تمدّدت الرأسمالية إلى أنحاء المعمورة بفضل الإمبراطوريات التي أقامها المستعمِر الغربي. فرضت هذه الإمبراطوريات عولمة قسرية، بمعنى إزالة الحواجز والحدود بين دول العالم ومناطقه المختلفة.
هنا قراءة للأشكال التي اتخذتها العولمة في الوطن العربي منذ القرن التاسع عشر. وهي أصبحت منذ ثمانينيات القرن الماضي «عولمة نيو-ليبرالية» الطابع. يُظهر النص التالي أن هذه الأخيرة، هي مشكلة العرب الكبرى. ينبغي أولاً تعريف مفاهيم التبعية والإمبريالية والتراتبية والدولة المسيطرة.

التبعية

نشأت التبعية من حاجة البلدان الصناعية الغربية إلى التحكّم بمصير بلدان العالم الأخرى، لتوفير مواد أولية لصناعاتها وأسواق لمنتجاتها. عرّف دو سانتوس التبعية بأنها حالة بلد ما تكون خياراته الاقتصادية وهيكليته وليدة احتياجات بلد أو بلدان أخرى، وموجّهة لتلبية هذه الاحتياجات (دو سانتوس، 1970: 231) وهي تبعيّة اتخذت أشكالاً مختلفة تبعاً للمراحل التاريخية المتعاقبة.
رأت مدرسة «التحديث» بعد الحرب العالمية الثانية، أن البلدان المتخلّفة هي متأخّرة فقط عن البلدان الصناعية، وسوف لا تلبث أن تلحق بها. تصدّت لهذه القراءة «مدرسة التبعية»، التي رأت أن العلاقة التي تنسجها البلدان الصناعية مع البلدان النامية تؤبّد تخلّف هذه الأخيرة. تمثّلت مدرسة التبعية بمفكرين قوميين راديكاليين غير ماركسيين كَـ دو سانتوس وكاردوزو، وبمفكرين ماركسيين أشهرهم بول باران وأندريه غوندر فرانك وإيمانويل فالرشتاين وسمير أمين (بريوير، 1990).
انتقد الباحث توني سميث في قراءة مسهبة، الطريقة الاختزالية التي قرأت بها «نظرية التبعية» علاقة بلدان العالم الثالث بالغرب. بدت هذه الاختزالية في تركيز الماركسيين على النظام الدولي (international system) بوصفه المسؤول عن تخلّف العالم الثالث، من دون إظهار الدور الذي تضطلع به القوى المحلية والنخب المحلية في إرساء حالة التخلّف هذه (سميث، 1979). بدت أيضاً، في تجاهل وجود أنظمة حكم وإدارات حكومية تختلف عن بعضها البعض في العالم الثالث، وفي قدرة البعض منها على إحداث فرق في علاقة بلدانها مع النظام الرأسمالي الدولي (المصدر نفسه: 263).
أعاب الباحث على بول باران، أنه عزى النجاح التنموي لليابان إلى عدم اهتمام القوى الاستعمارية به، وأنه أغفل دور الشروط الداخلية التي كانت وراء نجاح عملية «التصنيع المتأخّر» فيه (المصدر نفسه: 257).
أخذ الباحث أمثلة عديدة من الهند وجنوب شرق آسيا وشبه الجزيرة العربية وأفريقيا السوداء، يجمعها قاسم مشترك، هو أن الاستعمار الذي تعرّضت له، كان يرتكز إلى وجود شريك محلي، مثّلته القوى والنخب التقليدية المحلية. لعبت هذه الأخيرة دور الوكيل المحلي للاستعمار الأجنبي، وحافظت على السلطة التي كانت لها، بفضل السيطرة الاستعمارية التي وقعت بلادها تحتها (المصدر نفسه: 260).
ارتبط استخدام تعبير الإمبريالية بحقبة «الإمبراطورية الرسمية» أو الاستعمار المباشر. رأى الباحث فرد هوليداي أن مناهج العلوم الاجتماعية المختلفة في الجامعات، كعلم الاجتماع وعلم السياسة وعلم الاقتصاد، تجنّبت استخدام المصطلح. اكتسب استخدامه بالمقابل، شرعية في ميدان الدراسات التاريخية (هوليداي، 2002: 77). أطلق الباحثون اسم «إمبريالية تحرير التبادل» (free trade imperialism) على الحقبة الأولى من التوسّع الغربي في أنحاء العالم، التي جسّدتها استراتيجية إنجلترا في استتباع مناطق العالم بواسطة «الاتفاقيات التجارية غير المتكافئة» (غالاهر وروبنسون، 1953). كان موقعو تلك الاتفاقيات يلتزمون، برضاهم أو بالقوّة، فتح أسواقهم أمام المنتجات الغربية، ويتحوّلون إلى إنتاج المواد الأولية التي يحتاجها الغرب في صناعاته. امتدت تلك الحقبة بين 1820 و1870.
كان الباحث رونالد روبنسون قد بيّن، في نصه الصادر عام 1972، كيف أن العلاقة بين المستعمِر الغربي والمناطق المستتبعة، اتخذت غالباً شكل «الحكم غير المباشر» (indirect rule)، حيث تولّت النخب المحلية السلطة في إطار من التبعية للمركز الغربي (روبنسون، 1972). بيّن في نصه لعام 1984، أن استتباع دول ومناطق العالم كافة من قبل هذا المركز، استند على الدوام إلى وجود متواطئين أو متعاونين (collaborators)، وقام على أساس وجود «اتفاقات تعاون» (collaborative arrangements) بين الطرفين (روبنسون، 1984: 45).
أعقبت ذلك حقبة «الإمبراطوريات الرسمية» (formal empire) أو الاستعمار المباشر (colonialism). أظهر روبنسون أن عدم إمكان حمل الوسطاء التجاريين لإنجلترا إلى الحكم، في مرحلة «الإمبراطورية غير الرسمية» (informal empire)، حتّم على هذه الأخيرة أن تعتمد في المجال السياسي، على الأوليغارشيات الحاكمة والنخب شبه-الإقطاعية المحلية (المصدر نفسه: 46). وحين كانت «اتفاقات التعاون» غير الرسمية تتعرّض للثورة عليها، كانت إنجلترا تضطر لإعادة هيكلة هذا التعاون مع القوى المحلية، من خلال الاحتلال المباشر للبلدان المعنيّة. تمدّد الاستعمار المباشر إلى أنحاء العالم بسبب تسابق القوى العظمى الغربية إلى احتلال مناطق العالم المختلفة ليس لأسباب اقتصادية فقط، وإنما لأسباب استراتيجية أيضاً. استمرّ هذا الاستعمار من الربع الأخير من التاسع عشر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
تساءل الباحث روبنسون حول إمكان استخدام تعبير الإمبريالية خلال حقبة ما بعد الاستعمار (المصدر نفسه: 50). رأى أن المساعدات الغربية والقروض ذات المنشأ الغربي التي تخصّص للبلدان النامية، تهدف إلى خلق «تعاون» مع النخب المحلية في ميادين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية والسياسة الاقتصادية، وأنها تؤول إلى إفساد الإدارة العامة والجسم السياسي في هذه البلدان. رأى أن شروط ممارسة «إمبريالية غير رسمية» (informal imperialism) قد ازدادت كثيراً خلال حقبة ما بعد الاستعمار (المصدر نفسه: 51).

التراتبية والدولة المسيطرة

وفّرت المدرسة البنيوية لعلم العلاقات الدولية، من خلال النظريات المكوّنة لها، أي نظرية الإمبريالية ونظرية المركز والأطراف ونظرية التبعية، مفهوم التراتبية (hierarchy). أظهرت أن ثمة ناظماً للعلاقة بين دول العالم هو وجود دول تحتل أعلى الهرم الدولي، تنسج علاقات استزلام مع دول أخرى تحتل أسفل الهرم (clientelist hierarchy) (هينبوش، 2011: 213).
تتوافق المدارس الواقعية والليبرالية والبنائية والبنيوية حول وجود «دولة مسيطرة» (hegemon) في كل مرحلة تاريخية، على المستوى العالمي (هينبوش، 2006 (أ): 283). لعبت إنجلترا هذا الدور منذ مطلع القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية الثانية، وحلّت الولايات المتحدة محلّها مذ ذاك. ترى المدرسة الواقعية أن المنفعة من وجود «دولة مسيطرة»، هو أنها تحمي السلم الدولي، وتمنع تفرّد دول بعينها بممارسات تعرّض هذا السلم للخطر. وترى المدرسة الليبرالية أن الدولة المسيطرة توفر «خدمة عامة»، من خلال جعل عملتها أداة للتبادل الدولي. وهي تلتزم في هذه التدخلات بما تمليه الأعراف والمواثيق الدولية. ويرى باحثون أن «الدولة المسيطرة» تقدم للعالم أكثر مما تأخذ منه (هينبوش، 2006 (ب): 458). تنضوي هذه المقاربات تحت عنوان «نظرية الاستقرار القائم على السيطرة» (hegemonic stability theory) (المصدر نفسه: 455).
يرى باحثون من المدرسة الواقعية، والباحثون المنتمون إلى تيار البنيوية، أن هذه الصورة التقريظية لـ«الدولة المسيطرة» لا تتوافق مع الواقع. يرى الباحثون الواقعيون أن ما يردع «الدولة المسيطرة» بوجه عام، هو حالة من «توازن القوى» على المستوى الدولي (المصدر نفسه: 459). يرى الباحثون من المدرسة البنيوية أن الولايات المتحدة مارست في حقبة «الأحادية القطبية» التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة، هيمنة على المستوى الدولي غير مسبوقة، وتحوّلت إلى «إمبراطورية قائمة على القهر» (coercitive empire) (المصدر نفسه: 457).
رأى الباحث الكبير شالمرز جونسون أن الولايات المتحدة تستند في دورها كـ«إمبراطورية غير رسمية» إلى مقومات ثلاثة تجسّدها شبكة من الدول المستزلِمة لها، وقواعد عسكرية منتشرة في أنحاء المعمورة، وسيطرتها المباشرة على المناطق التي تعتبرها استراتيجية، كما حمايتها بالقوة لأشكال الهيمنة غير الرسمية التي تمارسها (المصدر نفسه: 457 ).
تُوضح المفاهيم أعلاه الشروط التي تمت بها العولمة، في الماضي كما في الحاضر. هنا عرض لهذه الشروط في المنطقة العربية. اعتمد العرض التحقيب للعولمة الذي اقترحه ريموند هينبوش (هينبوش، 2012).

1. العولمة الأولى

عبّرت السيطرة الاستعمارية عن نفسها خلال التاسع عشر، من خلال موجة أولى من العولمة (globalization I). وهي مرحلة امتدت حتى الحرب العالمية الثانية. تبعتها مرحلة ما بين العهدين، من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى آخر السبعينيات. وبدأت مرحلة عولمة ثانية نيو-ليبرالية الطابع آنذاك.

التوسّع الغربي والشرق الأوسط حتى الحرب العالمية الأولى

بدأ التوسّع الغربي في اتجاه الشرق الأوسط وشرق آسيا، كحاجة إلى الرأسمالية الناشئة، منذ القرن السادس عشر. أدى آنذاك إلى تغيير خطوط التجارة الدولية البعيدة المدى، بين الشرق والغرب، وحرمان الإمبراطورية العثمانية من منافعها. أوضح فالرشتاين وديسدلي وكاسابا، كيفية استيعاب السلطنة العثمانية في منظومة العلاقات الدولية، وتحوّلها منذ أواخر الثامن عشر إلى اقتصاد زراعي تابع (فالرشتاين وآخرون، 1987).
يمكن اعتبار اتفاقيات تحرير التجارة الخارجية التي وقعتها السلطنة عام 1838 مع إنجلترا ثم مع بقية الدول الأوروبية، منطلق تحوّلها إلى اقتصاد يوفر المواد الأولية الزراعية للاقتصادات الأوروبية، وإلى سوق لتصريف المنتجات الصناعية لهذه الاقتصادات. تخلّت السلطنة منذ ذلك الحين عن أي همّ لحماية المنتجين المحليين وبناء اقتصاد صناعي حديث، على شاكلة ما كان يحصل في الدول الأوروبية التي «أتت متأخّرة إلى التصنيع»، أي بعد إنجلترا.
تردّت مقدرة الإدارة الحكومية للسلطنة على امتداد التاسع عشر، مقابل تعاظم دور الأعيان، الذين كانوا قد احتكروا الجباية منذ الثامن عشر. بعد 1858، استطاع الأعيان أن يتملّكوا الأراضي التي كانوا يتولون الجباية منها. تحوّلوا إلى ملّاك أرض كبار، وأصبحت السلطنة، خصوصاً في الأقاليم، «دولة ملّاك الأرض».

التجزئة وملّاك الأرض ووضع اليد على البترول

كانت التحوّلات التي أحدثها الغرب بعد الحرب العالمية الأولى في المنطقة العربية هي، فرض التجزئة على هذه المنطقة، وتنصيب ملّاك الأرض كنخبة حاكمة، ووضع اليد على مصادر البترول العربي.
أشار الباحث سميث إلى تواطؤ النخب المحلية مع الاستعمار الذي تعرّضت له المنطقة العربية في مطلع القرن العشرين. تبدّى هذا التواطؤ في «التحالف» الذي عقدته إنجلترا كـ«دولة مسيطرة» مع النخب التقليدية العربية (سميث: 260).
أخلّت القوى العظمى الأوروبية بالوعود التي قطعتها للشريف حسين وأولاده، بإنشاء مملكة عربية من طوروس إلى خليج عدن، وقسّمت المنطقة إلى كيانات تقاسمت السيطرة عليها. أشار هينبوش إلى اختلاف تجربة مصطفى كمال عن التجربة العربية. تصدى الأول بالقوّة لإرادة القوى العظمى تقسيم وتفتيت تركيا، التي عبّرت عنها معاهدة سيفر. استطاع بقوّة السلاح أن يفرض تراجع الحلفاء عن مشروعهم، ويحفظ وحدة الأناضول (هينبوش، 2012: 35).
لم يستطع أبناء الشريف حسين ولا فكّروا في التصدّي بالقوة لعملية التجزئة التي فرضتها إنجلترا وفرنسا على بلاد العرب. ما لم تستطع النخب العربية أن تحقّقه، أي الحفاظ على وحدة بلادها التاريخية، استطاعت دول أخرى أن تحقّقه. حافظت الصين كما الهند على إرثهما كإمبراطوريتين تاريخيتين، ومنعتا الغرب وعلى رأسه إنجلترا، من تقسيمهما إلى كيانات عديدة.
أورثت الحرب العالمية الأولى المنطقة العربية دولاً تحكمها نخب ملّاك الأرض الكبار. كان الاستعمار المباشر قد ثبّت حضور هؤلاء بوصفهم نخبة سياسية في مصر منذ احتلالها عام 1882. كما ثبّت حضور هؤلاء في سوريا والعراق بعد إنشاء هذين الكيانين في مطلع العشرينيات.
كانت التجزئة التي أحدثها الاستعمار للعالم العربي، هي الأولى في تاريخه الطويل. نجم عن تجزئة البلاد العربية ظهور كيانات صغيرة عائمة على البترول، وأخرى لديها مقومات بشرية لكن لا موارد لديها. حكمت علاقة من الخوف والتوجّس علاقة هذه الكيانات بعضها مع البعض الآخر. وارتبطت كلها بالمركز الغربي الذي دخلت في علاقة استزلام له.
انتقلت إنجلترا إلى استخدام النفط بديلاً من الفحم الحجري في بوارجها الحربية منذ 1914. وجدت في النفط العربي مصدراً لموارد الطاقة التي تحتاج إليها (هوليداي، 2005: 83). ربطت الاتفاقيات المعقودة بين مشيخات الخليج وإنجلترا هذه الكيانات المصطنعة بحاجات إنجلترا والغرب من النفط. ألغت التجزئة، بعد ظهور البترول كثروة للعرب، إمكان استخدام هذه الثروة في تمويل تنمية تنقل هؤلاء إلى مرحلة الدول الصناعية.

2. مرحلة الانحسار النسبي للسيطرة الغربية

عاشت البلدان الصناعية تجربة نمو فعلية، وعاشت البلدان النامية تجربة نمو وبناء للدولة الوطنية، بين آخر الحرب العالمية الثانية وآخر عقد السبعينيات (interregnum).

الكينزية وسيطرة رأس المال المنتج

لم يكن الاقتصاديون على اختلاف مشاربهم يتوقعون أن تكون حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية مختلفة كثيراً عن حقبة الثلاثينيات، لجهة استمرار الكساد وضعف معدلات النمو. كانت «الثلاثون المظفّرة» بين 1945 و1975، مفاجأة للجميع لجهة معدلات النمو المرتفعة التي عرفتها البلدان الغربية، مترافقة مع انعدام التضخّم وعمالة كاملة. مارست كتابات كينز الإصلاحية الراديكالية تأثيراً كبيراً على متخذي القرار بعد الحرب العالمية الثانية. ذهب كينز إلى أن التناقض الرئيسي داخل النظام الرأسمالي هو ذلك القائم بين «أصحاب الريوع المالية (financial rentiers) من جهة، وبين الفئات غير الريعية في الاقتصاد، ممثلة بالرأسماليين الصناعيين والعاملين بأجر. أظهر أن سيطرة أصحاب الريوع المالية هي التي تسبّبت على مدى الثلاثينيات بحالة الكساد الكبير آنذاك. أظهر أن سيطرة هؤلاء جعلت المستثمرين يتخلّون عن الاستثمار المنتج ويتحوّلون إلى المضاربة في البورصة (سيكاريسيا ولافوا، 1989: 57). أكّد الباحثون الما-بعد كينزيون هذه الحقيقة من خلال المعطيات التي وفروها عن الاقتصادات الغربية، والتي أثبتت تلازم سيطرة أصحاب الريوع المالية مع انخفاض الاستثمار المنتج ووجود حالة كساد كبير في الثلاثينيات (المصدر نفسه: 63).
ذهب كينز في كتاباته أواخر الثلاثينيات إلى حد القول إنه إذا أضرب المستثمرون عن الاستثمار المنتج، فإن على الدولة أن تحل محلّهم في هذا المجال. وذلك من خلال تخطيط الاستثمار، وأن تتولاه بنفسها محل القطاع الخاص (المصدر نفسه: 58). عكست السياسة الاقتصادية المتّبعة في البلدان الغربية بعد الحرب العالمية الثانية هذا الأمر. حلّت الدولة محل القطاع الخاص في القطاعات الإنتاجية الرئيسية وفي التمويل، من خلال التأميمات للمصارف والشركات الإنتاجية الكبرى في بداية الحقبة. كانت «الثلاثون المظفّرة» حقبة سيطرة تحالف جمع الدولة والنقابات العمالية والأحزاب المعبّرة عنها، في تجربة من النمو لم يسبق أن عرفها النظام الرأسمالي في أي وقت.

أفول «دولة ملّاك الأرض» في العالم العربي

تخصّصت دول العالم العربي المجزأة في الإنتاج الزراعي المعد للتصدير. أتاحت حقبتا الثلاثينيات والحرب العالمية الثانية لها، تطوير قطاع صناعي محلّي يقتصر على إنتاج السلع الاستهلاكية الخفيفة. كان النمو الاقتصادي المستند إلى تصدير السلع الزراعية والمتحقّق بعد الاستقلال محدود الأهمية. بل لقد أخذت القدرة على التصدير تتراجع في بلد كسوريا حتى 1958، كما يوضح ذلك هينبوش. يتفق الباحثون على إطلاق صفة «دولة ملّاك الأرض» (landlord-dominated state) على الدولة السورية حتى 1958. لم يكن ممكناً تحقيق إصلاح زراعي يحسّن الإنتاج وشروط حياة العاملين في الزراعة، الذين كان 60% منهم، مرابعين وأجراء، من دون أرض (هينبوش، 1990: 40).

نشأت التبعية من حاجة البلدان الصناعية الغربية إلى التحكّم بمصير بلدان العالم الأخرى
كان 2% من سكان الريف، ممثلين بملّاك الأرض والوسطاء يحصلون على 50-60% من الدخل الزراعي عام 1960 (المصدر نفسه: 37)، وكانت نسبة من يعانون من الفقر المدقع عام 1948، تبلغ نصف السكان (المصدر نفسه: 38). كان ملّاك الأرض يعارضون بناء صوامع للحبوب، ليتاح لهم خلق ندرة مصطنعة والتحكّم بالأسعار (المصدر نفسه: 46). ولم يكن ممكناً تطوير إنتاجية القطاع الزراعي لأن الدولة لم تكن قادرة على تطوير هذا القطاع، من خلال إقامة السدود على وجه الخصوص. وذلك بحكم كونها دولة «ليبرالية» تعطي الأولوية للحفاظ على توازن الموازنة العامة، وتطبّق مبدأ «اليد المرفوعة»، أي عدم تحمّل أية مسؤولية في ميدان الاستثمار.
لم تكن شرعية نخبة «ملّاك الأرض» مرتفعة في أي وقت. فقدت «دولة ملّاك الأرض» شرعيتها على نحو إضافي بعد نكبة 1948، وفشل الجيوش العربية في منع إنشاء دولة إسرائيل. وانهارت هذه الشرعية أكثر في بلد كسوريا، بفعل تراجع الإنتاج والتصدير في القطاع الزراعي، ووجود تعبئة قومية استثنائية داخل الشرائح الاجتماعية الوسطى. أدى ذلك كله إلى حصول أكثر من انقلاب في العالم العربي عام 1958، وإلى إنشاء دولة الوحدة بين مصر وسوريا في ذلك العام، وإلى تأميم الأرض الذي تم في مصر وسوريا والعراق. دخل العالم العربي نتيجة ذلك عصراً جديداً، هو عصر «الجمهوريات الراديكالية».

«استبدال الواردات» وبناء الدول الوطنية

في نص لعلّه الأفضل في ما كُتِب حول تجربة «استبدال الواردات»، استعاد الأكاديمي البريطاني هنري بريتون النقاش النظري المؤسّس للتجربة، مُظهراً الدور الهام الذي لعبه في أواخر عقد الأربعينيات، الأرجنتيني راوول بريبيش في دعوة البلدان النامية إلى الخروج من «التقسيم الدولي للعمل» المفروض عليها آنذاك، بوصفها منتجة ومصدِّرة للمواد الأولية الزراعية والمنجمية، واستبدال ما تستورده من سلع صناعية بإنتاج محلي لهذه السلع، مهما كانت كلفة هذا الإنتاج (بريتون، 1998: 905). كانت حجة بريبيش الرئيسية هي «انهيار حدود التبادل»، أو تراجع ما تحصل عليه البلدان النامية، مقابل ما تصدّره إلى الدول الصناعية. هذا «التشاؤم بشأن الصادرات» (واتربري، 1999: 331)، أكّدته كتابات غالبية الاقتصاديين آنذاك، التي كانت تتوقّع عودة حالة الكساد إلى الاقتصادات الغربية، كما كان الأمر خلال الثلاثينيات، واعتماد دول الغرب سياسات حمائية للزراعة.
تأثّرت التجربة بأفكار اقتصاديين آخرين كـ أرتير لويس وهارود وغيرهما، الذين اختصروا النمو إلى مراكمة لرأس المال الصناعي. أصبح همّ البلدان النامية تشجيع الاستثمار المحلي وخلق صناعات جديدة موجّهة حصراً لخدمة الطلب الداخلي. لكن هذه البلدان التي استسهلت إنتاج سلع استهلاكية خفيفة ومعمّرة، كانت تضطر أن تستورد مدخلات هذه السلع وقطع الغيار المكوّنة لها من الأسواق الغربية. الأمر الذي جعل فاتورة الاستيراد تمثّل عبئاً كبيراً على موازين المدفوعات. استبدلت هذه البلدان تبعيتها السابقة تجاه الأسواق الدولية، كمصدّرة للمواد الأولية، بتبعيّة جديدة، عبّر عنها استيرادها الكثيف للآلات والتجهيزات وقطع الغيار.
عمدت البلدان النامية لخفض الاستيراد لباقي السلع، من خلال العوائق الجمركية والكميّة التي فرضتها عليها، ومن خلال جملة أخرى من الأدوات، كانت أهمها الرقابة على القطع الأجنبي وتقنين استخدامه. وكان الإجراء الأهم لتشجيع الاستثمار الذي أخذت به، هو اعتماد أسعار صرف مرتفعة لعملاتها، تخفّض الكلفة بالعملة الوطنية لمستورداتها من السلع التجهيزية وقطع الغيار. أتاحت حماية السوق الداخلية بالرسوم الجمركية وغيرها، تأمين أسواق تصريف للإنتاج الصناعي المحقّق. تحقّقت آنذاك عملية نمو فعلية لتلك الاقتصادات.
تنطبق هذه الصورة على البلدان النامية كافة، أي تلك التي لعبت فيها الدولة دوراً تدخلياً كبيراً لجهة الحلول محل القطاع الخاص في الاستثمار الصناعي، أو تلك التي تولّى فيها القطاع الخاص هذا اللستثمار. أشار واتربري إلى الدور المهم الذي لعبه الاتحاد السوفياتي منذ أيام خروتشوف أواخر الخمسينيات، في إنجاح هذه الاستراتيجية. وذلك من خلال «اتفاقيات المقايضة» التي بدأ العمل بها عام 1957، وكانت تتيح لبلدان العالم الثالث الحصول على الآلات والتجهيزات الصناعية التي تحتاج إليها، مقابل ما تصدره إلى الاتحاد السوفياتي من مواد أولية وسلع استهلاكية (واتربري، 1999: 333).

الجمهوريات الراديكالية العربية

ينطبق العرض حول «استبدال الواردات» على ما حصل في الدول العربية الرئيسية لجهة حجمها الديمغرافي ودورها التاريخي. أدّت تأميمات الخمسينيات إلى إضراب القطاع الخاص عن الاستثمار في مصر. وأخذت مصر وسوريا والعراق مواقف أكثر راديكالية على المستوى الداخلي منذ مطلع الستينيات، تمثّلت بتأميم الملكية الخاصة الصناعية بعد تأميم الأرض. نجم عن التأميمات في مصر حتى 1961، والتأميمات في سوريا عام 1964، إلغاء حضور القطاع الخاص في قطاعي الزراعة والصناعة، وحلول الدولة محل هذا الأخير في هذين المجالين، كما في مجال الاستيراد والتصدير.
كانت الستينيات فترة بناء للقطاع الصناعي في مصر بدعم مباشر من الاتحاد السوفياتي، وتطوير للزراعة من خلال بناء سد أسوان. يقول إريك رولو إنّ السوفيات بنوا قطاعات الصناعات الثقيلة في مصر بكاملها خلال بضع سنوات (رولو، 2012). وانحصر الاستثمار العام في سوريا خلال الستينيات في مشروعين كبيرين هما الاستثمار في استخراج النفط وبناء سد الفرات. انتظر بناء قطاع صناعي عام في سوريا حقبة ما بعد 1973، وتوفّر مساعدات عربية أقرّتها المؤتمرات العربية لسوريا بوصفها دولة مواجهة. جرى شراء المجمعات الصناعية السورية وبناؤها خلال ذلك العقد على طريقة «مفتاح باليد» (داغر، 2001: 33- 38).
لم تعد هناك نخب استثمارية من القطاع الخاص موجودة يمكن للدولة أن تؤسس معها «مشاريع مشتركة» (joint projects)، على شاكلة ما حصل في نماذج «الدولة التنموية» في اليابان وكوريا وتايوان.
الأمر الآخر المهم في تلك التجارب هو اعتمادها سياسات اجتماعية تمثّلت بـ«سياسات دعم الطلب الشعبي على السلع الاستهلاكية»، من خلال تحمّل الدولة عبء توفير هذه السلع للمستهلكين بأسعار هي دون أسعار السوق، وبتأميم الطبابة والتعليم وجعلهما مجانيّين للكلّ (هينبوش، 1993: 182). وقد خفّضت تلك السياسات التفاوت في الدخل مقارنة بما كان قائماً في جمهوريات «ملّاك الأرض»، وكان مردودها الأهم هو على صعيد النمو الديمغرافي، الذي كان كبيراً في تلك البلدان.
ترافق احتلال الدولة موقعاً رئيسياً في الاقتصاد، مع إقامة أنظمة «الحزب الواحد» في تلك التجارب. أطلق الباحثون على الأنظمة الراديكالية العربية صفة «الشعبوية السلطوية» (authoritarian populism) (هينبوش، 1990: 2).

أميركا وحروبها السرية والثورات المضادّة ومشاريع التقسيم

حدّد هدفان علاقة الولايات المتحدة مع العالم العربي بدءاً من الخمسينيات: 1) ضمان استمرار ضخ النفط إلى دول الغرب، «بشروطها هي» وبأسعار منخفضة. 2) حماية دولة إسرائيل.
سعت الولايات المتحدة إلى مواجهة نفوذ الاتحاد السوفياتي في الدول العربية، والتصدي لموجة القومية العربية الكاسحة آنذاك، لئلا يعرّضا متابعة هذين الهدفين للخطر. مثّلت مصر أيام عبد الناصر وسوريا والعراق بعد 1958، نماذج لـ«الجمهوريات الراديكالية» العربية «المتمرّدة» على التبعية لأميركا. أقام هينبوش تقابلاً بين هذه الأخيرة وبين تلك التي «مشت في الصف» وراء الولايات المتحدة كـ«دولة مسيطرة» (هينبوش، 2011: 224).
كانت «الحروب السريّة» التي أشرعتها الولايات المتحدة من خلال دور السي آي إيه، والتي جسّد الانقلاب ضد مصدّق في إيران باكورتها، نموذجاً لتدخلات هذه «الدولة المسيطرة» في المنطقة. وضعت الولايات المتحدة موضع التطبيق استراتيجية «التصدي لحركات التحرّر الوطني» (counter insurgency)، منذ أيام كينيدي. كانت وسيلتها في ذلك، «المنظمات المضادة» (counter organizations) التي عملت على بنائها وتحضيرها للمواجهات الداخلية. أوضح تأريخ تشمبرلن لـ«الثورة المضادة» في البلدان العربية، كيف أن إدخال القوى التي تعتمد الخطاب الديني والتعبئة على أساس شعارات دينية إلى الساحة السياسية، كان الوسيلة التي اعتمدتها الولايات المتحدة للتصدي لموجة القومية العربية وضربها، خصوصاً في مصر. صنّف ألبر داغر الحرب الأهلية التي افتعلتها الولايات المتحدة عام 1975 في لبنان، في فئة الحروب التي توخّت فرض «تقسيم أيديولوجي» على البلدان التي حصلت فيها. وذلك لحماية النخب الموالية للغرب، والأنظمة السياسية التابعة له (داغر، 2014).
* أستاذ جامعي

المراجع

Alnasrawi Abbas, Arab Nationalism, Oil and the Political Economy of Dependency, New York and London: Greenwood Press, 1991.
Brewer Anthony, “Dependency Theories”, in Brewer A., Marxist Theories of Imperialism: A Critical Survey, London: Routledge, second edition, 1990, pp. 161-199.
Bruton Henry, “ A Reconsideration of Import Substitution”, in Journal of Economic Literature, vol. 35, June 1998, pp. 903-936.
Dornbusch Rudiger, Stanley Fischer, Macroeconomics, McGraw-Hill, Fifth edition, 1990.
Dos Santos Theotonio, “The Structure of Dependence”, in American Economic Review, Vol. 60, May, 1970, pp. 231-236.
Gallagher J, Ronald Robinson, “The Imperialism of Free Trade”, in Economic History Review, 2nd series, 6, 1, 1953, pp. 1-15.
Gore Charles, “The Rise and Fall of the Washington consensus as a Paradigm for Developing Countries”, in World Development, vol. 28, No5, pp. 789-804, 2000.
Halliday Fred, “ The Pertinence of Imperialism”, in Mark Rupert, Hazel Smith (eds.), Historical Materialism and Globalization, London, Routledge, 2002, pp. 75-90.
Halliday Fred. The Middle East in International Relations: Power, Politics and Ideology. Cambridge, UK: Cambridge University Press, 2005.
Hinnebusch Raymond, “Globalization, the highest stage of imperialism: core-periphery dynamics”, in Stetter S. (ed.). The Middle East and Globalization: Encounters and Horizons, Palgrave Macmillan, 2012, pp. 21-40.
Hinnebusch Raymond, “Hegemonic Stability Reconsidered: Implications of the Iraq War”, in Rick Fawn, Raymond Hinnebusch (eds.), The Iraq war: causes and consequences, Boulder : Lynne Rienner Publishers, 2006 (a), pp. 283-322.
Hinnebusch Raymond, “Syria”, in Tim Niblock, Emma Murphy (eds.), Economic and Political Liberalization in the Middle East, British Academic Press, London, N.Y., 1993, pp. 177-201.
Hinnebusch Raymond, “The Iraq War and International Relations: Implications for Small States”, Cambridge Review of International Affairs, 19, 3, 2006 (b), pp. 451-463.
Hinnebusch Raymond, “The Middle East in the world hierarchy: imperialism and resistance”, in: Journal of International Relations and Development, vol 14, n. 2, 2011, pp. 213-246.
Hinnebusch Raymond, Authoritarian Power and State Formation in Ba’thist Syria: Army, Party and Peasant, Westview Press, Boulder, Oxford, 1990.
Owen Roger, “An overview of contemporary Arab Economic experience with an argument concerning the general causes of its failure to develop beyond rent”, Working paper, 12 May 2015, 6 pages.
Palma Gabriel, « The “Three Routes” to Financial Crises: Chile, Mexico, and Argentina [1] ; Brazil [2] ; and Korea, Malaysia and Thailand [3] », in J. Eatwell, L. Taylor (eds.), International Capital Markets: Systems in Transition, Oxford University Press, 2002; reprinted in Chang Ha-Joon (ed.), Rethinking Development Economics, Anthem Press, 2003, pp. 347-376
Robinson Ronald, “Imperial Theory and the Question of Imperialism after Empire”, In The Journal of Imperial and Communwealth History, 12: 2, 1984, pp. 42–54.
Robinson Ronald, “Non-European Foundations of European Imperialism: Sketch for a Theory of Collaboration’, in Owen, Roger, Robert Sutcliff (eds.), Studies in the theory of imperialism, London : Longman, 1972, pp. 117-140.
Seccareccia M., A. Parguez, “Les politiques d’inflation zéro: la vraie cause de la hausse tendancielle du chômage dans les pays occidentaux”, Working Papers - Département de sciences économiques-Université d’Ottawa, 22 pages.
Seccareccia M., M. Lavoie, “Les idées révolutionnaires de Keynes en politique économique et le déclin du capitalisme rentier”, in Economie Appliquée, n. 1, 1989, pp. (47-69)
Seccareccia, M. and M. Lavoie, "Income Distribution, Rentiers and their Role in a Capitalist Economy: A Keynes-Pasinetti Perspective", in Institute for New Economic Thinking (INET) Conference: Liberté, Egalité, Fragilité, Paris, April 8-11, 2015.
Smith, Tony. 1979. “The Underdevelopment of Development Literature: The Case of Dependency Theory”, in World Politics. 31(2):247-288.
Valter Stéphane, “Les tensions internationales, les BRICs et l’Egypte”, In Séminaire BRICs à la F.M.S.H., le 23/ 2/ 2017, 21 pages.
Wallerstein I, H. decdeli, R. Kasaba, “The Incorporation of The Ottoman Empire into the World Economy”, in Huri Islamoglu-Inan (ed.), The Ottoman Empire and the World Economy, Cambridge, U.K: Cambridge University Press, 1987, pp. 88-97.

Waterbury John, "The Long Gestation and Brief Triumph of Import Substituting Industrialization”, in World Development, vol. 27, no. 2, 1999, pp. 323-341.
أريك رولو، في كواليس الشرق الأوسط: 1952-2012، فصول من الكتاب، نشرت في السفير، 5-12/ 12/ 2012.
ألبر داغر، "التحديات الاقتصادية والتنموية التى تواجه سوريا ولبنان في ظل المتغيرات الاقليمية والدولية"، نُشِرت في الملحق الاقتصادي لصحيفة البعث، في 6 و27 حزيران و11 و 18 تموز، 2000، وفي مجلة الدفاع الوطني اللبناني، العدد 33، حزيران 2000، ص. 87 – 145، وفي صحيفة السفير، بتاريخ 11 و 13 و15 و 21 كانون الاول 2000، ثم أعيد نشرها في ألبر داغر، لبنان وسوريا: التحديات الاقتصادية والسياسات المطلوبة، دار النهار، 2001، 241 صفحة ، ص. 17 - 92 .
ألبر داغر، "الولايات المتحدة والمشرق العربي: بيان للاسـتنهاض القومي"، الأخبار، 13، 14 و 18 /11 / 2014؛ أعيد نشرها تحت عنوان: " بيان للإستنهاض القومي: الحركة المشرقية في مواجهة العدوان الأميركي"، مركز التقدم الأردني للتنمية والثقافة، 2015، 47 صفحة.
محمد عبد الشفيع عيسى (أ)، "مصر: محاورة نقدية مع إيديولوجيا الليبرالية الجديدة وحواشيها الإجتماعية"، الأخبار، 26/ 1/ 2017.
محمد عبد الشفيع عيسى (ب)، "كيف تكوّنت الايديولوجية السائدة في مصر الآن؟"، الأخبار، 10/ 3/ 2017.
وزارة التخطيط والتعاون الدولي، "الإطار الإستراتيجي لخطة التنمية الإقتصادية والإجتماعية، 2012-2022"، نوفمبر 2012، 203 صفحات.