يعني لا شرعية للاعتراف بالعدو الصهيوني.
بل من الصحيح القول إن تقارب تكفيريي الرياض مع العدو وعيال إيفانكا ترامب، سراً وعلناً، منذ نشوئه على أنقاض فلسطين، هو من شجعه على محاولة مصادرة الحرم القدسي.
أما أن جلالة مليك البلاد المعظم الهاشمي [كذا!] توعد نتنياهو وحذره من عواقب الأمور إن لم يتراجع عن إجراءات محاصرة الأقصى ببوابات كاشفات المعادن، فنكتة مملة فعلاً... للعلم جلالة مليك البلاد، عبد الله بن الحسين بن زين، سليل الخيانة كما وصفه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان مقيماً في لوس أنجلس، بالقرب من عاصمة القمار، على ما تناقلته وكالات الأنباء، ويبدو أنه كان ملهياً بممارسته هوايته المفضلة التي أثارها معه الصحفي الأميركي قبل فترة.
ونحن، جميعاً، نعلم أن إمارة شرق الأردن أقامها الاستعمار البريطاني ونصب عليها عملاءه من الحسين بن علي وأعوانه، لحماية العدو، ولأن نظام عمان المتصهين يقيم علاقات حميمية وأخوية مع العدو الصهيوني، منذ تأسيسه في أعقاب الحرب العالمية الأولى في القرن الماضي.
هتافات أبناء القدس ضد ابن حسين تكذِّب كل المضللين ووسائل تضليلهم وكذبهم المفضوح، وليس ثمة أبلغ من ذلك.
أخيراً نقول، العدو ركب أجهزة كشف المعادن عند مداخل الأقصى، فأزالها المقدسيون وكشفوا معادن الرجال، النبيل منها والصدئ.